أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالرازق مختار محمود - بانا العابد رسالة في جدار الإنسانية














المزيد.....

بانا العابد رسالة في جدار الإنسانية


عبدالرازق مختار محمود

الحوار المتمدن-العدد: 5380 - 2016 / 12 / 23 - 18:02
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كانت تعيش هانئة في زوايا طفولتها ... ثارت كل مدينتها... فقصفت، وتهدمت كل البيوت... من بين الركام كتبت رسالة لكل الإنسانية ...التقطها، ووعدها، واستقبلها في قصر الرئاسة مع أهلها... هنا حكاية بانا قد انتهت .. ولكن رسالتها علي جدار الإنسانية مازالت باقية؛ لتخبرنا بأنه من خلف ستائر القصف، وبين سحب الدخان المتراكم، وبين بقايا منازل تهدمت، وعلي أنقاض طفولة ترحل، وبجوار عيون شاخصة تنتظر الرحيل، وعلي مرمي من أجساد اخترقتها سهام البرد القارس، وعلي شموع بالية، وشحنات من الطاقة نفدت أو تكاد....
صرخت طفولة بانا بنت حلب الشهباء، وهي البريئة، المنهكة، المتألمة، العاجزة، الرافضة، الثائرة، المحلقة في سماء قهر المستحيل، الضاربة بقوة علي زناد لوحتها الخافتة؛ لتكتب استغاثه لكل الكون، استغاثة لأهل الشهامة، استغاثة للنشامى، استغاثة لأمة أقامت الدنيا من أجل رداء امرأة اهتز عمدا من مكانه، أمة ثارت قاطبة من أجل صرخة من ضعيف علي أطراف التاريخ يطلب النصرة، نعم صرخت وحقيق لها أن تصرخ فهي سليلة أمة ثارت، ونالت من أجل نظرة، ومن أجل كلمة.
نعم صرخت تنشد النخوة، وتخاطب الرجولة، وتستدعي الكرامة، وتلهث خلف النصرة، لا تبغي بصرختها الرغد، ولكنها تستجدي البقاء، وتتسول الهواء، وتأمل في النجاة بجسدها علي ضعفه خلف أسوار الحياة.
علي تويتر أرسلت بانا تلك الرسالة، وهي رسالة لكل الكون، هي رسالة لكل الإنسانية المتمسكة بمؤسساتها البالية العفنة، هي رسالة لكل فرد بعينه قد تصله أو تكاد؛ لتسأله ماذا فعلت؟ وربما نجا من همس بالدعاء لها، وهو مختبئ خلف عجزه وضعفه، وربما ابتعد قليلا بهمسه عن أولئك الذين فرحوا لعجزها، وتباهوا بضعفها، ورقصوا علي بقايا دمها الغائر في بقايا الركام، وتبادلوا التهاني بانتزاع ثوبها الممزق، وافتخروا بسلبها أحلامها في الجلوس علي عتبه بيتها مع صديقتها في صباح الصيف لمداعبة نسمة هاربة من شمس الضحى في حلب الشهباء.
نعم ماتت الإنسانية، وتهدم جدارها العفن على وقع تلك الرسالة القاسية، من أنامل لا تكاد تتحرك، نعم ماتت يوم صمتت عن نصرتها، يوم تراخت عن إجابتها، يوم أبت إلا السكون، نعم ماتت كل الإنسانية، يوم تركت كل هذا الضعف وحيدا، ولما تحولت كل أحلام الطفولة العابرة لكل الخيال إلي أمل مجرد أمل في أي نوع من أنواع الحياة .
وأخيرا ربما نتناسى بانا العابد تلك الفتاة السورية، وننسى قصتها، ولكن تبقي دوما رسالتها المحفورة في جدار الإنسانية شاهدا علينا جميعا أننا أصبحنا صرعي في محراب تلك الرسالة، وشهداء تلك الكلمات الحانية.



#عبدالرازق_مختار_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قهر الاختبارات
- التعليم المجتمعي من رحم التجربة
- أفيخاي أدرعي وميلاد الرسول!!!
- وطنك فقط من يروي عطشك
- حكايات الكلبة أناستازيا؟!
- كلاسيكو الأرض أزمة هوية
- قلم شريف
- حلب الشهباء التي أحببت
- إسرائيل تحترق وماذا بعد ؟!!
- ما وراء مباراة مصر وغانا
- المرضى لا يعرفون
- شد السيفون ولا تخجل
- مفتون أصابته دعوة سعد
- اسم الآلة
- للاحتكار وجوه أخرى
- للشعب إعلام يلهيه
- لا صوت يعلو فوق صوت المصلحة
- وزارة واحدة تكفي
- المسئول الفقاعة
- أُريد: منصة عربية في زمن التغريب


المزيد.....




- الديوان الملكي السعودي يعلن وفاة والدة الأمير بندر بن خالد ب ...
- حزب الله: تصدينا للمقاتلات الإسرائيلية
- السودان.. 22 قتيلا بمدينة الفاشر جراء قصف مدفعي واتهامات لقو ...
- إسرائيل تضيق الخناق على نازحي خان يونس
- واشنطن تؤكد مجددا دعمها -الراسخ- لإسرائيل بعد حادثة مجدل شمس ...
- إعلام عبري: تشييع قتلى الهجوم على بلدة مجدل شمس في الجولان ( ...
- شركة اتصالات أمريكية تسحب إعلاناتها من أولمبياد باريس بسبب ا ...
- قوات الاحتلال تحاصر مخيم بلاطة وتشتبك مع عناصر المقاومة
- غليان بالضفة واحتضان شعبي لمقاومتها أمام الاحتلال وأمن السلط ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن -هوية قائد ميداني في حزب الله وجّه- ال ...


المزيد.....

- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالرازق مختار محمود - بانا العابد رسالة في جدار الإنسانية