|
مائة عام من الفشل والافشال ، جغرافيا مسموح استباحتها .
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 5358 - 2016 / 12 / 1 - 00:26
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مائة عام من الفشل والافشال ، جغرافيا مسموح استباحتها .
مروان صباح / الطاعة التى تفرضها الولايات المحتدة الأمريكية على الدول ، خلاصتها ، أنها أقرب إلى الخاوة ، وحسب ، سلوك من تعاقب على إدارة المكتب البيضاوي ، سياسياً وأمنياً وحربياً واقتصادياً ، يكتشف المرء ، أنها كانت ومازالت ، تتفق أو بالآحرى ، تشعر بارتياح كبير ، عندما تتعامل مع دكتاتورين فاسدين أو آخرين ، مقلدين ، بل ، كل ما تدّعيه من تعزيز للقيم الديمقراطية في العالم ، أكذوبة يراد منها ، فقط تحريض المجتمعات على جملة تقاليد ، اعتبرتها أو صنفتها ، دون أي تحقيق علمي ، بالبدائية أو البربرية ، بل ، هي أشبه بالشماعة ، تستخدمها متى شاءت ، من أجل التهديد والوعيد ، وتجدر الإشارة أن الأزمة القائمة بين تركيا والولايات المتحدة ، وأوروبا من جانب أخر ، باتت خطيرة وهي أخطر من أي وقت مضى ، فحليف الضرورة للأمريكي ، لم يعد في سلّم الأولويات، بل ، منذ محاولة الانقلاب الأخيرة ، اتضحت رغبة واشنطن ، التخلص من الرجل الأقوى ، في الإقليم وداخل تركيا ، وهذا ، ألزم أنقرة ، إجراء خُطوات دبلوماسية ، قامت بها لاحقاً ، بعيداً عن أي تشاور لحلفائها الطبيعين ، التى جعلتها في حرب مفتوحة ، لكن ، ليس معلنة ، فعلاقة تركيا بروسيا ، تبقى في طور التطور ، من جانب ، لكنها في المجملّ العام ، قاصرة ولا يمكن لها أن ترتقي إلى مستوى الحليف ، وهنا للمرء أن يستذكر ، حروب الخليج الثلاثة ، بدأت بتحالف العراق مع الأمريكي ، لتنتهي بدمار العراق ، حيث ، اكتشف العراق في ذروة القتال مع إيران ، أن الأمريكيون والإسرائليون ، لديهما قنوات سرية مع إيران ، كانت إسرائيل تمد طهران بالضروريات من السلاح والتكنولوجيا العسكرية ، في المقابل ، كانت واشنطن تعمل على ترويض الجمهورية الإسلامية ، لاحتوائها في مشروع الشرق الأوسط الجديد .
بعد سنوات من الاحتواء الحذر ، يعلن حلف الناتو ، انتهاء الاحتواء لتركيا ، وكل ما يجري الآن ، من سلوكيات اتجاه أنقرة ، ليس سوى محطات ، قبل التوريط الأكبر ، وهذا بالفعل ، شهده النظام البعثي في العراق ، حيث ، أفقدته الخلافات العربية والإقليمية ، قوته الحدودية ، التى جعلته أن يعتقد ، بانتقاله إلى المربع الروسي ، وإغراء الروس باتفاقيات اقتصادية تقدر بالمليارات ، أحد الطرق للنجاة ، هذا الاعتقاد ، جعل نظام صدام حسين ، التناسي ، كما يتناسى اليوم الرئيس ارودغان ، بأن ، لا يمكن لمشروع الشرق الأوسط البدء ، إلا باسقاط العراق من الجغرافيا القومية ، وهذا حصل بجدارة ، ومن أجل استكمال المشروع ، هناك ثلاثة دول ، مستهدفة ، تركيا مصر السعودية ، بالطبع ، سوريا التى باتت في قبضة الروسي ، خرجت من المعادلة ، أفقدها الصراع ، وحدتها الوطنية وافقد النظام ، خطابه العروبي ، حيث ، استبدله بشكل علني ، بالطائفي ، لهذا ، الفرار إلى المربع الروسي ، دون أن يكون لدى الساعي قواعد صلبة ، هو سعي غير مُجدي ، مصيره بات واضح ،لأن ، أصحاب المشروع ، ينطلقوا من استراتيجية مبنية على ايديولوجيا راسخة ، لا تتحكم بها أشخاص بقدر أن هناك دائماً ، أفراد يتعاقبون على تنفيذ الأهداف .
الدلائل البصيرية تشير ، أن مرحلة الرئيس اوباما ، كانت احتوائية بامتياز للروسي والإيراني ، وشكل هذا الاحتواء عودة الحرب الباردة ، من الممكن ، إطلاق عليها ، بالثانية ، رغم الاعتقاد الراسخ للأمريكان ، بأنهم يملكون العالم ، ولا يحتاجون أن يتقاسموه مع أحد ، وهنا لا بد من الإجابة عن تساؤلات عدة ، أهمها ما يعني الاحتواء ، لماذا الآن ، فالاحتواء ، لا يعني أبداً الاتفاق أو أنه يرتقي إلى مستوى التحالف ، بل ، هو أقرب إلى الاستخدام ، وفي جانب أخر ، يقلل فرص المواجهة المباشرة ، التى يمكن لها أن تتطور إلى حد استخدام النووي ، بالطبع ، تطلّب الاحتواء ، إجراءات معينة ، أعادت إدارتي بوش الابن واوباما ترتيب وتأهيل النظام الإيراني ليصبح بمستوى قوة إقليمية ، اولاً ، مُنح العراق بالكامل ، استولى على النفط والجغرافيا وأيضاً ، مد جماهيري ، من الشيعة العرب ، وثانياً ، رُفع عنه الحصار وأعيدت أمواله المحجوزة ، في المقابل ، سلمت واشنطن للمملكة السعودية والخليج سلاح بحوالي 150 مليار دولار ورَفعت مساعداتها العسكرية لإسرائيل إلى 30 مليار دولار سنوياً ، وتَمد مصر بمعونات خجولة ، لكنها ترى فيها ، توازن تختزنه للمستقبل ، وهذا التأهيل ، شمل أيضاً تركيا ، لكن ، تعاملت واشنطن معها بحذر ، حتى لا تفلت الأخيرة من السيطرة ، إذاً ، مازالت الولايات المتحدة تُدير المعارك ، بسيطرة كاملة ، حرب باردة مُسيطر عليها ، استنزاف مذهبي ، مازال محاصر في داخل الدوائر ، التى رُسمت له ، تدعم جواً وبراً ولوجستياً ، العبادي في العراق ، تتبنى علاقة مفتوحة مع تركيا ، في الوقت ذاته ، تدعم الأكراد في كل من العراق وسوريا وتركيا وايضاً ، تتبنى علاقات ، المنافع ، مع الجماعات المسلحة ، بتنوعها ، وقد يتساءل المرء ، كيف يمكن للتضليل أن يسود ، باختصار ، الأمريكيون والإسرائليون على يقين ، لولا الدعم الأمريكي والروسي بالسلاح الجوي في العراق وسوريا ، ما كان لمحور الإيراني القدرة على الاستمرار ، وهذا ببساطة يُفسر ، تدخل واشنطن في كل مرة ، يتبين لها ، بأن المحور الإيراني ، يتراجع في ميدان المعركة ، لأن ، ما ترغب به بالفعل ، هو دفع المحور الإيراني نحو الحدود التركية من أجل خلط الأوراق ، وهذه الساعة اقتربت ، جداً ، حيث ، باتت الحدود كلها في مهب المجهول ، وَلا يحسّن لأحد تقدير الموقف ، وتعلم جيداً ، بأن الأتراك ، لا يمكن لهم القبول بتهديدهم ، على الأخص ، في مجالهم الأمني ، الاستقراري ، فكيف يمكن لهم السكوت عن تهديد دولتهم ، بتفكيك .
هنا ، لا مجال لتركيا والسعودية ومصر ، سوى الإدراك ، أن إيران دولة لا تتمدد نحو باكستان أو الهند وهي دولة تملك مع اسرائيل و الهند وباكستان سلاح نووي ، بالطبع ، الولايات المحتدة ، من أجل سياسة التوازن ، سمحت لهذه الدول امتلاك النووي ، لكنها ، بلا شك تتمدد إيران باتجاه الجغرافيا العربية ، وتعتبر مع محورها ، أن الغطاء الجوّي ، الروسي الأمريكي ، ما هو إلا ، انتصار إلهي ، بينما ، تركيا ، حليف الناتو ، وايضاً ، المملكة السعودية ، الحليف التاريخي لواشنطن ، مُنعا من امتلك هذا السلاح ، وهذا المنع ، يفسر نفسه بنفسه ، حيث ، تحرص الولايات المتحدة الأمريكية ، علَى ابقاء التوازن ، كما هو بالفعل ، حاصل مع إسرائيل ، فالأخيرة تمتلك ، سلاح طيران مُميز ، لا مثيل له إقليماً ، ولديها سلاح نووي ، كثيف ونوعي ، لكنها ، تعاني من نقص بالأفراد وتعتبر نفسها يتيمة في الجغرافيا ، إلا أن ، هذا التوازن ، يعطيها شعور بالتفوق والتحكم ، وعند الضرورة ، تحوله إلى رصاص مصبوب ، ولو فقدت هذا التفوق ، ستصبح تماماً ، كأي دولة ، تمتاز بالصناعة والتكنولوجيا فقط وربما السياحة .
الخلافات في المربعين ، السني العربي ، والسني الإقليمي ، في تزايد ، وهذا ، يصب في مصلحة إسرائيل وإيران ، ولكي نبعد القارئ عن النموذج العراقي السوري ، سنقدم ، النموذج اللبناني ، للتقريب ، في لبنان لا يوجد طاغية أو دكتاتور ، لكن ، البلد حكمها في السابق الأسد الأب ، ويحكمها اليوم ، حزب الله ، رغم أن الديمقراطية ، قالت رأيها وصوتت للحريري الابن ، ولديه الأغلبية البرلمانية ، فماذا فعل الرجل بالأكثرية ، طالما ، فوهات المدافع والبنادق وطيران الروسي والأمريكي على استعداد ، دك كلّ لبنان ولبناني ، خلاصة القول ، من يعتقد أن ، إيران العرجاء نووياً ، قادرة على تهديد حقيقي لأمريكا أو إسرائيل ، فهو حاضر في مربع الوهم ، لأن ، سيكون مصيرها ، مع أول صاروخ طويل المدى ، الاختفاء من جغرافية العالم ، وهذه الحقيقة ، تَفهمها النظام الإيراني جيداً ، تحديداً ، بعد حرب الخليج الثانية ، الذي أدى إلى فرض حصار على العراق ، طويل ، لهذا ، ليس أمام العرب والأتراك سوى بناء تحالف جديد ، أساسه ، التنازل عن الخلافات ، أما التخندق بين المربعات الثلاثة ، الأمريكي والروسي والاسرائيلي ، في النهاية ، النتيجة واحدة ومعروفة ، سيستمر مشروع الشرق الأوسط التفكيكي ، بالتمدد ، ولن يرحم أحد ، على الإطلاق ، الذي سيؤدي إلى اشتباك مباشر بين الأتراك والإيرانيين من جانب والخليج والايرانيين من جانب أخر ، وأمام هذه اللحظة ، سيجد الرئيس اردوغان نفسه وحيد ، كما كان الفلسطنيون في بيروت والعراقيين في عهد صدام والمصريين في عهد عبد الناصر وحداء ، فلينظر الأتراك والعرب ، أين أصبح حال الفلسطنيين والعراقيين وماذا أصاب لمصر خلال الأربعين عام ، وللمرء أيضاً ، أن يتخيل الحال ، إذا، تقدمت مليشيات الحشد الشيعي والحرس الثوري الإيراني من العراق باتجاه سوريا ، ووحدت الجغرافيا ، فهي بالمحصلة ، ستقيم منطقة باسم ولاية الفقيه ، أشبه بخلافة ابو بكر البغدادي ، السؤال ، هل بوسع الأطراف ، وقف الزحف الجديد ، فالأراضي التركية والعربية تحتشد ، بإرث أل البيت . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
استبدال قطرة النفط بحبة الذرة ، انتقال من مرحلة الاستخراج وا
...
-
فرز محور الشر ، بين نوايا الأمريكية الحسنة والنوايا السيئة.
-
لبنان على حاله ، رئيس الجمهورية والحكومة ، خيبة اللبنانيين و
...
-
أمة المال والاقتصاد ، نقص في البشر وفائض في المال
-
عودة بوتين من برلين للثأر من واشنطن
-
مصير الرأسمالية والليبراليين مقابل اشباه الرأسمالية ومصائرهم
...
-
روسيا تقف على عتبة إعادة المشروع النهضوي ، دون بطاقة مرور .
-
ثنائية عرفات ودرويش
-
الدولة الوطنية ، أمام تحديات المشاريع الإقليمية والدولية
-
تحديات الدولة الوطنية أمام مشاريع إقليمية ودولية
-
محمد علي كلاي ، من رياضي القرن إلى تلميذ في المدرسة الأشعرية
...
-
حرب حزيران 1967 م كانت فاصلة وتعتبر بمثابة معركة اجنادين ..
-
الملك عبدالله الثاني يطرق باب البيروقراطية الأردنية ..
-
القاسم المشترك بين المسلمين الموريكسيين واليهود السيفارديم ،
...
-
غزو فكري مكمل للغزو العسكري والانتصار للتكنولوجيا ، مقابل ،
...
-
لم يعد النفط صالح للتهديد ، لكن هناك أسلحة آخرى بديلة
-
احذروا من اتحاد مصالح العرب ...
-
مرحلة تمكين إسرائيل إقليمياً ،، وفلسطين انتقلت من المقدس الي
...
-
هجرتان سببهم الفقر والقتل ،، تشابه في العقلية واختلاف في الأ
...
-
الأمير محمد بن سلمان ، كيف يمكن ، قطع الشك باليقين ، أن يكون
...
المزيد.....
-
-لا خطوط حمراء-.. فرنسا تسمح لأوكرانيا بإطلاق صواريخها بعيدة
...
-
الإمارات ترسل 4 قوافل جديدة من المساعدات إلى غزة
-
الأمين العام لحلف شمال الأطلسي روته يلتقي الرئيس المنتخب ترا
...
-
رداً على -تهديدات إسرائيلية-.. الخارجية العراقية توجه رسالة
...
-
ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة في لبنان؟
-
زيلينسكي: الحرب مع روسيا قد تنتهي في هذا الموعد وأنتظر مقترح
...
-
الإمارات.. بيان من وزارة الداخلية بعد إعلان مكتب نتنياهو فقد
...
-
طهران: نخصب اليورانيوم بنسبة 60% وزدنا السرعة والقدرة
-
موسكو.. اللبنانيون يحيون ذكرى الاستقلال
-
بيان رباعي يرحب بقرار الوكالة الذرية بشأن إيران
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|