|
جدل عقيم وحمى الاتهامات
تميم منصور
الحوار المتمدن-العدد: 5376 - 2016 / 12 / 19 - 22:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
جدل عقيم وحمى الاتهامات تميم منصور
لا نعرف اذا كان هذا النقاش العقيم المثقل بحمّى التشنج والانفلات في الألفاظ النابية ، الذي يدور بين أفراد وجماعات وأطر مختلفة من المواطنين العرب حول ما يدور في سوريا ، هل يدل هذا النقاش على ارتفاع منسوب الوعي الفكري والوطني لدى هذا القطاع الهام من الشعب الفلسطيني ، أم أنه لا يخرج عن كونه حماقة سياسية وتعبير عن حالة انغلاق فكري وتراجع في حالات الادراك والمعرفة والانتماء الى صفوف القوى الصاعدة . ما يلفت النظر في هذا النقاش الذي يأخذ طابعاً عدوانياً أكثر منه تفاهمياً مشاركة العديد من الشباب فيه، لكن غالبية هؤلاء الشباب بجترون ويرددون ما تنقله وسائل الاعلام الإسرائيلية التي تساهم في تأليب هذا النقاش ، خاصة القنوات الفضائية ، ومنهم من يردد ويجتر ما يلقونهم بعض أئمة المساجد وشيوخ التكفير . اذا إسرائيل تعتبر لاعباً رئيسياً ، إضافة الى قنوات التجهيل العربية المعروفة تحولت جميعها الى مرجعيات تتفق في بث سمومها وفي مواقفها مع أفكار ونداءات واطر سياسية ودينية منظمة داخل مدننا وقرانا ، الألسنة والوجوه مختلفة ، لكن العداء لقوى الممانعة الداعمة للمقاومة واحد ، الاصطلاحات لا تتغير ، منها سيطرة الشيعة ، مليشيات الشيعة ، حرب صليبية تقودها روسيا . وغيرها مما صدره الغرب الامبريالي بواسطة عملائه الى مجتمعاتنا التي تعاني من الجهل و التخلف . ان هؤلاء لا يدركون ان هذا اللاعب الأساسي وهي إسرائيل التي تشارك في نصب حلقات الذكر والردح وذرف الدموع ، بمشاركة حكام السعودية وقطر وعمان ، وبمشاركة العديد من الأطر السياسية الدينية ، إسرائيل هذه تقوم بدعم افراد عصابات القتل والتدمير في سوريا ، تمدها بالعتاد والأسلحة ، والدعم اللوجستي والإعلامي المتواصل ، كما أنها تقوم بين الحين والآخر بضرب مواقع الجيش السوري ومواقع المقاومة خدمة لهذه العصابات . من يلاحق ويتابع هذا الجدل العقيم ، يجد أنه لا ينحصر في دائرة الموضوعية والمنطق والتبادل في المواقف والآراء بشكل حضاري ، لقد تجاوز في كثير من الحالات عبر شبكات التواصل والشاشات الفضائيات والصحف كل حدود الحوار الحضاري ، فتحول الى اشتباك وتقاطع في العبارات الثابية وكيل التهم التي افرغت هذا الجدل من كل مضمون ثقافي انساني . السؤال لماذا سوريا وحدها هي الواقعة في ميزان تشابك هذه الانقسامات و الخلافات ، هناك مشاهد مشابهة من الحروب والعنف والقتل والتدمير لا تقل في شدتها عما يحدث في سوريا داخل العراق ؟ وهناك حروب مشابهة تقف وراءها القوى العدوانية ذاتها التي اشعلت الفتن في سوريا ، كما يحدث في ليبيا واليمن ، ومن قبل حدث في الجزائر. لماذا لا نرى هذا المشهد من الانقسام وحمى الجدل حول اليمن ، مع ان أهمية هذا البلد القومية والاستراتيجية ، لا تقل عن أهمية سوريا والعراق ، اليمن واجهة وذخراً ، حضارياً وواحة تاريخية تقع في صحراء مجدبة من التخلف الاجتماعي داخل جزيرة العرب . اذاً لماذا سوريا ؟؟؟ لأن الذين يدافعون عن سوريا الدولة وسوريا الحضارة والمؤسسات والنظام والوحدة الجغرافية ، يدركون بأن سوريا هي آخر قلعة من قلاع الصمود ، وكما قال " محمد حسنين هيكل " قبل رحيله ، ورددها من بعده عبد الحكيم جمال عبد الناصر ، لو سقطت سوريا ، سوف تنهار المقاومة في لبنان والعراق ، وحتى في فلسطين ، اذا سقطت سوريا سوف يخلفها شرق أوسط أكثر عجزاً وانقساماً ورضوخاً وتبعية للمشاريع الامروصهونية والرجعية العربية ، سوف تشعر الرجعية العربية ورموزها بالأمان في حاضرها ومستقبلها لسنوات قادمة طويلة . لا يمكن تجسيد سوريا الدولة والحضارة والتاريخ والقومية والتطور والتقدم والاكتفاء الذاتي بالغذاء والتعليم المجاني والعلاج المجاني بشخص واحد وأكثر ، نحن ننظر الى سوريا مجتمعة في كل شيء ، ننظر اليها كبلد يرفض الإقليمية والطائفية ، ننظر اليها كدولة رفضت كل مشاريع الاستسلام والاعتراف بإسرائيل امراً واقعياً قبل قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ، كما فعل السادات ، وكما أراد النظام في الأردن والسعودية ، ان سوريا الممانعة لم تقبل ما قبله الفلسطينيون لإنفسهم بالإعتراف بشرعية إسرائيل قبل حصولهم على دولتهم المستقلة . ان الذين يعادون سوريا ينظرون اليها بمنظار الطائفية او معاداة حالات التحضر والتطور فيها ، يكفينا سبباً واحداً لدعم المؤسسة الحاكمة في سوريا السياسية والعسكرية وهو معاداة أمريكيا ، بريطانيا ، فرنسا ، إسرائيل ، لهذا النظام ، كان الرئيس الخالد جمال عبد الناصر يقول : اذا شعرت ان أمريكا وحلفائها راضون عن سياستي أعرف أنني لا اسير في الطريق الصحيح ، هذه المقاييس لا زالت قائمة بالنسبة لكافة القضايا العربية ومن ضمنها سوريا وحق الشعب الفلسطيني بدولة مستقلة . كل من يحاول التعرف على الأطر والقوى حتى الافراد الذين يقفون موقفاً معادياً من سوريا ونظامها ، هي القوى ذاتها التي رقصت وهللت وشمتت عندما هزمت مصر وسوريا في حرب 67 ، والقوى التي شربت نخب وهللت عندما دخل الجيش الأمريكي العراق ، وصفقوا عند اعدام صدام ، هي ذاتها القوى التي انتظرت هزيمة المقاومة في لبنان ، وهي القوى التي ساهمت في سقوط النظام في ليبيا ، وهي القوى التي تدعم التحالف الأمريكي السعودي ضد اليمن ، وهي القوى التي صفقت للقرضاوي عندما استنجد بالولايات المتحدة عبر فضائية الجزيرة لمساعدة قوى الإرهاب والتكفير للتخلص من النظام في سوريا . اليوم فإن هذه القوى تتباكى على حلب ، وأصبح شعارها " حلب تُباد " جزءاً من معزوفة أرادوا بها تأليب الناس على سوريا ، رافضين الاعتراف بأن حلب قد تحررت من أيدي عصابات الشر ، والمؤسف أن البعض من أئمة المساجد في الداخل الفلسطيني ، حاولوا اقناع المصلين في مساجدهم بأن حلب سقطت بأيدي النظام . أن حلب وجيشها – حماة الديار - ليسوا بحاجة الى اعتراف هؤلاء المرتزقة بتحررها ، لكن السؤال الأهم من الذي سمح لهؤلاء الأئمة بتحويل المساجد ومنابرها الى آليات دعائية معادية لكل دين ومنطق ، وتخدم المشاريع الصهيونية والامبريالية والرجعية العربية ؟؟؟ اليس في صب اللعنات على النظام في سوريا دون صب اللعنات على السعودية والحلفاء العرب الذين يقصفون ويدمرون اليمن ، والمدن والقرى اليمنية تُباد علناً ، والأطفال والشيوخ والنساء يُقتلون علناً ، يعيشون في الحصار دون طعام وعلاج ، اليس هؤلاء يستحقون نظرة من رجال الدين ومن أنظمة الدول العربية . يكفي المقارنة بين مواقفهم لنعرف حقيقة النوايا ، وحقيقة الدوافع التي تدفعهم الى شن حملات ضد النظام ، وكلما كان صراخهم أعلى نعرف أن وجعه من الانتصار السوري قد أفشل أسيادهم .
#تميم_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الربيع العربي أدخل اسرائيل العصر الذهبي
-
صفق أنت فلسطيني
-
فيدل كاسترو البصمة التي أوجعت امريكا
-
بين فكي كماشة بلفور والتقسيم يعيش الشعب الفلسطيني
-
لا يفتح الطريق المسدود امام الفلسطينيين الا الشعب الفلسطيني
-
مقاييس التكريم محاطة بالجماجم
-
بين الهيئة العربية العليا والقائمة المشتركة
-
موعد مع الغدر في ليلة المجزرة
-
عروبة الحرم القدسي الشريف ليس رهينة لقرارات اليونسكو وغيرها
...
-
حقائق التاريخ تدين الوزير - بينيت -
-
حمامة بيرس للسلام في قفص التساؤلات
-
عباس في خطابه أمام الأمم المتحدة أسقط البندقية وكسر غصن الزي
...
-
نتنياهو من فزعة يوم الانتخابات الى اللعب بورقة التطهير العرق
...
-
من اسحاق رابين الى الكابتن نضال
-
لسنا جسراً للسلام الذي يحلم به الاحتلال والسلطة في رام الله
-
هل نحن أمام مشروع مارشال جديد في غزة ؟؟؟ ..
-
الطائفة المسيحية ستفشل مشروع ساعر بيكو
-
عندما ينزلق الأزهر ويقع في شباك النفاق
-
الجبناء وحدهم لا يغضبون
-
العدوان على غزة كان بمثابة الغربال الذي اسقط زوان العنصرية
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|