احسن البياتي
الحوار المتمدن-العدد: 5411 - 2017 / 1 / 24 - 00:36
المحور:
الادب والفن
البكاء
شعر: د. حسن البياتي
جئت للعالم أبكي-
كانت الدنيا مطيرهْ.
وعويل الريح يزري بالأكف المستجيره
وضعتني أميَ التعبى
على أعتاب هذا الكون تبكي-
وجهها الحنطيّ كانْ
شاحباً، ينحب يبكي،
رغم لحْظات مخاض ٍ لم تكن جدّ عسيره -
آخرَ العنقود كنتُ...
قبــّـلتني بحنانْ،
غسلت بالدمع خديَّ ... بكيتُ،
كل من في الدار كانْ،
يومَ ميلاديَ يبكي،
والدي المنكوب كانْ
يجرع الحسْـرات، يبكي،
شاعراً بالذنب، يبكي،
كلُ شيءٍ ضاع منه عَبْرَ أسواق التجارهْ،
لم يعد يملك، لا زرعاً ولا ضرعاً
ولا شِلْـْوَ حجارهْ
لا ولا حتى أمانيهِ الجميلهْ ...
بعد أعوام شجيات ثقيله
حدثتني أختيَ الكبرى بما كان وكانْ
فبكيتُ.
بعد عام ٍ من بكائي الاول ِ
غادر الدنيا أبي ذات مساءْ،
دون أن يترك لي
غير أسفار هموم ومحطات شقاءْ،
فبكته أمّـُنا حَـرَّ بكاء.
حدثتني أختيَ الأخرى عن الحزن الذي
لفّ أبي قبل الرحيلْ
وعن الليل الطويل
ألذي عانق دنيانا عناق المستحيل،
فبكيتُ.
مرّت الأيام تعبى
وحياة الأمّ تعبى
وحياة الأسرة التعْـسة تعبى،
بلدتي (السعدية ُ) الدامعة العينين كانت
أكثرَ البلدات تعبى.
ورحلنا،
نحو باب الرزق في بغدادَ،
عشنا وكدحنا
دون أن ننسى البكاءْ.
مرّت الأعوام تنداح عسيرات ٍ مريره
والبكاءْ
لم يزل يقفو البكاء...
رحلت أُمي، فلم أملك سوى
أن أملأ الحارة والدار بكاء،
رحلت أختي الكبيرهْ
وشقيقي، وأنا أنحب أبكي،
رحلت عينايَ عني،
لم أجد غير البكاء
راحة ً للنفس، مأوى للعزاء،
لم أمُت يأساً ولكن عشت أبكي،
قدري أنْ أ ُمطر الأرض بكاء،
قدري أنْ أزرع الأرض بكاء
وسأبكي...
لندن -13/03/2010
#احسن_البياتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟