أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بان علي - أُمومةٌ مقيدة














المزيد.....

أُمومةٌ مقيدة


بان علي

الحوار المتمدن-العدد: 5420 - 2017 / 2 / 2 - 02:08
المحور: الادب والفن
    


أذكرُ جيدًا ذلك اليوم الّذي قررتُ فيهِ أنْ أتبنى طفلًا، وأنْ أكون أمًّا صالحة و جديرة بالأمومةِ دون أنْ أرتكب قرارًا تَعسُّفيًّا بالزواج، كان ذلك في التاسعةِ عشر من عمري، وكان الطفل يبدو وديعًا وقريبًا مني لدرجةٍ أصبحتُ أقرأ فيهِ ذاتي المتهالكة، مثل بيتٍ نُسفت جدرانه بمدافعِ الحروب، طفلٌ يحوي بداخلهِ الكثير من الخبايا والقصص الّذي أكل نصفها التراب بينما تفضل عليّ بالنصفِ الآخرِ منها، كبرت، ولن أكتفي بطفلٍ واحدٍ رغم إنّني كنتُ أعرفُ جيدًا إنَّ مسؤوليًة كهذهِ تتطلبُ الكثير من الصبرِ والحبّ اللا منطقي والكثير الكثير من الندمِ أحيانًا.
كان طفلي الثّاني يانعًا بما فيهِ الكفاية، و لستُ أدري ما السر الّذي جعلني أنجذب نحوه بكلّ هذا الشغف الكبير حتى إنّني عشتُ معه قصة حبّ على مرِ ثَلاث مائة ورقة أنتهت بيومين سعيدين بلا أدنى شعور!
كبرت وكبرت معي رغبتي الملحة في التبني، فبعد أنْ أصبحتُ في الخامس والثلاثون من عمري قررتُ أن أتبنى المزيد من الأطفال ولإنّني أمٌّ صالحةٌ بما يكفي أستغرقتُ الكثير من الوقت لتشذيب ذاتي وتكييفها لتكون جديرة بكلّ هؤلاء الأطفال، حتى إنّني ولفرط حبي كنت أشعر بشيءٍ من التقصير تجاهم، ذلك التقصير الّذي ينتجُ عن الإنغماسِ الكبيرِ في الآخر.
بعد أنْ أصبح عدد أطفالي ما يقاربُ العشرون طفلًا قررت أنّ أُنشأ بيتًا صغيرًا يضمُ عائلتي الجديدة، لكن يبدو إنَّ الأمر ليس سهلًا مثلما كنت أظن وإنَّ الحفاظ عليهم كان يتطلبُ عالمًا مثاليًا وخاليًا من الأشرار أكثر من بيتٍ خشبيّ يأوي أرواحهم الطاهرة، لقد فقدتُ أحد أطفالي بقصةٍ تراجيديةٍ وعنيفةٍ بعض الشيء، ذلك لأن الأشرار أصغر من أن يتصالحوا مع النور ولأن طفلي كان يشعُ بنورهِ بعيدًا حيث اللا حدود عمدوا على قتلهِ بسكينِ جهلهم، سقط الطفل الصغير من يدي بينما كنت أراقبُ تدحرج الحروف من بين طيات الورق وهي تصرخُ وتندبُ حظها الّذي تعثر بأمٍّ مسكينةٍ مثلي !
*****
كتبت مارينا هذا النص بعد أن مُزق أحد الكتب الّتي تحتضنها مكتبتها الصغيرة، عُثر عليهِ في الدرجِ الأخيرِ للمكتبة، وفي حينٍ آخر تمّت قراءته على مسامعِ الجمهور، في الحفل التكريميّ لجائزة نوبل للأداب، بعد وفاتها بسنتين عن عمرٍ ناهز الستون عامًا.



#بان_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مُحاربة الابتزاز الإلكتروني
- المرأة بين وطأة الأديان و أيديولوجيا الحضارات
- ماذا لو سار الزمن فيّنا إلى الوراء ؟
- ماذا تعرف عن شارع المتنبي ؟
- إني ولدتُ حُرّة


المزيد.....




- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بان علي - أُمومةٌ مقيدة