علي عثمان أسير حرب

مولاي عبد الحكيم الزاوي

الحوار المتمدن-العدد: 5384 - 2016 / 12 / 27 - 16:07
المحور: الادب والفن
    

علي عثمان أسير حرب
مولاي عبد الحكيم الزاوي
قد لا يُكتب لأجيال اليوم أن تقف عند حقيقة ما كان يعتمل حول قضية الصحراء بمغرب السبعينات، وهي إذاك ترسم لحظة ولادتها في زمانية طبعت بتجاذب دولي حاد، وحكمت على منطقة المغارب بانقسامات جيواستراتيجية، كان لتركة الرجل الأبيض دور في إذكائها بالمنطقة.
وقد تُصرف الأنظار تحت يافطة النسيان عن مآسي وعذابات عديد من أولئك المغاربة الذين أُقبروا ردحا من الزمن ضمن أقبية الاعتقال، وضاقوا صنوفا من العذاب بإسم الواجب والوطن، ويُحسب للأدب أن يُفْصِح عن هذه المآسي، ويُصَوِّر لحظاتها الأليمة من داخل مخيمات تندوف وسجون النظام الجزائري.
مناسبة هذا الكلام، تنساق مع صدور رواية للطيار المغربي علي عثمان، بعنوان " أسير حرب"، يُعري من خلالها عن محنة المغاربة مع سراديب الاعتقال الجزائري والمخيمات. شهادة حية لرجل سقط أسيرا في الاعتقال، لمدة 26 سنة، متنقلا بين جدرانه، لرجل يحكي عن ماض حزين وحاضر مُؤلم. عن حياته التي توقفت يوم اعتقاله 24 غشت 1977.
علي عثمان إبن دوار برام بنواحي مدينة ميدلت، رأى النور يوم فاتح يناير من سنة 1947، عايش الأحداث الكبرى لمغرب الاستقلال، وتشكل وعيه الوطني في خضم حرب الرمال بين المغرب والجزائر 1963، كان يحلم بأن يلج المدرسة الوطنية للفلاحة، لكن أحداث 1965 التلاميذية، وما رافقها من مخاضات، ستغلق المدرسة، وستصرف اهتمامه نحو المدرسة الملكية العسكرية، ليصبح مهندس طيران.
الطيار علي عثمان سيكتب له أن يكون ربانا لطائرة ف 5، وهي "الطائرة الملعونة" التي توجس منها الحسن الثاني لحظة الانقلاب العسكري عليه في القنيطرة سنة 1971، سيبتدأ مشوراه المهني يوم 18 فبراير 1978 كطيار مقاتل في مواجهة القبعات السود الجزائرية، في كل من بير لحلو وتيفاريتي وأمغالا، ليسقط أسيرا في جحيم الاعتقال، متنقلا بين مخيم الرابوني وسجن البليدة بالجزائر.
يحكي بمرارة عن لحظة الأسر "أصيبت الطائرة بصاروخ أرض- جو، فلم تعد محركاتها قادرة على الاشتغال، وأصبح من المستحيل التحكم فيها، لم يكن أمامي سوى خيار القفز في الوقت الذي أصبحت قريبا من الأرض، لم يتملكني الذعر بما أن القوات المغربية كانت في المنطقة، وكنت أراهم أثناء نزولي بالمظلة، غير أن الريح كانت قوية، أدت بي إلى الهبوط بعيدا عن المغاربة، فضلا عن كوني أصبت بكسر في الساق، إلى حد وجدت صعوبة في التخلص من المظلة، بدأت الرصاصات تتهاطل على بعد سنتمترات مني، هنا رأيت شاحنة للبوليساريو تتجه نحوي بسرعة، فكرت حينها في الانتحار، غير أن صورة زوجتي وأبنائي منعتني من ذلك، كان الأمل بأن أراهم مرة أخرى يستحق الاعتقال"
تغوص الرواية في تصوير واقع الاعتقال، وترصد خبايا النظام الجزائري في قضية الصحراء، يقول علي عثمان، "مرة سألني ضابط عسكري: هل تعتقد بأنك تخوض حربا ضد البوليساريو، وحين أجبته بنعم، ردَّ علي بالقول: أنتم أغبياء حقا، نحن من نتحارب معكم، البوليساريو لا توجد."
في الفاتح من شتنبر 2003، كتب لعلي عثمان أن يتحرر من الأسر،" نزلت بأگادير، فوجئت بأن بلدي تطور بشكل كبير، لكن لحظات الاستمتاع توقفت، والباقي لم يكن إلا إحباطا".
نجوت من الجنون بقدرة قادر، حياتي توقفت يوم 24 غشت 1977، وأصبحت أملك حرية مُرَّة، ربما ينتظر المسؤولون أن نموت مرة أخرى.

#مولاي_عبد_الحكيم_الزاوي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات