أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد اللطيف بن سالم - هل أن في بيتنا أمريكا ؟















المزيد.....

هل أن في بيتنا أمريكا ؟


عبد اللطيف بن سالم

الحوار المتمدن-العدد: 5420 - 2017 / 2 / 2 - 02:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


زواجنا في الماضي كان متعة اجتماعيّة يأتي فيه كلّ طرف من المتزاوجين إلى الآخر محمّلا بأمانيه وأحلامه ورؤاه ومشاريعه المستقبلية ليتعاون على تحقيقها وإنجازها مع الطرف الآخر ...
ويأتي كلّ واحد منهما إلى الآخر ل « يُكمل نصف دينه » ويكتمل، أعني تكتمل شخصيّته في مختلف أبعادها الوجوديّة والوجدانيّة منها والماديّة والعمليّة بكلّ ما تقتضيه هذه الأبعاد من معرفة وسلوك. زواجنا في الماضي عندما كانت المبادئ والقيم الإنسانيّة تغذي أرواحنا وعقولنا كنّا نزداد به حبّا في الحياة وتعلّقا بها. كان بالفعل مؤسسة اجتماعيّة يحتاجها كلّ إنسان منّا ولا يفكر الاّ بها كما لو كانت غايته القصوى في هذه الحياة، لأنّه كان يرى في الزواج التقدّم بنفسه في طريق مستقبل أفضل ممّا لو بقي وحده في هذه الدنيا لا رافد له ولا سند خصوصا وأنّه كان يسمع ما يتردّد بين الناس من أن «وراء كل إمرأة عظيمة رجلا» وكانت هذه الأقول صحيحة بالفعل مع الكثير من الرّجال والكثير من النساء لِما كان يسودُ بين الجنسين من الثّقة المتبادلة والرّغبة في التعاون الصادق البنّاء ولما كان يعرفه كل من المتزاوجين من الحقوق والواجبات، كما ان كلّ واحد يعرف بالفطرة المؤكّدة بالعقل الوضع الذي هو فيه والدّور المناط بعهدته إزاء نفسه وإزاء قرينه وإزاء المجتمع الذي هو فيه.
وتأكيدا لذلك كانت تروى قصص عديدة لعظماء الرجال وعظيمات النساء الذين نجحوا واللاتي نجحن في هذه المهمّة خير نجاح ولنا في طه حسين الأديب المصري المشهور أبرز مثال على ذلك فقد كانت زوجته رغم أنّها أجنبية واقفة دوما الى جانبه تتفهم حاجاته وطلباته وتلبّيها له حتى أنّها تعلّمت «العربيّة» من أجله لتساعده وتقرأ له حتى تمكّنه من تحقيق طموحاته واستكمال مقومات شخصيته التي كان يفكّر في استكمالها وبالفعل فإنّه رغم كونه رجلا ضريرا فقد بلغ أعلى المناصب في الدّولة ودوّت شهرته الأدبية الآفاق حتى صار عميد الأدب العربي في زمانه، ماذا يريد المرء أكثر من ذلك؟
لقد كان الزواج في الماضي يعمل على تماسك البنى الاجتماعيّة واستمرارها على اختلاف أنواعها وأشكالها مادّة ومعنى أمّا اليوم فلا نظنّه قد بقي على حاله تلك الاّ في ما ندر من المواطن والأصقاع لأنّ الأمور قد تغيّرت والمجتمعات قد «تطوّرت» والمناخات قد تبدّلت والثقافات قد تمازجت وتعكّرت.. ولم يبق شيء على حاله فما الذي جرى؟
إنّها ثقافة العصر، ثقافة العولمة، هذه الثقافة التي صارت تعمل منذ زمن بعيد على تذويب كلّ الثقافات الخصوصيّة وتهميشها لتحلّ هي محلّها، تدخل البيوت عُنوة وبدون استئذان بفضل أدواتها ومستهلكاتها ومُنتجاتها العابرة للقارّات والمحيطات، هي صناعة الشركات الكبرى الرموز البديلة لِمَا كان لنا من رموز، هي ثقافة السوق ليس الاّ، همّها الوحيد البيع والشراء ودفع الناس الى الإستهلاك السّريع لتنشيط الأسواق دوما وتستفيد، حتى أنّ الانسان يكاد يصير هو نفسه منتوجا استهلاكيّا كغيره من المنتوجات ولم يعد يفكّر في نفسه خارج الزّحام وخارج المنافسة. حتى أنّ ما تُحدثه ثقافة العولمة هذه من ردود فعل استنكاريّة أحيانا في كثير من بقاع العالم لم ترْقَ بعدُ الى مستوى المواجهة الحقيقيّة بإستثناء بعض التنظيمات المشحونة بالعاطفة الدينيّة المسيّسة أمّا البقيّة فهي بمثابة الفقاقيع الفارغة التي تطفو على سطح الماء إذا غلى سرعان ما تزول اذا برد الماء ولكن يبقى الأمل مرهونا فيما ستفعله «آسيا» غدا ولكنّ غدا في هذه المرّة لناظره بعيدُ رغم الوتيرة المتسارعة لتقدّم الشعوب في هذ العصر.
لهذه الأسباب وغيرها لم يعد الزواج اليوم كما كان في الماضي سببا لتماسك البنى الاجتماعية واستمرارها وإنّما هو قد صار في أغلب الأحيان سببا لتفكّكها وانخرامها ولم يعد كما كان في الماضي متعة اجتماعية بل لقد تحوّل الى خدعة اجتماعيّة كالبضاعة المغشوشة ليس في الوجود أسوأ منها خدعة والناس لا يزالون يقعون فيها ضرورة لأنّهم لم يبلغوا بعدُ مستوى الحريّة المسؤولة التي يستطيعون فيه أن يعيشوا في أمان بدون زواج. هذا الزواج الذي يأتي فيه كل طرف من المتزاوجين الى الآخر محمّلا بهمومه (هموم السّوق) ليُلقيَ بها على كاهل الآخر (كما لو كان الآخر لا يحمل شيئا على كتفيه)! وهكذا تبدأ الخصومات والنزاعات حول من سيتحمّل أوزار من؟ وهكذا نجد أنفسنا أمام تكاثر حالات التفكّك الأسري في المجتمع الحديث وتخلّي كلّ طرف عن مسؤولياته تجاه الآخر وإزاء الأبناء لتنشط بالتالي تجارة المحاكم والمحامين وحفاظ العدل والحقوقيين، ويقرأ الناس (صدى المحاكم) في الصحف للعلم والتسلية فقط غير مُبالين.
إنّ الزواج بإمرأة اليوم في أغلب الأحيان كالتحالف مع أمريكا أو التصادق معها مثل هذا الزواج كمثل ذاك التحالف لا يعمل الاّ على حرمانك من حرّيتك وعلى الحدّ من تصرّفاتك وطموحاتك وشلّ حركتك بكلّ ما يتوفّر له من جهد ولا يريد الا ابتلاعك واذا لم يستطع فاحتواؤك وإذا لم يستطع فعرقلة مسيرتك التي تسعى الى تحقيقها وإذا لم يستطع فمحاولة تقطيع أوصالك وعزلك عمّن تحبّ وترضى كي يحطّ من قدرك وقيمتك والاّ زرع الفتنة بينك وبين جيرانك وأقاربك (والفتنة أشدّ من القتل) ذلك هو الزواج اليوم بإمرأة (بإستثناء بعض الزيجات طبعا تلك المتبقية من العصور القديمة) أو التحالف مع أمريكا، الأمر سيان مادام الدّم الذي صار يجري في عروق النساء، هؤلاء النساء من حيث يدرين أو لا يدرين هو دم العولمة، دم المركنة، دم المركزيّة الذاتية L Ego-centrisme الملقم على المسيحيّة السياسيّة والدوقماتيّة المريضة التي لا ترى الوجود الاّ من خلال نفسها هذه النّفس المتقوقعة في إتنية Groupe Ethnique مغلقة بما فيها من الأنانيّة والهمجيّة والجاهليّة المخزية.
إنّ تطوّر المرأة كما هو الحال بالنّسبة إلى تطوّر أمريكا في الأخذ بأسباب الحياة الماديّة والتكنولوجيّة و»ثقافتها» كان شؤما على كلّ منهما اذ حرمهما أعزّ ما يتميّز به الإنسان عن باقي الكائنات، حرمهما من « الروح الإنسانيّة » التي بها يستمرئ المرء الحياة وينعم بها وتلك هي المسألة: يدّعون الحضارة والرّوح جاهليّة ويروّجون للحرية والديمقراطية بنزعة استبداديّة، ولا يرى علم النفس الإجتماعي في مثل هذا التناقض في المواقف لدى الأفراد والجماعات الاّ حالات مرضيّة، وهل هناك من علاج إذا كان الأطباء الأكفاءُ مُبعدون أو مُحاصرون أو مصادرةٌ حقوقهم ضائعون؟



#عبد_اللطيف_بن_سالم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية الموعودة
- هروب
- العالم العربي تحت المجهر .
- - الدواعش -
- شكوى إلى هيئة الحقيقة والكرامة بتونس
- وعد بلفور...وعد الشؤم على العالم بأسره .
- الفساد في الأرض ... كيف نفهمه ؟
- من رحم المعاناة
- ومضات :
- هل من الكلمات قنابلُ ؟
- لماذا تُرى يقل اليوم بين الناس العطفُ والحنانُ والتراحمُ ؟
- حول إصلاح المنظومة التربوية بتونس
- لمن لا يدري ، إنه الجحيم إلى العرب .
- حرب عالمية غير معلنة
- الخلايا النائمة
- هل أن في العولمة نهاية العالم ؟
- هل من تمييز بين الوجود والموجود ؟
- أعمارنا والحت في أبداننا وعقولنا
- رمضان عادة أم شهر للعبادة
- حول التعليم في تونس


المزيد.....




- حاكم مصرف لبنان بالإنابة: نحن أمام مفترق طرق
- -تهديدات تثير القلق-... قضية مارين لوبان تفجر نقاشا سياسيا س ...
- الجيش الإسرائيلي يحقق في زيارة حاخامين قرية سورية دون تصريح ...
- نوفوستي: الولايات المتحدة تهدد باستخدام سلاحها الرئيسي وروسي ...
- حكم الاستئناف في قضية لوبن قد يصدر قبل الانتخابات الرئاسية
- قد يطرح في الصيدليات هذا العام.. القنب أساس دواء مسكن للآلام ...
- حظر ممارسة للجنس.. مدرب كرة ألماني يشارك أسرار غريبة عن حيات ...
- الدفاع الروسية تعلن استمرار تقدم قواتها وتكبيد العدو خسائر ف ...
- اكتشاف آثار فيضانات هائلة قديمة في غرب أوروبا
- صحة غزة تنشر حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي


المزيد.....

- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد اللطيف بن سالم - هل أن في بيتنا أمريكا ؟