أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة أُخرى 43














المزيد.....


سيرَة أُخرى 43


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5386 - 2016 / 12 / 29 - 09:46
المحور: الادب والفن
    



1
كان الوقت بمنتصف النهار، عندما أقترحتُ على ابني الصغير ( أقل من سبعة أعوام ) أن يرافقني للمدينة. فقال لي، أنّ ساحة جامع الفنا مملة نهاراً ولكنه مستعد للذهاب ما لو أشتريتُ له طائرة. أنطلقنا إلى موقف التكسي بالقرب من بيت العائلة، فرأيت هناك فتاتين تنتظران قبلنا. وإذا بإحداهن تعرف ابنة سائق التكسي، الذي رفضَ أن يقل أكثر من ثلاثة أشخاص مثلما هو القانون: " دعهما يصعدان معنا، وإذا أوقفك شرطيّ فعلى مسؤوليتي! "، قالت للرجل. خلال الطريق، راحت كلتا الفتاتين تمازحان ابني وهوَ مطأطئ رأسه خجلاً. خاطبته عندئذٍ: " أنتَ تزعم دائماً أنك لا تفهم اللهجة السورية، فلتتكلم معهما الآن باللهجة المغربية! ".

2
ظهراً، أصطحبت أبني إلى المدينة. نزلنا عند مدخل شارع البرنس، ثم رحنا نتمشى ثمة وكان الزحام ملحوظاً بالنظر لأن الأحد عطلة رسمية. مررنا بمحل جديد يحمل يافطة عريضة " المأكولات والحلويات الشامية الشهية "، ولكن أبني أصرّ على الذهاب إلى ماكدونالدز. بعدما أشتريت له طائرة هليكوبتر هذه المرة، أنطلقنا أولاً إلى الحديقة العامة وبعدها تابعنا سيرنا إلى حيّ غيليز. بالصدفة، شاهدنا هناك في مطعم ماكدونالدز قريبتيّ طفل كان ابني يلعب معه في مطار ستوكهولم ومن ثم في الطائرة التي أقلتنا لمراكش. سلمت عليهما، وأخذت مكاني على طاولة بالقرب منهما. بعدما أنهى ابني وجبته، راحَ يثرثر كالعادة. سألتني إحدى المرأتين عن الوضع في حلب، فأجبتها بأن المدينة أضحت شبه خاوية بعد تهجير معظم سكانها. فكم دهشتُ، حين سألني ابني فجأة باللغة السويدية: " بابا، لماذا يقومون بقصف سورية؟! ".

3
صباحاً، نزلت إلى صحن الدار لتناول الفطور. أبني كان نائماً، فيما جدته مشغولة بالمطبخ. كانت طاولة الفطور جاهزة، تنتظر الشاي المنعنع الذي ينضج على نار هادئة. بعد الفطور، صعدت إلى السطح لكي أتمتع بحرارة الشمس. هناك جلست على مقعد حديدي، طويل وواطئ، مفروش بفروة. العمارة المغربية، تخالف ما أعتدناه لدينا في المشرق. إذ أنّ بناء المنزل على شكل مربع، نوافذ حجراته مفتوحة على الداخل. لذلك يستحيل غالباً وجود حديقة في صحن الدار، حيث يستعيضون عنها بفخاريات كبيرة في السطح تحتوي أغراس النخل والزيتون والبرتقال، وعرائش المجنونة واللبلاب والياسمين، فضلاً عن الشوكيات والورود.
عندما كنتُ مقتعداً على السطح ووجهي بين كفيّ، تذكّرت أن هذه حركة أشتهر بها والدي ( الذي توفي بمثل هذه الأيام قبل دزينة من السنين )، وخصوصاً في الصباحات المشمسة شتاءً. كان يجلس في أرض الديار، خلقه عريشة ياسمين تعانق جدار حجرة الضيوف ومقابله عريشة المجنونة المغطية جدار المطبخ جميعاً، فيما حديقته منطوية على نفسها وكأنها ما تفتأ نائمة. حينَ كنت طفلاً، أعتدتُ بدَوري على الإختباء داخل عباءة الأب المبطنة بالفرو، مُستمتعاً برائحة صاحبها الأليفة. أما الفروة التي تفرش على الأرض للجلوس، فكانت بلون أبيض ناصع وندعوها " الجلد ". مساءً، ما أن تبدأ الأم بإعداد مناماتنا، حتى يقفز كل منا إلى فراشها. إذاك كان الواحد منا يرفع اللحاف حتى قمة رأسه، وهوَ يطلق صرخات الانتشاء بعبق الأم المميز والعَطِر.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجزء الثاني من الرواية: الراء 2
- الجزء الثاني من الرواية: الراء
- الجزء الثاني من الرواية: القاف 3
- الجزء الثاني من الرواية: القاف 1
- الجزء الثاني من الرواية: القاف
- سيرَة أُخرى 42
- الجزء الثاني من الرواية: الصاد 3
- الجزء الثاني من الرواية: الصاد 2
- الجزء الثاني من الرواية: الصاد
- الجزء الثاني من الرواية: الفاء 3
- الجزء الثاني من الرواية: الفاء 2
- الجزء الثاني من الرواية: الفاء
- الجزء الثاني من الرواية: العين 3
- الجزء الثاني من الرواية: العين 2
- الجزء الثاني من الرواية: العين
- الجزء الثاني من الرواية: السين 3
- الجزء الثاني من الرواية: السين 2
- الجزء الثاني من الرواية: السين
- الفردوسُ الخلفيّ: النون 3
- الفردوسُ الخلفيّ: النون 2


المزيد.....




- القبض على مغني الراب التونسي سمارا بتهمة ترويج المخدرات
- فيديو تحرش -بترجمة فورية-.. سائحة صينية توثق تعرضها للتحرش ف ...
- خلفيات سياسية وراء اعتراضات السيخ على فيلم -الطوارئ-
- *محمد الشرقي يشهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة من مسابقة ا ...
- -كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد ...
- أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون ...
- بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
- بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر ...
- دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
- -الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة أُخرى 43