قحطان محمد صالح الهيتي
الحوار المتمدن-العدد: 5419 - 2017 / 2 / 1 - 22:11
المحور:
الادب والفن
أَعَزُّ مَكانٍ في الدُنَى سَرجُ سابِحٍ
وخَيرُ جَليسٍ في الزَمان كتـــابُ
-
قالها أبو الطيب حكمة اتخذتها شعارا لي منذ أن هويـتُ القـراءة الأدبية قبـل خمسين عاما خَلت؛ فجمعت من الكتب أمهاتها حتى تجاوزت السبعة آلاف كتاب، كانت لي مع كل واحد منها قصة وحكاية وذكرى.
-
وجرت الرياح بما لا تشــتهي السَفنُ ؛ فكان مــا كـان مـن غـزو مغــول العصــر مدينتنا واحتلالهم داري، ولما لم يجدوا فيه ما يُشفي غلّهم (اغتصبوا) كتبي، وعوضا من أن ينهلوا مما فيها من العلم والمعرفة، ولأنهم لا يؤمنون إلا بنظرية دولتهم وأفكارها البعيدة عن كل ما هو علمي وحضاري، قاموا - وحسبما علمته مؤخرا- بإحراقها.
-
خَفَّ حزني على كتبي حين علمت بأنهم أحرقوها جنبَ جدار مقبرة الشيخ أحمد، لأن دُخان نارها صار بخورا عَطَّرَ قبور من سبقنا الى الموت من أبناء مدينتي التي جمعت كل تلك الكتـب والوثائـق لكتابــة تاريخهـــا وتخلـيد ذكــرى أعلامها ، ورجالاتها الطيبين.
-
ونسيت حَسرَتي عليها حين وجدت بين أنقاض بيتي أحبًّ الكتب الى نفسي، ومن أوائل الكتب التي اشتريتها، وهو ( شـرح ديوان ابي الطيب المتنبي ) للبرقوقي . ولا أدرى ما السر الذي جعل من استوطن بيتي يحتفظ به ولم يُحرقُه مع ما أحرقه من كتب التفسير والشريعة والفقه واللغة والأدب والفن والسياسة والقانون؟
-
ســأحتفظ بهــذا الكتـاب ، وســيبقى جليسي، ورفيقي لما تبقى من عمري، وسأعيد الى ذاكرتي مع كل صفحة من صفحاته صفحات أيام عمري البيضاء ولــن أذكــر منهــا ليلة ســـوداء واحــدة، وسأبقى منشدا قول أبي الطيب المتنبي:
-
مَـــا لاحَ بَــرْقٌ أوْ تَرَنّــمَ طائِـــرٌ
إلاّ انْثَنَيْــتُ وَلــي فُــؤادٌ شَــيّـقُ
-
جَرّبْتُ مِنْ نَارِ الهَوَى ما تَنطَـفي
نَــارُ الغَضَــا وَتَـكِلُّ عَمّـا يُحْـرِقُ
-
وَعَذَلْــتُ أهْـلَ العِشْـقِ حتى ذُقْتُهُ
فعجبتُ كيفَ يَموتُ مَن لا يَعشَقُ
-
وَعَـذَرْتُهُــمْ وعَرَفْــتُ ذَنْبـي أنّـني
عَيّرْتُهُــمْ فَلَقيــتُ منهُــمْ ما لَقُــوا
#قحطان_محمد_صالح_الهيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟