أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ندى الدمشاوي - المهمشون في الأرض














المزيد.....


المهمشون في الأرض


ندى الدمشاوي

الحوار المتمدن-العدد: 5424 - 2017 / 2 / 6 - 22:16
المحور: الادب والفن
    


كان " ثقافة الهامش " عنوان مؤتمر ادباء الأقاليم في دورته الحادية و الثلاثون في محافظة " المنيا " و هذا المؤتمر بإختصار كما يتضح من اسمه يجمع بين شعراء و قصّاصين و روائيين من جميع محافظات مصر يحضرون من الغرب و الشرق و الشمال و الجنوب للإلتقاء ببعضهم البعض و عمل مناقشات و سهرات و تبادلات فكرية و ادبية ، و كان لي نصيب ان احضر هذه المره و مالفت نظري بشدة هو روتينية حفل الافتتاح و انحدار المشهد الذي اُخرِج للحاضرين بشكل سخيف لا يليق باسمه حتى ، و بدأ بعرض عن المنيا و رموزها و عرض مسرحي خطابي جدا يظهر فيه الملك الفرعوني " إخناتون " و هو ليس فيه من ملامح الملكية شيء ، و بعض الفرعونيات يرتدين شعر مستعار فوق حجابهم الكامل ! و امرأه ستينية جاءت كي تزغرد في منتصف العرض عدة مرات متتالية ، و كعادة أي فعالية تحدث على ارضنا الحبيبة تأخر الموعد المزمع فيه إقامة المؤتمر ساعتين او ما يزيد في إنتظار تشريف السيد الوزير و السيد المحافظ و شخصيات اخرى يجلسون تكملة للمشهد إلى جوار الوزير على المسرح و يبدأون في الخطابة المطولة غير المُجدية و التي اكتشفت بعد انتهاء فعاليات افتتاح المؤتمر من المواظبين على حضوره كل عام انها لا تحمل أي جديد أو تغير عن سابقاتها في الأعوام المنصرمة ! هكذا تم افتتاح المؤتمر بحمد الله و انتقلنا الى ثلاثة ايام متتالية من اللاشيء ! كل ما استفدته انا شخصيا حضور حفل من خمسة عازفي عود لكل منهم لونه المختلف و التي استمتعت بها حقا و ايضا كان هناك معرض للكتب الصادرة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بأسعار مناسبة ، بخلاف هذا بدأ المؤتمر و انتهى و انا اكاد اجزم ان اهالي محافظة المنيا الكرام لم يشعروا ان شيئا قد حدث ! و بالطبع كان هناك مجموعة من الأدباء المحترمين الذين يقدمون ادبا حقيقيا و يجتهدون و ينفقون من اموالهم الخاصة على مثل تلك الفعاليات و الذين حضروا على هامش المؤتمر و هؤلاء هم المكسب الحقيقي في هذا المؤتمر .

هذا بالضبط يشرح جزءا من وضع الثقافة الجماهيرية في مصر ، فناهيك عن الفساد الذي تعج به قصور الثقافة في المدن و المحافظات المختلفة و عن وجود العديد من أنصاف المبدعين كاسبي ارزاقهم من الفعاليات المزعومه التي تحدث على الورق فقط و توزيع قيمة الدعم الخاصة بها على بعضهم البعض ، و يقوم هؤلاء المرتزقة بمصادرة لأي شخصية تحاول ان تقدم فنا حقيقيا او تحاول ان تخترق منابرهم التي من المفترض انها متاحة للجميع لئلا يشاركوهم في تلك العمليات المربحة هذا بالضبط ما يحدث داخل بلادنا فقط لمجرد أن تستطيع كتابة مسرحية و تنفذها دون حرب يضيع فيها شباب و شرف عائلات أو كي تستطيع أن تطبع كتابا في مطابع الدولة دون ان تنتظر بالسنوات حتى يجد الورثة أنفسهم امام كتاب طُبع لتوه للجد الذي لم يمهله القدر أن يرى ثمرة إبداعه ، الفساد عشش في تفاصيل المجتمع حتى اصبح مجرد عزفك مقطوعة موسيقية في مكان تستطيع ان تراك فيه الجماهير التي هي بالأساس في حاجة ماسة إليك أمر يندر حدوثه إلا إذا استطعت أن تنفذ بآلتك الموسيقية إلى الحدائق العامة - في حال وجود حدائق عامة - أو تجد نفسك بعد أن قضيت سنوات في مطالعة الكتب التي تتحدث عن نظريات التمثيل و متباعة للسينما أو المسرح العالمي و بعد مشاركتك في ورشات لأصدقاء أو صنعتها بنفسك و لنفسك في منزلك او غرفتك المتواضعه انك مضطر لقبول دور هامشي في مسلسل عديم الطعم و اللون و الرائحة .

و نجد على الجانب الاخر بعض المراكز الثقافية و الفنية المستقلة التي لا تجد سبلا ميسرة للدعم أو أماكن متوفرة لعرض منتجها ، و على الرغم من ذلك فنستطيع القول حقا ان هذه المراكز المنتشرة - و التي اصبحت فكرة متداولة بين الشباب - هي المنافس الحقيقي لمنتج الدولة الثقافي الرديء الفاقد للحس الفني و الإداري ، فهي لا تستهلك الإجراءات الروتينية المعقدة و لا تمنع احدا غير مرغوب فيه على مستوى الإدارة من عرض افكاره و فنه على الجمهور ، و الأمثلة عديدة على ذلك و يكفي أن نذكر " ساقية الصاوي " او ما على شاكلتها من مؤسسات أقل شهرة و توسعا في الأقاليم ، و من مميزات هذه المراكز ايضا انها لا تساهم في إهدار ميزانيات الدولة ، حيث يحضرني تصريح وزير الثقافة دكتور / حلمي النمنم في المؤتمر المذكور بأن اكثر من 85٪ من ميزانية وزارة الثقافة تذهب إلى رواتب العاملين - الصوريين - في الوزارة و فروعها و هيئاتها ، فربما تكون الدولة في يوم قريب على قدر من الشجاعة التي تجعلها تتخلى عن خدمات هؤلاء الماصين للميزانية في سبيل دعم هذه المراكز و المؤسسات المستقلة و تنشيط عمل هيئات الثقافة الجماهيرية من خلال هذه الكوادر و استيعاب طاقاتهم و قدراتهم الحقيقية و التي تكون في أغلب الاحيان تطوعية غير منتظرة لراتب او مكافئة مقتطعة من ثمن دعم فعالية صورية .

الفساد يجثم على صدر المجتمع و الفن و الإبداع و الفكر الحر و الإنطلاق الجمالي و هو الخطورة الحقيقية التي تواجهنا في وطننا ، المواجهة طويلة و شرسة و معقدة لأنها تتماس مع مصالح الكثيرين الذين اعتلوا مناصب و نهبوا اموالا عامة و حققوا مراكز إجتماعية لم يستحقوها و لم يحلموا بها يوما ، إذا كنتم تريدون ان تصنعوا مجتمع فيه من الوعي و الصلابة الفكرية ما يكفي لمواجهة الظلامية و الإرهاب فمكنّوا " الهامش " و اتركوا له الساحات .



#ندى_الدمشاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعجاز بين التراث و العلم


المزيد.....




- الجزء الثاني من الفيلم الناجح -Freakier Friday- أصبح جاهزاً ...
- مسجد إيفري كوركورون الكبير.. أحد معالم التراث الثقافي الوطني ...
- من دون زي مدرسي ولا كتب.. طلاب غزة يعودون لمدارسهم المدمرة
- فنان مصري يتصدر الترند ببرنامج مميز في رمضان
- مجلس أمناء المتحف الوطني العماني يناقش إنشاء فرع لمتحف الإرم ...
- هوليوود تجتاح سباقات فورمولا1.. وهاميلتون يكشف عن مشاهد -غير ...
- ميغان ماركل تثير اشمئزاز المشاهدين بخطأ فادح في المطبخ: -هذا ...
- بالألوان الزاهية وعلى أنغام الموسيقى.. الآلاف يحتفلون في كات ...
- تنوع ثقافي وإبداعي في مكان واحد.. افتتاح الأسبوع الرابع لموض ...
- “معاوية” يكشف عن الهشاشة الفكرية والسياسية للطائفيين في العر ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ندى الدمشاوي - المهمشون في الأرض