|
حوار صامت22
عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 5377 - 2016 / 12 / 20 - 00:45
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
سؤال _ هل من الأجدى دعم التعليم نوعيا وكيفيا أم إباحة التعليم بأعتباره حق فردي أولي للإنسان؟ أنا _ من الضروري إباحة التعليم وأعتباره حق لا نقاش فيه للإنسان وواحد من أهم أسس وجوده الحياتي، بمعنى أننا نجعل من التعلم دائرة وجوبية للفرد دون أن نتدخل في توجيه مساراته إلا في الحدود التي تخرج التعليم من وظيفته الإعدادية إلى مسارات لا تتصل بجوهر فكرة التعلم والمعرفة وبأضيق الحدود، تدخل المجتمع من خلال الدعم نوعا وكيفيا يلحقه بالضروري رسم منهجية ما ووفق أستراتيجية محددة تنحاز دوما لفكرة المخطط، هنا نؤدلج التعليم وإن بشكل غير مباشر مما يعني تضيق مساحة الحرية التي يتبعها في النهاية. سؤال _ هل الأيديلوجية تتعارض مع الحرية خاصة إذا كانت الحرية أصلا فكرة أيديولوجية بشكل ما؟ أنا _ الحرية ليست فكرة حتى يمكن أدلجتها أو وصفها بأيديولوجية، الحرية واحدة من خصائص طبيعية الوجود في جانبه الذاتي لا في الجانب التكويني، فلا وجود لمعنى الحرية في طبيعة النظام الكوني بكونيته المترابطة والمتصلة والمحكومة بالقوانين، هذه الكيفية هي التي تحمي ذاتية الأشياء أن تمارس حريتها المرسومة لها من داخل التركيب والتكوين الكلي، فمثلا الدرات وعالمها محكوم بقوانين فيزيائية وكيمائية بكل مكوناتها الداخلية، هذه القوانين تسمح للمكونات التحرك الحر وفق الأطار العام ولكن مع نتائج مختلفة مثلا إنفلات الفوتون أو إندماج الإليكترون أو ما يسمى بالتفاعلات البينية تمارس من خلال النظام العام المقيد بالقوانين، الإنسان في مرحلة أعلى من المثال السابق فهو مثلا محكوم بالأبعاد الحسية ومحكوم بقوانين المادة وخاضع بالقوة لكل التحولات الكونية، وهذا لا يعني أن يتخلى عن هامش الحرية الممنوح له في ظل هذا النظام لأنه مبرمج على أن يتمتع بها هكذا، إذا فرض الأيديلوجية على الإنسان بما تملك الأيديلوجية من حدود وقوانين وضغوط، يحول الكائن الإنساني إلى أن يدخل أسر أطار أخر في سلسلة الأطارات المقيدة لهامش الحرية الطبيعية كما منحها أصلا النظام الكوني، لذا نجد الكثير من الناس تكفر بالدين والقوانين والثقافات وحتى القيم ليس لأنها لا تؤمن بها ولكن لثقلها الغير طبيعي على مفهوم الحرية الطبيعية خارج الحد الممكن. سؤال _ هل تؤمن بأن هناك فرق كبير بين الحرية وبين محاولة الإنسان التمرد على واقعه المقنن بالقيم والشرائع والقوانين؟ أنا _ نعم هناك فرق كبير بين مفهومي للحرية الطبيعية وحق الواقع أن يحد جزئيا منها لصالح صيانتها من العبث اللا مسئول، عندما تأت القيم والمحددات والأطر الدينية والأخلاقية بأكثر من الحد الذي يحمي الحرية تتحول هذه المفردات إلى سجون بدل أن تحمي الحرية تعتقلها بحجة الضبط، الإنسان كائن عاقل بوضوح ويحتاج للحرية كي يمنح العقل قدرة على فهم وتجديد الواقع وخاصة مع منظومة قيمية تشجع على أحترام حق العقل بالحرية، كل خطيئة البشر عبر التاريخ أنك تمنح الحرية للعقل الذي لا يؤمن بالحرية ليكون داعية للنظام وداعية للفكر المؤدلج، هنا تحول مفهوم الحرية إلى أما تمرد ثم فوضى، أو تقزيم الحرية للدرجة التي لا ترى منها إلا الظل فقط. سؤال _ أليس القيم الفوقية سواء كانت أجتماعية أو دينية أو أخلاقية هي مصدات لحفظ المجتمع من شر الإنسان الذي لا يفهم الحرية أصلا إلا بمعنى التمرد على هذه القيم؟ أنا _ لو رجعنا لنقطة البدء في حياتنا قبل أن نلوثها بالظلم والأنانية ودوافع النفس الحسية وقدمنا مجتمع يؤمن بالحرية ويؤمن بالعقل ويؤمن بالحق سنجد أن الإنسان سينشأ طبيعيا خارج حدود الضوابط والمصدات التي ذكرت بالسؤال، لأنه لا يجد مبرر لخرقها طالما أنه يعمل بحريته طبيعيا وقد يتنازل من بعض حدودها لحفظ التوازن بين حق الحرية وحق حفظ وحماية الحرية، المهم بعد هذه الرحلة الطويلة للإنسان أكتشف ومتأخرا جدا أن حقه في الحرية لا يمكن أن تحميه قيم شديدة ولا قيم سطحية، إنما يحميه التوازن بينها وبين أن تستمر الحرية بالتعبير عن نفسها من خلال الإنسان، وهذا هو الأكتشاف الأهم بنظري بعد أن تعلم الوعي بها. سؤال _ الفرق بين الحرية والعدل وبين الحرية والعدالة؟ أنا _ الحرية مع العدل يعني تقديم التكامل على التمامية، فالحرية الحقيقية أن يستمتع الإنسان بالعدل الذي هو وضع الشيء في محله المناسب وهي وجه من أوجه الحق، فطالما أن الحرية حق والعدل حق فإنهما يتكاملان حتى في الدفاع عن وجودهما الفردي، فالإنسان الحر هو الذي يحرص أن يكون مع العدل حتى لو على حساب نفسه إذا كان خارقا لوجه من وجوه العدل، لذا من القيم الأخلاقية المثالية التي وردت كمقولة مهملة هي (قل الحق ولو على نفسك) أو (أسع للعدل حتى لو أصابك سهم)، أما العدالة في مفهومها الدلالي هو محاولة تطبيق الضوابط والقوانين بصورة متساوية دون أن يبصر القانون والضابط الفرق بين حالات متشابهة بالعنوان، فسارق الخبز ليسد جوعه هو مجرم وسارق معتد في نظر القانون ولكن في نظر العدل هو ضحية من سرق حقه والجناية لا تقع عليه بل على من حرمه حقه، الحرية لا تستقيم مع العدالة ولا تتماشى معها، ولكن كبداية لتطورها نحو العدل ممكن الإيمان بها مرشدا للإنسان للسعي نحو التمامية. سؤال _ الدين والدولة تكامل أم محاولة للألتفاف على القانون بجعل الشريعة مدار القوة الضابطة الحاكمة؟ أنا _ الدين كما هو موقفي الدائم منه مثل الفلسفة مثل العلوم مثل كل معرفة لا يمكنها أن تقتحم أي مجال لمجرد أن شخصا ما يريد ذلك، ممكن أن يكون رجل الدولة رجل دين ويسترشد بما في الدين من قيم فكرية تساعده ككائن عاقل لتيسير أمور الدولة، ولكنه عندما يقحم هذا الدين في مفاصل عمل الدولة وأخضع الدولة لأحكام الدين يكون قد أرتكب الجناية التأريخية لسبب بسيط جدا، أن الدين لا يملك القدرة على أن يكون بديلا عن المجتمع وإرادته، ولو كان الدين كذلك لكان الله بعث الأنبياء بصفة ملوك وليس بصفة رجال مصلحين، هل يمكن مثلا أن ندير دولة بقوانين الفلسفة أو بقواعد العلوم، الجواب هذا شيء فوق المتخيل والمعقول بالرغم من أن الفلسفة تملك الكثير من الأجوبة وقادرة على طرح الأسئلة والبحث عن أجوبة ولكن عندما تخرجها من إطارها الطبيعي النظري التفكري تتحول إلى هرج ومرج، هذه هي إشكالية الدين عندما أخرجنا العلاقة الأساسية بين الفرد وربه إلى الفرد والمجتمع، هنا ضاع الدين وشوهنا مفهوم الدولة والقانون والدستور، ولم ننجح في تحقيق غائية الدين ولا هدف الدولة.
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حوار صامت21
-
حوار صامت 20
-
حوار صامت 19
-
حوار صامت 18
-
حوار صامت 17
-
حوار صامت 16
-
حوار صامت 15
-
حوار صامت 14
-
حوار صامت 13
-
حوار صامت 12
-
حوار صامت 11
-
تلة القرابين اللعينة
-
حوار صامت 10
-
نموذج للقراءة التفكيكية في تفسير النصوص الدينية ح3
-
نموذج للقراءة التفكيكية في تفسير النصوص الدينية ح2
-
الصراعات التأريخية المذهبية والفكرية هي نتاج تحولات تأريخية
...
-
إلى الذوات أصحاب المعاول
-
حوار صامت9
-
حوار صامت8
-
حوار صامت7
المزيد.....
-
أحمد الشرع: سنشكل حكومة شاملة وسنعلن في الأيام المقبلة عن لج
...
-
مراسم يابانية قديمة لجلب الحظ والسلامة البحرية في فوكوكا
-
القسام تؤكد مقتل قائد أركانها محمد الضيف ونائبه وعدد من أعضا
...
-
وزير الدفاع اليوناني يطلب رسميا من سفيرة فرنسا توضيحات حول ص
...
-
ترامب يعرب عن تعازيه إثر مقتل روس في تحطم طائرتين بواشنطن وي
...
-
صحيفة تكشف التقارير الأخيرة لجهاز استخبارات بشار الأسد قبل س
...
-
السفارة الروسية في واشنطن: نعرب عن تعازينا بضحايا حادثة الطا
...
-
مرتضى منصور يهدد ترامب: التراجع أو المحاكمة أمام الجنائية ال
...
-
وكالة: الشيباني يشارك في مؤتمر دولي حول سوريا في باريس
-
واشنطن تخطط لتفجير اختباري للبلوتونيوم العسكري
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|