أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد درويش - البسملة في ضوء السريانية














المزيد.....

البسملة في ضوء السريانية


خالد درويش

الحوار المتمدن-العدد: 5364 - 2016 / 12 / 7 - 01:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


البسملة في ضوء السريانية
خالد درويش
"بسم الله الرحمن الرحيم"، عبارةٌ ترد في فواتح سور المصحف الذي جمعه الخليفة الراشدي عثمان بن عفان (باستثناء سورة التوبة)، ويكررها مسلمو العالم ملايين المرّات في اليوم الواحد.
لن أخوض في الجدل الشائك المتداول منذ 1400 عام بين التابعين والأئمة والمفسرين حول موقع هذه العبارة الجوهرية في سياق القرآن الكريم، ووجوب اعتبارها آية تامة نزلت في أول كلّ سورة (ابن عباس وابن عمر) أم لا (ابن مسعود ومالك والأوزاعي)، وهل تُقرأ جهراً في الصلوات ( الشافعي وابن حنبل) أم خفوتا (أنس بن مالك وأبو حنيفة والثوري وابن القيّم).
ولكن، سأحاول، هنا، تحليل وتفسير هذه العبارة استنادا إلى معاني مفرداتها (الرحمن الرحيم، بشكل خاص) باللغة السريانية/ الآرامية، وهي اللغة التي ثبت وجود بعض مفرداتها في سياق الآيات القرآنية الكريمة، الأمر الذي دفع بعض المفسرين ورواة الأثر، الذين التبس عليهم المعنى لجهلهم باللغة السريانية أو لاستبعادهم وجود كلمات من هذه اللغة في نصوص القرآن، إلى اقتراح تفسيرات ملتبسة ومتباينة وغير دقيقة للمفردة الواحدة (الم، الر، كهيعص، أبّا، الصمد، الجبت،...) مثالاً.
ولسهولة الإحاطة بمبنى ومعنى عبارة "بسم الله الرحمن الرحيم" سنتناول مفرداتها بالتفصيل:
1- بسم:
نحن، هنا، إزاء حرف وكلمة. أما الحرف فهو الباء؛ إنه حرف الجرّ الذي يعني الاستعانة والوثوق والركون. وأما الكلمة فهي "سِمْ"،وليس "اسم"، لأن الألف هنا ألف وصل مجازية لا مكانة لها، خاصة عند النطق بها، وفي حال تقصّد المرء نطقها ستخرج متكلفة وثقيلة.
فضلاً عن ذلك، ولدى البحث عن الكلمة في اللغة السريانية/ الآرامية، سنجد أن مفردة "ܫܶܡ"، (تلفظ شِم) تحمل شحنة من المعاني المتعددة والمتجاورة في المعنى والدلالة، فهي "أسم" أو "سموّ"، أو "حجّة"، أو "علامة"، وجميعها مفردات تدلّ على السموّ من الخفاء إلى الظهور، والحجّة على الانتقال من المجهول إلى المعلوم.
ومن هذه المعاني لجذر كلمة "سم" يمكن استنباط معاني كثيرة في اللغة العربية مثل: السموّ (الرفعة) والوسم (العلامة) والوشم (الاشارة الموحية) والسمة (الصفة التعريفية).

2- الله:
إنه لفظ الجلالة، والكلمة التي تدلّ على الذات المقدسة عند العرب والمتداولة بمعناها منذ ما يسمى بـ "حقبة الجاهلية".
ولعل ما ورد في سياق معلقات شعراء الجاهلية من ذكر للفظ الجلالة برهان على وجود الخالق في حياة وعبادات العرب قبل ظهور الإسلام، كقول النابغة الذبياني:
ألم ترَ أن اللهَ أعطاك سورةً ترى كل مَلِكٍ دونها يتذبذبُ
بأنك شمسٌ والملوكُ كواكبٌ إذا طلعَت لم يبْدُ منهنَّ كوكبُ
وقول لبيد:
لعمرِك ما تدري الضوارب بالحصى ولا زاجراتُ الطيرِ ما اللهُ صانعُ
فضلا على تسمية الكعبة في مكة بـ "بيت الله" كما يذكر المؤرخ الإغريقي ثيودور الصقلي (عام 60 ق.م) في كتابه "تاريخ ثيودور الصقلي، الجزء الثالث".

3- الرحمن الرحيم:
(الرحمن الرحيم) اسمان مستنبطان من الرحمة، فلم هذا التكرار ما دام أحدهما يغني عن الآخر؟
على هذا التساؤل يجيب السالفون من صحابة وأتباع ومفسرين:
يقول ابن عباس: "هما اسمان رقيقان أحدهما أرقّ من الآخر، أي أكثر رحمة".
ويتوسع الطبري في تفسير التكرار، قائلاً:
"لكلّ كلمة منهما معنى لا تؤَدّي الأخرى منهما عنها، فالرحمن بجميع الْخلْق، والرحيم بالمؤمنين".
ويورد ابن كثير في تفسيره: "بُدئ بوصف الله تعالى بالرحمن لأنه أخصّ وأعرف من الرحيم، لأن التسمية أولاً تكون بأشرف الأسماء لهذا ابتدأ بالأخصّ فالأخصّ".
اذا، نحن أمام أسمين، أحدهما أرقّ من الآخر، وأشمل من الآخر، وأخصّ من الآخر. والسؤال هنا، مادام "الرحمن" أرقّ، وأشمل وأخصّ، فلمَ لمْ يكتفى به عن "الرحيم"!.
سنلتمس الإجابة في الرجوع إلى اللغة السريانية/ الآرامية لنكشف عن أن الكلمتين مختلتان بالمعنى، ومتقاربتان بالدلالة كصفتين من صفات الخالق. لعلنا، بذلك، نزيل بعض ما علق بتفسير هاتين المفردتين الجوهريتين من التباس وغموض.
أولاً، "الرحمن":
يستهجن البعض كتابة هذه الكلمة بدون ألف بين حرفي الميم والنون (الرحمان)كما يستوجب لفظها باللغة العربية. والاجابة متضمنة في أن أصل هذه الكلمة سرياني/ آرامي، واللغة السريانية تستعيض في معظم الحالات عن أحرف العلّة بالحركات.
وكلمة "رحمن" بالسريانية تكتب: "ܪܰܚܡܳܢܐ"، وتلفظ (رَحْمُنْ) وتعني رحوم أو رحيم، وهي صيغة مبالغة من الفعل المزيد "ܪܰܚܶܡ" (رَحَمْ) والذي يحمل نفس معنى فعل "رَحَمَ" باللغة العربية، ومشتقة من ".ܪܰܚܡܳܢܘܬܐ" (رَحْمُنوتْ) وتعني "رحمة".
ثانياً، "الرحيم":
تكتب كلمة "الرحيم" السريانية/الآرامية، التي اعتمدت، واتسع تداولها، في اللغة العربية (مع تعديل معناها) هكذا: "ܪܚܝܡܐ"، (تلفظ رُحيمْ) وتعني "محبّ" أو "ودود".
وصفة الله تعالى هذه ليست غريبة على الخطاب القرآني، بل إنها تتكرر في صيغتيها (المحبّ والودود) في القرآن الكريم عشرات المرات:
"إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" البقرة/196
"إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ" آل عمران/159
"وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ" آل عمران/146
"إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ" البقرة/222
أما الدليل الساطع على اقتران صفة "الرحيم" بمحبة الله لعباده فنجده في في سورة آل عمران، الآية 31:
"قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ".



#خالد_درويش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تفسير سورة الاخلاص استنادا إلى الآرامية/السريانية
- أركان الاسلام بالآرامية/السريانية
- في فضاء الفيس بوك..
- الفاتحة السريانية
- معاني -الم-، -الر-، -كهيعص-..
- لا قداسة لنص بعد كلام الله
- سأعود الى ذات الفندق
- مايا، ليوسي، ومحمود درويش
- ان تكون صديقي
- ثلاث صور..
- وما من سماء
- يا رب الجنود
- محطات قديمة
- 10 قصائد
- عفرين
- وداعا فيصل قرقطي
- كوابيس انتفاضة الأقصى
- ندى
- سيّان
- اشياء بسيطة


المزيد.....




- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد درويش - البسملة في ضوء السريانية