نادية خلوف
(Nadia Khaloof)
الحوار المتمدن-العدد: 5379 - 2016 / 12 / 22 - 22:11
المحور:
الادب والفن
اليوم فقط خطر لي أن أتوقّف. أصرخُ عليّ وأنا أركض باتّجاه المنحدر: توقفي. توقفي. خذي استراحة لثانية. يوقفني حجر. تعثّرت به. نظرت فإذ بي وحيدة في هذا السّفر . جلست على الحجر أسأله: لماذا أوقفتني؟ لا أحبّ التّوقف. يبعث ذلك في قلبي الضّجر، ومع أنّي كنت آمرني بالوقوف، فقط رغبّة بالعناد مع الحجر.
وينطق الحجر: عليك بالرّاحة قليلاً. يكفي أنّك هدرت العمر، ورسمت ابتسامة فوق غصّة تكاد تمنع الهواء عنك. كفاك تحايلاً. أنت هاربة، كشفتُ كل ألاعيبك. لماذا تهربين؟ أليست مواجهة الأمر يحسّن بين شفتيك طعم السّنين. عودي إلى ذكريات الأيّام قد تجدين فيها بعض العزاء، وتبتسمين.
بكيت، وبكى معي الحجر. دعني أهرب إلى مساحات لا أعرفها فذلك القهر الذي ملأ عمري، وذلك الفقر الذي ملأ ثلاّجتي ، وذلك العهر الذي تمّ على مرأى منّي .جعلني أجرّم نفسي ، أحاول أن أقدّم عذراً لي، أركض جهة المنحدّر علّني أتلقى عقوبة عن حياتي الفانيّة، والتي سوف تفنى.
أيّها الحجر. اعتقدت أنّك مجرّد جماد، وإذ بك تنطق وتبكي، وتشعر بي.
بحثت عن الذّكريات عمراً فما تعثّرت بابتسامة ، ولا بغمزة من القمر.
قلبي ساحة سباق يخرج منها الرّابحون، ويبقى الخاسرون يندبون حظّهم إلى أن ماتوا، وأغلقت السّاحة بالشّمع الأحمر.
هل تعرف طريقاً للموت الرّحيم أيها الحجر؟
الغولة تكاد تعبّئ جسدي بكيسها. انظر سوف تراها خلفي تطاردني، هذه الغولة في يدها مفاتيح القدر، لا أرغب أن أسمع صوتاً يأكلني. اعطني وصفة للموت لو سمحت.
يقهقه الحجر، يردّد. مجنونة. مجنونة. الغيلان من صبيان أفكارنا، والموت الرّحيم خرافة ،فلا أقسى من ساعة تفارقين فيها الحياة. اجلسي قليلاً نتحدّث عن الحبّ، عن الطّفولة، عن البستان، والفراشات والعصافير. أتوق إلى كلّ تلك الأشياء التي مرّت في حياتي.
وأنا أيضاً أتوق لكلّ تلك الأشياء، بذلت جهداً، ولم أرها. اعتقدت أنّها تخاريف تساعد على تصوّر أن الحياة جميلة. هل رأيتها أنتَ؟
نعم، ولا. رأيت البستان، والعصافير، رأيت الحبّ، لكنّهم منعوني من التّمتّع بالأمور. أتنقّل في حياتهم من مكان إلى آخر، ثمّ رموني فتدحرجت على هذا الطريق مثلك تماماً.
أعد ما قلت عنّي لو سمحت. هل تقول أنّني حجر؟
#نادية_خلوف (هاشتاغ)
Nadia_Khaloof#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟