أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف الصفار - الرواية مهنة ام امتهان















المزيد.....

الرواية مهنة ام امتهان


يوسف الصفار

الحوار المتمدن-العدد: 5388 - 2016 / 12 / 31 - 18:14
المحور: الادب والفن
    


الرواية مهنة ام امتهان
في عصرنا المتراكم التوجهات والارادات وفي عالمنا الثالث المتلاطم الاحداث نستقي لحياتنا لحظات زهو مفرحة غنية في امتداداتها لنعطي لانفسنا بعض الوقت لقراءة رواية ومتابعة سطورها حتى نستثمر عقولنا وقلوبنا في زمن القحط الفكري هذا فلا نجد انفسنا الا ونحن نعيش رواية من نوع جديد مليئة بمنزلقات يحاول الكاتب ان يجرنا اليها رغم انوفنا فنراه متسلطا متعنتا في طرح افكاره وكانه يعبر عن قيم الانظمة اللتي يعيشها وبدون ان يدري فهو سياسي ومفكر ومتعثر الاهواء متسلط ومتعنت ومتحكم بنا كيفما يشاء وكأنه يقول افسحوا لي المجال لامارس عليكم كل العنت والاضطهاد الفكري والسياسي الذي عشتها رغم عن انفي وانفكم فما انتم سوى امعات لاتعي الحقائق والطلاسم المختبئة في اسطر روايتي هذه او تلك فلا غنى عليكم سوى الانصياع والاستسلام كما استسلمتم لحكامكم وطواغيتكم واديانكم .. يا اخي ليس هكذا تؤكل الاكتاف ..نحن ايضا بشر من لحم ودم قليلا من عطفك الميتافيزقي حتى نقدر ان نسحب انفاسنا وسط هذا الاختناق .. وبصبر غير معهود تلزم نفسك بالقراءة متشككا بقدراتك وكأن الكاتب يقول لك هكذا انا اقدم لك الطلاسم وما عليك سوى فكها وايجاد الحلول لها اريد اشراكك بكل تعب السنين التي قضيتها على تدبيج وتحبير روايتي لأغوص بها الى اعماق النفس البشرية .ونتسائل هل تحتاج الان نفوسنا الى هذا الغوص بعد تشيد المدن المائية بالعابها المتعددة والملتوية اما كفانا كل هذا الزعيق والتهويل السياسي والفكري والديني فلماذا تحاكمنا بمقولة انا ربكم الاعلى فاعبدوني .
في سنين مراهقتنا كانت روايات المنفلوطي (الفضيلة او بول وفرجينا) تاخذ منا لحظات عزيزة وهي تطوف بنا برياض الرومانسية البهية والناصعة تتميز بالمثالية والايثار وبعضنا كان يمتثل لروايات الكاتب الفرنسي لوبلان بشخصية بطله ارسين لوبين كأكشن اعظم الافلام التي نادرا ما نشاهدها وحينما تدرجنا في العمر الفسيح المديد الذي اخذنا على حين غرة لنجد انفسنا امام عمالقة الروايات العالمية كتولستوي وديستيفسكي ورغم الاطالة بصفحاتها لكنك ما ان تنتهي منها حتى تجد نفسك احد طيور الجنة تزقزق بافراحها واتراحها حتى يخيل اليك وانت تسير وسط الشوارع بان وزنك النوعي زاد على المعتاد.. ومع الدون الهاديءلشلخوف وكوخ العم توم وصمت البحر ومع روايات الروح الهائمة وسط ضجيج القرن العشرين لارنست همنغواي... ننتهي الى مئة عام من الهجرة .. والحب في زمن الكوليرا لجابريل ماركيز.. واذا كنت لاتجيد غير العربية تجد نفسك اخيرا وقد انغلقت عليك كل ابواب الحضارة وافكارها في زمننا الحاضر. فكم من الكتاب العالميين لا نعرفهم او نستدل عليهم سوى من قصاصات الصحف اليومية بدون ان نملك اي فكرة لعطائهم الروائي او الفكري .
في رواية كوخ العم توم للكاتبة الامريكية (هريت ستوا) نشرت عام , 1882التي ساعدت بالقضاء على العبودية. تمثل لنا شخصية العم توم وهو يعاني من العبودية وما يحيطها من شخوص لتنتهي بنا اخيرا الى مفهوم جديد للحياة هي المحبة والتي بها يمكن التغلب على أي شيء يدمر انسانية الانسان او يمسخها . كانت هذه الرواية الاكثر مبيعا في القرن التاسع عشر وثاني كتاب الاكثر مبيعا في القرن العشرين بعد الكتاب المقدس وفي عام 1885وبعد ثلاث سنوات من نشرها التقى ابراهيم لنكولن مع الكاتبة واعلن ( ان هذه السيدة الضئيلة الحجم هي التي بدأت هذه الحرب العظمى ) ويقصد حرب تحرير العبيد .
قد لا نتجنى على العشاق اذا ما تذكرنا مدام بوفاري لغوستاف فلوبير وانا كارنينا لتولستوي فليس هناك اكثر عمقا من هذه المتاهة الطافحة بالرومانسية والتي تجعلنا نتعاطف مع الخيانة الزوجية متجاوزين قوانين واعراف الحياة من اجل الحب النابع من الاحاسيس الانسانية التي لايمكن لنا اغفالها . اما رواية الاحتقار لاربتو مورافيا فليس غريب علينا ما يطرحة من ازمة الانسان المعاصر في عصر الرأسمالية وكيفية مسخها للمشاعر وتحويلها الى اتجاهات اخرى لايعي الانسان توجهاته وهو يعيش زحامها .
(صمت البحر) رواية صامتة مليئة بالحوار لا تستعصي على الذاكرة بلجاجتها خاصة ونحن نعيش ما يشابه احداثها لعدة عقود فلا فرق حينما تحتلنا السلطة القمعية او السلطة الاجنبية فالهدف واحد هو اجهاض روح المقاومة لديك او حرفها واستهلاك قيمك . كتب جان بروليه روايته ابان الاحتلال النازي لفرنسا وهومختبيء وباسم مستعار فنشرت سرا وتوزعت كمنشورات للمقاومة فكانت رمزا للمقاومة العقلية .اهدى الكاتب روايته الى شاعر مغدور احرق النازيون كتبه ونصوصه غير المنشورة واغتصبوا ابنته وقتلوا خادمته . تدور احداث رواية صمت البحر حول ضابط نازي متشبع حبا بالثقافة الفرنسية وكان سعيدا حين اجبر على العيش مع عائلة فرنسية متكونة من رجل عجوز وإبنة اخيه يتحدث الليهم عن ولعه بالثقافة الفرنسية واسفه على احتلال شعب يتمتع بقدرة تاريخية للثقافة والفكر الانساني العالمي وعن ضرورة الالتقاء والتاخي لكن حديثه طول وقت زمن الرواية يبقى من طرفه فقط بدون ردات فعل من العجوز وابنة اخيه سوى بعض الاشارات والايمائات وارتعاشات الايادي لابنة الاخ التي يبدوا انها تحبه من طرف خفي لكنها لم تتمكن من الكلام معه او مجاراته بحكم كونه محتل لبلدها . يوفرون له كل الشيء عدا الحديث معه .فالصمت المطبق كان يستحوذ على اجواء البيت العامر باهله يغلفه صمت قاتل كصمت البحر المكمونة اعماقه بالحياة . اخيرا يضطر الضابط النجيب لمغادرة البيت بمحض ارادته تاركا كل ايجابيات المعيشة المترفه متوجها الى الجبهة الشرقية المشتعلة اشبه ما يكون بالانتحار..
كثير هي الروايات العالمية التي تهز وجدانك حينما تنتهي من قرائتها لاتفارقك ذكراها لعدة سنين .. طيلة حياتي لم اجد في الادب العربي الروائي او العراقي على وجه الخصوص مثل هكذا هزات وجدانية مفعمة بروح انسانية تملئك قيما بمنعطفات الحياة وانت تعيش في لجاجة الحياة المادية.
تاريخنا السياسي المليء بالاحداث تربت فيه القصص القصيرة او الروايات بالتزمات مرتعشة من سلطات جاثمة على العقول والصدور ابان العهد الملكي شذرات كلاسيكية يوحي لك كاتبها من طرف خفي بتوجهاته الانسانية ..بعد 14 تموز انتعشت الثقافة اليسارية بعمومياتها لكنها لم تسحب معها القصة والرواية الى مدارج الاحساس بالمسئولية.. بعد انقلاب الثامن من شباط وبحكم الانكسار المريع للثقافة توجه اكثر شبابنا الى الوجودية يحاكون العبث والعدمية من زاوية الموت كهدف نهائي للانسان الطافح بالاحساس والوجدانية .. بعد مجيء البعث في 68 انتكست الثقافة مرة اخرى واتجهت الى شعارات قومية او عنصرية لم يجد المثقف امام لجاجة السلطة بتجير كل شيء لصالح اهدافها السياسية غير الاعتكاف بعيدا مغازلا او متعنتا بخجل واضح خوفا من سلطة القمع مما جعل كثير من الموهبين يعتكفون ويركنون طموحاتهم جانبا .. بعضهم اتخذ من الهجرة ملاذ يبتعد من خلاله عن الانتهاكات المتلازمة لافكاره لكنه وهو بالمهجر تلاحقه هواجس الخوف والحذر فآثر ان يتأخذ من اللون الرمادي ساحة لصولاته الادبية موعزا اياها الى التروي والعقلانية ..ممتن على شعبه بالغربة فالتقى مع السياسي المغترب بهذا الامتنان على الشعب ..حلت الكوارث بعد الاحتلال الامريكي بالثقافة لان تأتيراتها الايجابية كانت بمعزل عن توجهات عموم المثقفين ..هذا الشعب الذي كان يعاني مثقفيه بالداخل من قرف السلطة ومضايقاتها وملاحقاتها المستمرة باشعال حرب ظالمة لثمان سنوات تلاحقه ازلام الجيش الشعبي ومريديه ثم ما اتى بعد الحرب من حصار لم ينجوا منه المثقفون بعمومهم كاتبهم وطبيبهم ومهندسهم من الركض وراء لقمة العيش التي استعصت علية ومناظلي الغربة ومثقفيها يرفلون بمعطيات مادية وحياتية تحفظ كرامتهم ولو الى الحد الادنى ..
ازاء هذا السفر التعس لم نجد قصة او رواية تمكنت من تحريك الوجدان العراقي الشعبي وايقاظه من غفلة الفكر القومي المتعنصر أو المتدين للإبتعاد عن التزمت المذهبي الذي كان السبب الاساسي لانحطاط الثقافة والمثقفين .. فلا الحرب العراقية الايرانية ولا الحصار الجائر ولا القمع المستشري على مر تاريخنا تمكن منها كاتب الرواية العراقية وجعلها هزة ارتدادية تنفض عن كاهلنا كل التخلف وتوقظ فينا الوعي الانساني الحقيقي والارادة الثورية ...وعلى عينك ياتاجر لازال بعض كتابنا يتمشدق بقدرتهم على محاكات الافكار والفلسفات العالمية وهو اساسا لم يتمكن من التأثير حتى بالمحيطين به فاي وهدة اركنا اليه الزمن .. لو ان اي شعب بالعالم عانى على مر تاريخة ما عانه الشعب العراقي لكان اخرج لنا كتابات فذة عنيفة توقظ الاموات قبل النائمين غير مغلفة بالانهزامية والتبريرية ولكان سطروا لنا ملاحم ممتلئة بالاحداث تهز اعماق الوجدان العالمي قبل العراقي والعربي .. لانختبأ في ازقة او درابين مظلمة او نحيط انفسنا بافكار تمثل لها الزمن لالاف سنين سبقتنا اليها شعوب كافة الاصقاع ..فليس لدينا مانظيفه للتاريخ الانساني غير ان نداري خيبتنا بعد ان ادرنا ظهورنا لشعوبنا المبتلاة ..



#يوسف_الصفار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اعلان للصمت
- ترامب والخراف الضالة
- الجزر الهوائية /قصة قصيرة
- شيٌ من هذا القبيل / قصة قصيرة
- حية و درج / قصة قصيرة
- بانوراما الزمن بين النكسة والربيع العربي
- النزعة العقلية في القرون الوسطى
- ثلاثة في واحد / قصة قصيرة
- قرنان قبل انشتاين 2-2
- قرنان قبل انشتاين
- هوس النوستالجيا
- سبينوزا و مفهوم الديمقراطية
- اغتيال الثقافة
- حينما تسقط الثقافة
- اخرج من اللعبة ياولدي22
- أخرج من اللعبة ياولدي1/2
- العقل الغيبي والعقل العلمي
- المحقق والدلال
- الثنائيات وازمة ضمير
- التاريخ والرؤية الاحادية


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف الصفار - الرواية مهنة ام امتهان