عبد المجيد طعام
الحوار المتمدن-العدد: 5372 - 2016 / 12 / 15 - 00:23
المحور:
الادب والفن
كنت أظن أن كل الحياة بدأت مع جدي…كنت لا أَكَلُّ عن النظر إليه و هو جالس يتأمل السماء من على ربوة قريبة من مداخل قريتنا .. كانت تروقني جلسته و هو يتتبع قرص الشمس حين يهوى إلى الأسفل…لم يكن يفوته هذا المنظر حتى أصبح طقسا من طقوسه اليومية و صلاة من صلواته المعهودة..
كان يأخذني معه لأستأنس بالغروب كان يقول لي :" إنها أجمل لحظة في الوجود …فيها الكثير من الدلالات و العبر" لكنني لم أكن أعرف أين تذهب الشمس كنت أظن أنها تختفي وراء النهر المحيط بقريتنا و هناك ينهمك أقزام بوضع الحطب داخلها لتشتعل من جديد فيدحرجونها لتخرج من الجانب الآخر…خلف تلك الربوة…
حكايات جدي أيقظت في داخلي حب الحياة ..كبرت و لا زلت أحن إلى حكاياته و لا زلت أحيا بخياله… ، كلما رجعت من ديار الغربة طلبت منه أن يحكي لي حكاية..ذات يوم قلت له :" ألم ينضب بعد خزان حكاياتك يا جدي.. ؟ " نظر إليَّ بابتسامته المتأنية و قال لي:" حكاياتي لا تنتهي إلا عندما تنتهي فيَّ الحياة و يتوقف نبض قلبي…" بعد صمت حكيم قال لي أيضا :" عندما تنتهي الحكايات ستختفي الشمس و لا تشرق من جديد "
عدت إلى غربتي و أنا أحمل معي نبض الحياة ، و مخاوف جمَّة…في صبيحة يوم غريب و وقت الغروب قريب رفعت عينيَّ إلى السماء ،فتشت عن قرص الشمس فلم أجده عرفت أن جدي مات ، فخفت ألا تشرق الشمس من جديد …
مساء 13/12/2016
#عبد_المجيد_طعام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟