النرجسية_ محور الانحراف المعياري الانساني, النموذجي

حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 5417 - 2017 / 1 / 30 - 11:32
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

لما اختلف عاقلان على ماركس_ لو سألنا اليوم من الذي كان يمثل القرن التاسع عشر بلا منازع.
ولو كان السؤال الثاني عن القرن العشرين, بعد تجاوز المقاومات الايديولوجية وغيرها من المطبات الهوائية السطحية...لوجدنا الجواب مع فرويد أكثر من اينشتاين, ومن الجميع.
فرويد يحقق الشرط المزدوج للابداع, رأي النقاد والنخب الثقافية والثاني شباك التذاكر والشعبية مع قوة التأثير.
كلنا_ بعد فرويد_ نستخدم كلمة (نرجسية) ب....طلاقة, وثقة نحسد عليها!
وما تزال غالبيتنا تظنها صفة جمالية ومعرفية وتستخدم للمديح, نسبة لزهرة النرجس الجميلة.
فرويد احد اقطاب الحداثة (وما بعد الحداثة أيضا), وهو استحق ذلك بجدارة, كما اعلن الزمن حكمه الصارم, بعد عقود على موته.
ما يزال فرويد بيننا, واكثر حضورا وفعالية منه حين كان حيا بشخصه ونرجسيته وغبار معاركه....
لماذا لم يحصل فرويد على جائزة نوبل للعلوم أو للآداب!؟
_ لم يكن يستحقها خلال حياته, وهذا رأيي الشخصي أيضا.
لأن غروره وصلفه ( نرجسيته التي كانت مضمرة) كانا مصدر نفور ومقاومة شديدة لأفكاره وأعماله_ وقراءاته الحقيقية حصلت بعد موته.
لن أدخل في تشعبات حياة فرويد وافكاره, بل اكتفي بالتذكير أنه السبب في استخدام الجميع لكلمة نرجسية_ وكأنها مصطلح علمي واضح ومحدد!!!
* * *
في الجامعة درسنا مادة " القياسات الكهربائية", وفيها سمعت لأول مرة مصطلح " الانحراف المعياري".
المعايرة والقياس التقريبيين, بالتدريج ومن خلال التجريب المتناوب بين المباشرة والتجريد, تحولا من أداة التبادل الأساسية ( الكلاسيكية) بين الأفراد والجماعات, إلى درجة ثانوية في التفكير والسلوك ايضا_ بعدما استبدل الحدس ومعه الذراع أو الخطوة والقدم وغيرها من ادوات القياس التقليدية والسابقة, بالمعايير والمقاييس الإلكترونية والرقمية....وانتقلت الدقة والوضوح ومعها المصداقية العلمية (التجريبية والأخلاقية أيضا)إلى درجات تقارب الكمال_ خلال النصف الثاني للقرن العشرين فقط.
ويبدو أن القفزة العلمية ما تزال في بدايتها.
لكن الانحراف المعياري الانساني ينتقل بشكل حرفي (بدون مقاومة) بين الأجيال والثقافات المختلفة,...ونجده في مركزية الانسان الأوربي_ الغربي, وللمفارقة بالتلازم مع الحداثة وقيم التنوير والعقلانية! كما نجده في مركزية الانسان المسلم أو المسيحي او اليهودي وبشكل مضاعف وأكثر مرضا ( وهي تتضاعف مع الانقسامات المذهبية والطائفية...).
النرجسية_ نموذج الانحراف الانساني المعياري, ومصدره المتجدد_ مع شقيقتها الأنانية والتمركز الذاتي.
* * *
كما فعلت أنت, وانا_ وكما يفعل الجميع خلال المراهقة الفكرية, تعامل الدكتور فرويد بخفة واستعلاء مع الدين والفلسفة والعلم, ولم يقتصر احتقاره على الأسطورة فقط.
ومن بعده, غرف الاعلام والأدب الرخيص الكثير من المغالطات والأفكار المشوهة إلى درجة التناقض مع الأصل.
لكن فرويد اعاد تصحيح فهمه وموقفه الفكري مرارا, وبالأخص للنرجسية, وبشكل يقارب الصورة التي عرضتها الاسطورة اليونانية الشهيرة. النرجسية أو عشق الصورة الذاتية والانغلاق فيها, بدل النمو والتوجه إلى الخارج الموضوعي_ إلى الانسان والمجتمع والطبيعة, والتشارك والعيش بفعالية ومسؤولية , وشغف عبر الواقع الفعلي الفسيح والممتد بلا نهاية.
* * *
شخصيا كنت لأختار بورخيس.
النموذج الأشهر للنرجسية, والذي أوصلها إلى الكمال الأدبي والفكري_ في كتاباته كما في حياته الشخصية.
مع بعض الهوى....كنت لأضيف صباح_ الصبوحة نعم....ألو بيروت
....
ينطوي نقد النرجسية ومعها الغرور (التوأم السيامي) على زعم صريح وساذج غالبا, تحقق الموضوعية وبشكل عملي ومباشر من خلال الحياة اليومية وعبرها....
أن تر__ي نفسك كما يراك الآخرون وبالتزامن
أن تري_ ى اللآخرين كما ترى نفسك.
* * *
من يعرف!
_ لا أأحد يعرف
...
من لا يعرف؟
_ لا أحد لا يعرف
* * *
النص السابق كما هو, كان حلقة في مشروع متسلسل....يتوقف مؤقتا.
غياب سامي المفاجئ أعادني إلى المربع الأول "موضوع الحزن" موت الانسان!؟.....
من يعرف!
_ لا احد يعرف
...
من لا يعرف؟
لا أحد لا يعرف

#حسين_عجيب (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات