حسن ابراهيمي
الحوار المتمدن-العدد: 5419 - 2017 / 2 / 1 - 18:04
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
ككل النصوص الأدبية الفلسطينية التي لا تخلوا من التأريخ للقضية الفلسطينية ,وفضح الممارسات القمعية الصادرة عن الكيان الصهيوني في إطار تحالفه مع الامبريالية الأمريكية,والأنظمة العربية الرجعية , والعميلة لمنع تحرر الشعب الفلسطيني ,جاءت رواية فانتازيا عبارة عن صرخة تندد بهذا التحالف ,وفضح خلفيات الاستعمارين المباشر ,وغير المباشر ,بالدول العربية ,وإفرازهما بها , للإبقاء على علاقات الاستغلال السائدة داخل هده المجتمعات ,هذه الأخيرة التي تمارس لتجسد السيطرتين الطبقية ,والأجنبية بكل هذه الدول ,و تمظهراتهما في طبيعة السياسات التي تنهجهما هذه الأنظمة الفاسدة ,والمستبدة .
ومن اجل فضح واقع علاقات سائدة داخل المجتمعات العربية جاءت الرواية عبارة عن لوحات فنية , بأ سلوب لا يخلوا من شاعرية تمكنت من تصوير واقع التناقض القائم بين ما تطمح له الشعوب العربية من عيش كريم ,من حيث توفير فرص الشغل لها ,توفير التعليم مجانا ,توفير الخدمات الصحية مجانا ,وكذا السكن اللائق ,وما تنهجه الأنظمة العربية من سياسات للمزيد من تفقير هذه الشعوب ,وقمعها سياسيا بما في ذلك السلطة الفلسطينية ,اذ بحبكة عالية تمكنت الرواية من نقل بعض تفاصيل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ,حيت جاءت الأحداث وكما أننا أمام مصور يصور لقطات لتدخل الجيش الإسرائيلي أثناء ارتكابه لجرائم اغتيال الأطفال الفلسطينيين ,النساء ,الشيوخ ,أو أثناء تصوير براميل البارود وهي تتساقط فوق منازل الفلسطينيين العزل ,وما ينتج عن هذا العمل من تدمير للمنازل ,و للبنية التحتية ,وانتشال لجثث تحت الأنقاض , ومن اجل إقناع المتلقي بعدالة قضية ألا وهي القضية الفلسطينية التي عمرت لسنين طوال ,ووضع حد لغطرسة الكيان الصهيوني تجاه الشعب الفلسطيني بتحريره اعتمدت الرواية التدرج في بناء الأحداث ,وتسلسلها بدء بالتعريف ببعض مدنها ,وذكر بعض عناصر الطبيعة بها من اجل استدراج المتلقي إلى تقبل الموقف من الأرض بعد ذكر ما يلحقها من دمار وتخريب في إطار مسلسل تهويدها ,ودفعه للتسلح بوعي وموقف سياسي واضح وممارسته تجاه العدو الإسرائيلي , ربيب الامبريالية الأمريكية .
إن الرواية تمكنت من نقل ,وتصوير واقع القمع الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني يوميا ,ومصادرة أراضيه مرحلة بمرحلة ,وما الهدف من القمع المسلط على الشعب إلا لضمان تنفيذ مخطط العدو الصهيوني ويتعلق الأمر بإشعال الحرب بمنطقة الشرق الأوسط لضمان تأسيس ما يصطلح عليه بإسرائيل الكبرى ,ومخططات الامبريالية الأمريكية التي اتخذت من إسرائيل بوصلة لها من اجل فرض السيطرة على شعوب الشرق الأوسط بكاملها لاستغلال خيراتها .ولإبقاء الشعب الفلسطيني ,وباقي الشعوب العربية طعما بفم وحش الامبريالية الأمريكية بفكه العلوي بالولايات المتحدة الأمريكية ,وفكوكه السفلى التي تجسدها الأنظمة العربية الرجعية .
ضمن نفس الإطار تمكنت الرواية من طرح إشكال ذي صلة بالديمقراطية بهده الدول العربية ,ويتعلق الأمر بفقدان الأنظمة العربية لاستقال سياسي ,وما ينعكس على المحكومات العربية من فقدانها لسلطة فعلية في كل البلدان العربية كترجمة للاستعمار الغير المباشر بهذه الدول الشيء الذي يفيد عدم احترام التداول على السلطة بها وما يترتب عن هذا من منع المحكومات العربية من صناعة القرار بشكل مستقل ,ومنع الشعوب العربية من أن تكون مصدر السلطة بكل البلدان العربية , لمنعها من تقرير مصيرها وبالتالي للتحكم فيها ,بجعل الأنظمة العربية ,ومن تم محكوماتها أدوات لتنفيذ التوجهات العامة للسياسات العمومية التي تملى عليها من طرف الدوائر المالية الخارجية .وما لذلك من تاتير يمس الأوضاع الاقتصادية ,والاجتماعية لهذه الشعوب بما في ذلك الشعب الفلسطيني ,من خلال الوصف الذكي للتراجع عن الخط التحرري للسلطة الفلسطينية ,والقبول بان تصبح الامبريالية الأمريكية , والأنظمة العربية العميلة طرفين مساعدين في إيجاد حل للقضية الفلسطينية بالجلوس مع هذين الطرفين من اجل الحوار ,رغم كونهما سببين في استمرار استعمار الشعب الفلسطيني ,إذ كلما تمكنت المقاومة المسلحة من فرض شروط التفاوض وفرض نتائج عملية ,كلما يتم نسف هدف المقاومة المسلحة ,واستثمار الموقف لصالح الكيان الصهيوني .باستدراج السلطة الفلسطينية لسلام إسرائيلي الهدف منه هو حماية هذا الكيان واستغلاله لخدمة مخططات وإستراتيجية الامبريالية الأمريكية بالشرق الأوسط ,وبكل الدول العربية .
هكذا إذن تنقل الرسائل المتعددة التي جاءت بالرواية وظائفها الأدبية ,ومنها تترجم المواقف السياسية ,من هذه الأنظمة العربية العميلة ,وخذلانها للقضية الفلسطينية ,كما تنقل الوعد والوعيد للكيان الصهيوني تجاه الشعب الفلسطيني خاصة كلما تمكنت المقاومة الفلسطينية من وضع الموقف الصهيوني في مأزق أمام المنتظم الدولي بعد فضح الممارسات التعسفية لهذا الكيان .كل ذلك في إطار سياقات تختلف باختلاف مضامين المتن الروائي .
وعليه فإذا كانت هذه الرسائل تنقل مختلف المواقف السياسية بما فيها سياسة الترهيب , الوعد والوعيد ,والضغط على السلطة الفلسطينية من اجل الضغط على الفصائل الفلسطينية للتراجع عن المقاومة المسلحة ,فان فصائل هذا الشعب المقاوم والبطل على الرغم من الصراعات السائدة فيما بينها إلا أنها عودتنا على أنها ستستمر في المقاومة إلى حين تحرير أخر شبر بالأراضي الفلسطينية .إ ن جبهة المقاومة صامدة ومصممة على أن تزلزل الكيان الصهيوني ,والدفاع عن كل شبر بأرض الوطن ,اذ من اجل هذا الهدف انتفض أطفال الحجارة ,ومعهم كل الشعب الفلسطيني اكتر من مرة ,كما ن الشباب الفلسطيني لإيابه زنازين الاحتلال الشيء الذي تناولته الرواية من اجل التعريف بالأسرى الفلسطينيين ,وبقضيتهم ,بل اكتر من دلك يستفاد منها أنها تستهدف طرح قضية الاعتقال السياسي بكل الدول العربية كإفراز لطبيعة السياسات التي تتهجها الأنظمة العربية الرجعية ,والعميلة ,وكما أن الرواية تطالب المنتظم الدولي من اجل التدخل من اجل الإفراج عنهم .
ضمن نفس السياق ومن اجل التأكيد على إصرار الشعب الفلسطيني على انتزاع حقوقه المشروعة صورت الرواية واقع الشهداء وتضحياتهم بأرواحهم من اجل الوطن ,كما صورت الدروس التي لقنوها للجيش الإسرائيلي على الرغم من أجهزته الإستخبارية ا لمتعددة ,ومن استخدامه لأجهزة متطورة الصنع ,كل ذلك من اجل حماية كل شبر بالوطن الذي تهود مدنه لصالح الكيان الاسرايئلي . إن هؤلاء الشهداء ذكورا,وإناث إنما يدافعون عن قناعات ومواقف يفتقدها جنود العدو سبب هزائمهم ,إنهم مصرون على بناء دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس .
ومن اجلها صورت الرواية طبيعة العلاقة التي ينبغي أن تسود بين المرأة والرجل من خلال التلميح لواقع الأمية الذي مس المرأة بهذه الدول العربية ,والذي لايسمح لها في الانخراط في عملية الإنتاج في إطار نضال المرأة والرجل من اجل انتقال المجتمعات العربية من طور الاستهلاك إلى طور الإنتاج ,وضمن هذا الإطار نعتقد أن الرواية تطرح الموقف من المرأة بطرح قضيتها ,ودفعا بسبب موقعها في عملية الإنتاج إلى التواجد إلى جانب الرجل من اجل النضال لتحررها ,في إطار الربط بين تحررها وتحرر الشعب من الأغلال ,والقيود التي كبلتها لسنين طوال ,ومن اجل هذا لابد من تثقيفها إلى جانب الرجل ودفعها إلى تحمل المسؤوليات خلافا للتقسيم التقليدي لوظائف الرجل ,والمرأة .
انه ومن اجل تحررها في أفق تحرر كل الشعوب العربية يأتي الإسلام السياسي ضمن الرواية من اجل أن ينبهنا بطل الرواية إلى معضلة سادت في كل المجتمعات العربية وكان لها نتائج وخيمة ويتعلق الأمر بتأسيس فصائل ,جمعيات ,وأفراد لمواقف سياسية بمرجعية دينية ,وما لها من تاتير خطير في دعم الأنظمة العربية الرجعية ,ودعم سياساتها اللاشعبية ,واللاديمقراطية ومواقف هذه الأنظمة نفسها من المرأة التي تغذيها هذه الفصائل بما أنتجه العقل الفقهي من مواقف سياسية تسمى دينا تجاه السلطة السياسية ,وما لذلك من تاتير على الوعي الجمعي للشعوب العربية بهدف طمس حقيقة وواقع العلاقات السائدة داخل المجتمعات العربية بهدف تأجيل ممارسة الصراع وحسمه إلى يوم القيامة ,هكذا يبدو أن الرواية تطرح إشكال فصل الدين عن الدولة لصالح العلمانية ,وبناء أنظمة ديمقراطية تحقق الكرامة لهذه الشعوب ,انه من اجل ذلك لابد من تحرير المواقف السياسية من هذه المرجعية بفصل الدين عن الدولة ,وفصله عن السياسة وجعل الدين مسالة شخصية ,أي أن يكون الإنسان حرا في اختيار المعتقد الذي يناسبه في إطار تحقيق المواطنة بإقرار الحقوق واحترامها من طرف أنظمة عربية ديمقراطية تناضل الشعوب العربية من اجل تحقيقها .
#حسن_ابراهيمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟