|
حوار صامت 33 الأخير
عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 5385 - 2016 / 12 / 28 - 22:16
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
سؤال _ وماذا بعد يمكن أن تضيفه لهذا الحوار؟ أنا _ أتمنى أن أجد نفسي يوما ما قبالة محاور يمكنه أن يغوص عميقا في الزوايا التي لا أراها ولا يمكنني الألتفات إليها لعلة البصر القصيرة، أتمنى أن أحاور عقولا يمكنها في لحظة تأمل عميقة أن تفجر براكين العقل وتخرج لنا ما يقتلنا وهو في داخلنا محبوس في إطارات التابو والمحرم والمخشي منه، أتمنى أن أرى في المجتمع تقاليد فكرية ومعرفية تؤسس لظاهرة التفكير العلمي وأستحضار الأفكار الإبداعية بعيدا عن الأنا المغرورة أو الأنا المتعالية، تقاليد وأعراف تمنح المفكر والمثقف والإنسان حرية التعبد بأفكاره دون تقديسها ودون نهائية في الطرح، أتمنى أن يمنحني العمر المزيد من الفرص لبحث ما هو ساكن خلف اليقين على أنه نهاية، وإعادة تجريده ونقده حتى لو كان من أحرم المحرمات عند الأخر. سؤال _ ألم ننجح معا في إثارة أشياء مهمة وأفكار قد لا يتمكن الأخر من التطرق لها في مثل هكذا حوارات؟ أنا _ كل ما كتبناه هنا وأشرنا له يمثل وجهة نظر واحدة قد لا تشفي غليل مفكر ولا تجيب عن كثير مما لا نراه الآن، الحوار حتى يكون حقيقيا بد من وجهتي نظر إن لم تكونا مختلفتين على الأقل أن يكونا متمايزتين بتفاصيل ما، لقد نجحت كـ (أنا) ونجحت كـ (هو) في إدارة حوار من جانب واحد، لكننا لم ننجح في حوار ثاني أو حتى جماعي يقدم وجهات نظر متنوعة ومختلفة وملونة، هذا الحوار لم يكن إلا حوار داخلي فرضته حاجة لأن نقول ولم تفرضه حاجة الحوار الحقيقية، فيه كثير من الوحدانية الذاتية وفيه كثير من الفردية الفكرية وإن حرصت أن أقدم وجهة نظر مغايرة لكن لا ننسى أن العقل دائما وفي لا وعيه يدافع عن فكرته الخاصة وينحاز لها دون أن يعي. سؤال _ متى ندرك أن العقل يمكنه أن يصنع المعجزة ولا يتوقف عن الوصف والدهشة؟ أنا _ عندما نحترم الإنسان في داخلنا ونحترم قدرته على أن يكون كائن خالق أيضا سيكون للعقل عند ذاك ميزة تستحق أن نقدمها على كل القيم والمواضيع التي تهم وجودنا ومنها الدين والأخلاق والمثاليات الذهنية، وعندما يهزم هذا الإنسان في وعينا ولا وعينا حتى لو تكلم الوجود كله لأقناعنا بأن العقل قادر على فعل المستحيل لا يمكن أن نثق بكلمة واحدة، المهزوم نفسيا مغيب عن واقع الحقيقة لأنه يخشى أن يرى هزيمته جزء من الواقع الذي أساسا ساهم في صنع الهزيمة وخلقها. سؤال _ أمنيات أخرى يمكن أن تراودك ليس ككاتب ومثقف بل كإنسان؟ أنا _ هي أمنية وحيدة قد تصلح لتكون نكتة الموسم تتلخص في أن يعمل البشر كأمة واحدة على تشريع واحد متفق عليه، بتجريم الكراهية وأعتبار فكرة التفريد أو التعنصر عار أخلاقي يجرد الفرد أيا كان من جنسيته الإنسانية ويسقط عنه حق الحماية ليتحول إلى ذئب ووحش من فصيلة طفيلية منبوذة حتى يعود عن فكرته ويمارس إنسانيته بجدارة. سؤال _ ما هي أمنياتك على الصعيد الشخصي؟ أنا _ أن أنتصر على عجزي وضعفي وخوفي هذا يكفيني لأتحرر من قيود أكثر من خمسين عام سجنني الواقع فيها دون إرادتي ودون أن أرتكب ذنب سوى مطالبتي بحقي كإنسان. سؤال _ كيف ترى القوة كمصدر سعادة للإنسان؟ أنا _ القوة نوعان أحداهما القوة الفردية الذاتية التي بها تنتصر لإنسانيتك وهذه هي أصعب وأدوم القوة، وبدونها يبقى الإنسان أسير واقعه وأسير سجنه الذاتي ما لم يتحرر، أما القوة الخارجية التي مبعثها المال أو السلطة أو الموقع الأجتماعي أو حتى مفهوم القوة بأعتبارها أداة تحكم بالغير أيا كان شكلها، تشكل لي حساسية في التسمية خاصة إذا كانت غير متعقلة وغير قادرة بالضرورة على منح الإنسان حريته، القوة كسلاح فردي أو أجتماعي تمنح الشر والكراهية وأحيانا الموت شرعية الوجود، لذا فمن الضروري إخضاع القوة كسلاح إلى متحكمات العقل الحر وليس العقل المنفعل بحرية النفس كي يسعد الإنسان في فرصته القصيرة ككائن حي في الوجود، القوة أحيانا تكون الخطيئة العظمى التي لا تغتفر بحق إنسانية الإنسان ذاته. سؤال _ هل من رؤية ختامية تقولها للإنسان الأخر المختلف أو حتى الحيادي في قضية تنازع الإنسان مع واقعه ووجوده؟ وأيهما أحق أن نبقى مختلفين أم لا بد من الألتقاء على أسس ونقاط مشتركة كي ننال السعادة الوجودية؟ أنا _ الرؤية هنا تتركز على ثلاث قواعد يمكن فهمها بالطريقة التي توصلك إلى أجابة ذاتية مقنعة وهي: • لا بد للإنسان من أخر كي يتمكن من معرفة وجوده من عدمه، فلا يمكن وهذه حقيقية أساسية مهما أمتلك من وعي حسي ووعي وجودي بذاته من إدراك وجوده الذاتي بمعزل عن الأخر أبدا، لو وقف الإنسان أمام المرأة ونظر لنفسه فإنه لا يعتبر الصورة المنعكسة عنه إلا ذات أخرى منفصلة عنه ولذا فهو يحاولها ويطلب رأيها أن تكشف له ما يريد أن يستكشفه، هذه الآخرية لا تعني إلا حقيقة واحدة أن الإنسان يبقى كائن ناقص بدون الأخر مهما كان هذا الأخر متخيل وهمي حقيقي أعتباري موضوعي، المهم هو بحاجة له. • ولكي يكون الأخر فعال ومتمم وقادر على أعطاء ما مطلوب منه ألا يكون طبق الأصل تماما عن نسخة الطالب وإلا فقد هذا الأخر القدرة على التقييم والتقديم، فالتنوع والأختلاف والتمايز شرطا لهذه الآخرية مهما كان عنوانها. • وأخيرا مهما بلغ الإنسان من درجات الكمال البشري وتطور نحو حد ممكن من التمامية فأنه يبقى بحاجة أكيدة وملحة للأخر، هذه الحاجة تتبلور دوما مع الأرتقاء وتزداد إلحاحا كلما تعالى الإنسان بوجوده، فهو محتاج الأخر أولا كمقياس لكماليته وتماميته وأيضا محتاج وجوديا للتناظر العكسي، فهنا لا بد أن يكون الإنسان على تواصل مع الأخر الضد النوعي والكيفي لكي يفهم ونفهم نحن معنى الوجود. بخلاف هذه النقاط الثلاث لا يمكن للإنسان أن يكون إنسان أجتماعي حقيقي صاحب رسالة في الوجود، وقد يتحول مع عدم الأخر إلى مجرد وهم، من هنا نلمس ونفهم حكمة الخلق عندما جعل الزوجين الذكر والأنثى كمالا وأكتمالا، ولكي نعيش على سيرورة دائمة وصيرورة متوافقة لا بد م أختلاف وتنوع وتميز ومنافسة وأحتكاك على أن يكون كل ما ذكرت في حدود العلة ومرادات الأختلاف وليس تقصدا للعناوين خارج علتها الرئيسية. سؤال _ وأخيرا نهاية بكلمة؟ أنا _ الحياة تبدو لمن يفهمها أكبر وأجمل وأقدر على أن نعيشها بسلام وحرية لو تصالح الإنسان مع نفسه أولا وتسالم مع الواقع الطبيعي الفطري، الحياة جميلة بقدر ما تمنحها دفء تمنحك عطاء أقل ما يقال عنه أنه مدهش فلا تنخرط بمشروع إفسادها وتجنب أن تكون لعنة عليها.
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حوار صامت 32
-
بين الحرية السياسية وحقوق الإنسان نقتل مرتين
-
صوت الصمت العالي
-
حوار صامت 31
-
حوار صامت 30
-
حوار صامت 29
-
حوار 28
-
حوار صامت 27
-
زهرة مدائن النور
-
حوار صامت 25
-
حوار صامت 26
-
حوار صامت 24
-
حوار صامت 23
-
نستنسخ خيبتنا لنموت
-
حوار صامت22
-
حوار صامت21
-
حوار صامت 20
-
حوار صامت 19
-
حوار صامت 18
-
حوار صامت 17
المزيد.....
-
بعد زيارة وزير خارجية أمريكا.. بنما لن تجدد اتفاق -الحزام وا
...
-
اتهامات بالتحريض وترهيب الشهود.. النيابة الإسرائيلية تفتح تح
...
-
سوريا تحت قيادة الشرع تفتح صفحة جديدة مع الخليج، فهل تنجح بإ
...
-
إسرائيل تصعد عملياتها العسكرية في جنين: نسف 21 منزلا وسقوط خ
...
-
لقطات جوية تكشف حجم الكارثة.. أحياء بأكملها تغرق في كوينزلان
...
-
كيف تتلاعب روسيا بالرأي العام في أفريقيا؟
-
هل نجح نتنياهو بتغيير ملامح الشرق الأوسط؟
-
الأطفال الفلسطينيون المرضى والجرحى يصلون إلى مصر بعد فتح معب
...
-
المتمردون من حركة -إم 23- يدعون حكومة الكونغو الديمقراطية لل
...
-
مصر.. خطاب للسفارة الأمريكية اعتراضا على تصريحات ترامب
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|