أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - عن الحشد الشعبي وتقنينه وقدسنته.















المزيد.....

عن الحشد الشعبي وتقنينه وقدسنته.


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 5357 - 2016 / 11 / 30 - 19:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عن الحشد الشعبي وتقنينه وقدسنته.
جعفر المظفر
إن كثرة المقدسات التي نمنحها للآشياء بسهولة تُضيع علينا معرفة هوية المقدس المركزي. وأسأل .. إذا كان تعدد المذاهب في الإسلام حالة طبيعية وشرعية, أليس من الحق عندها, حينما يذهب أحد هذه المذاهب إلى تقديس رجالاته وأمكنته, أن ينحى الآخر أيضا إلى رفع رجالاته وأمكنته إلى نفس الدرجة من القدسية, لتكون لدينا بالتالي قائمة مفتوحة من المقدسات. ويا خوفي على أمة تكثر فيها المقدسات.
إن كلمة المقدس تعني رفع الشخص أو المكان إلى درجة تسمو على كل الإعتبارات البشرية مثلما تعطي للشخص عصمة عن الخطأ وترفع مقامه ومقاله إلى حيث قد تختفي الفاصلة بين كلامه وكلام الله ثم تنزله بعد ذلك منزلة لا يجوز الشك بعملها أو بقولها.
ولقد أصبحت لغة التقديس خطرة عمليا على المجتمع, وعلى الذات الإلهية أيضا, يوم جرى تداولها خارج قاموس الدين وأضحت وسيلة لتحويل ما هو بشري إلى رباني وما هو حاجة ميدانية مرهونة بظرفها إلى حالة عقائدية لا يجوز مناقشتها أو حتى التفكير بتعديلها.
ويا ليت أن السياسي الديني, سنيا كان ام شيعيا, يؤمن حقا بهذه المفردات لأن الخطأ هنا سينال من الأفكار لا الأخلاق, ومن العقول لا الضمائر. لكن الجميع قد بات يعلم, وخاصة بعد تجربة الإسلام السياسي في العراق, أن الهدف من القدسنة هو تسييج الظاهرة السياسية والإجتماعية بأسوار لا يجوز الإقتراب منها سواء بالنقد أو التساؤل, فكيف ستكون حال الشخص إذا إقترب منها بالتجريح.
إن الدين هو فقه المقدسات, أما السياسة فهي فقه اللامقدس, ويوم لا يجوز الإتيان, بعد توقف الوحي, بنصف آية, فإن كتاب السياسة يبقى مفتوحا على النظريات والأفكار الجديدة وعلى الحذف والإضافة وعلى التعديل والتبديل.
أما آخر صيحات التقديس في العراق كانت قد تجلت حينما تمت قدسنة الحشد الشعبي على أيدي مجموعة من السياسيين الذين أرادوا الناي بالتنظيم عن ساحة المراجعة والتعديل و النقد.
لقد تم تشكيل الحشد الشعبي تأسيسأ على فتوى أصدرها المرجع الشيعي الأعلى والمتأسسة بدورها على فقه الجهاد في الإسلام, وبشكل خاص ما يسمى بالجهاد الكفائي, وهذا النوع من الجهاد هو غير جهاد فرض العين. ويوم يتم ترجمة تلك المفردات الدينية سياسيا يصبح الجهاد الكفائي قرينا لحالة التطوع أما جهاد فرض العين فيصبح قرينا لحالة الطوارئ او التعبئة العامة, وإذا كان هناك مشهد للمقدس فهو خاص بمهمته لا بهيئته. وهي هنا كما قصد بها السيد السيستاني مهمة تتعلق بالقضاء على داعش, ولذلك فهي قابلة للتوقف حال إنتهاء المهمة.
إن عملية بناء الدولة تطلب عدم الوقوع في مطب تحويل ما هو مرحلي إلى ثابت تاريخي وما هو طارئ إلى سياق, إذ ان لكل مرحلة ظروفها وبرامجها وآلياتها وأساليبها, والخطأ أن يتم إسقاط برامج وخطط مرحلة سابقة على مرحلة لاحقة ومختلفة من حيث المهام والاهداف والمعطيات. وما أفهمه ان السيد السيستاني كان دخل على الخط حينها فأصدر تلك الفتوى الدينية الموجهة بالأصل للطائفة الشيعية, كونه مرجعها الأعلى, لأنه إعتقد أن الدولة العراقية التي كان يقودها رسميا نوري المالكي لم يعد لها وجود فعلي, وأن هذا الأخير قد فقد كليا السيطرة على الوضع نتيجة لسوء الإدارة وعقم النوايا, وإن بغداد نفسها صارت في مواجهة خطر داعش. ومن ما أفهمه أيضا أن أن الحروب حالما تضع أوزارها فإن أول ما توجبه حالة السلم هي العودة إلى حالة الدولة المدنية وإلغاء كل الظواهر التي كان تشريعها قد جرى لضرورات مرحلة الحرب ذاتها ويكون إستمرارها خارج السياقات السليمة لحالة السلم.
إن فتوى الجهاد الكفائي التي نطق بها السيد السيستاني لغرض مرحلي محدد ولتنفيذ مهمة بعينها, قد تم تحويلها من قبل الأحزاب الطائفية الشيعية إلى ثابت تاريخي, ولكي تكون جزء لا يتجزأ من دولة تفترض العودة إلى تأسيسها مراجعة كل ما كان تشريعه قد إرتبط بمهمة مرحلية محددة ومٌعرَّفة بهدفها المرحلي وذلك لجواز تعديله وحتى حذفه لإنتفاء الحاجة إليه, ولكونه في المرحلة اللاحقة قد يصبح عبئا على الدولة التي أوجبته في مرحلة سابقة.
بإمكان السيد السيستاني أن يكتشف سريعا كيف إستولى السياسيون الطائفيون من قادة الأحزاب الشيعية على فتواه لكي يحوروها ويفصلوها على مقاسهم ويبرمجوها لأغراضهم, وبما أنه صرح مرات عدة بأنه من أنصار الدولة المدنية فهو لا شك على علم أكيد أن الطريق الأوضح والأفصح والمستقيم لبناء هذه الدولة لا بد وان يمر من خلال إقامة مؤسسة عسكرية مركزية تتمثل فيها وحدة الوطن خير تمثيل.حيث يتطلب ذلك العودة عن ما إقتضته الحرب ذاتها, وما جاءت طبيعته لكي تتناسب وطبيعة تلك الحرب .
إن وضع اليد هنا على موضع الخطأ لا يحتاج إلى شخص من خارج النظام كأن يكون معاديا له, وإنما بإمكان رجل من حزب الدعوة أن يفعل ذلك لو تمت له مراجعة أَثر هذه الخطوة على شكل ومضمون الدولة العراقية التي يدعي العمل من أجل قيامها, فما دام هناك إيمان بقضية المكونات فإن مبدأ الأغلبية حتى بشكلها الطائفي يجب ان يتحقق بمنأى عن مبدأ الطغينة. وفي الحالات ذات العلاقة المباشرة بأساسيات بناء الدولة المتعددة المكونات, والتي هي أساسا تحت التكوين, فإن الديمقراطية التوافقية تقتضي وجوبا ان يتم الوصول إلى تلك الأساسيات عن طريق التفاهم قبل الحسم التصويتي البرلماني. هذه الحقيقة لن تنال من الحق الدستوري التشريعي للبرلمان وإنما تمنع طغينة القرار الطائفي ذا الغلبة البرلمانية عليه.
إن الإعتراف ببطولة أبناء الحشد وتقدير دورهم العظيم في الدفاع عن العراق يجب ان لا يتقاطع مع حق العراقيين بمراقبة اداء قياداته السياسية ذات الولاء المحسوم لإيران أو النوايا التي تريد لهذا الحشد أن يكون نسخة لفيلق القدس الإيراني أو تابعا له, إذ ان لكل بلد ظرفه الخاص وهيئاته التي تتناغم مع أساسياته, وما قد يفيد الشيعة الإيرانيين قد يضرهم في العراق, هذا إذا أَبيح لنا هنا أن نتحدث بمنطق المذاهب وليس بمنطق المواطنة, أما إذا لَزم لزوم ما يٌلزِم, فإن القول بالدولة المدنية الذي جاء على لسان السيد السيستاني يجعل الدولة العراقية غير مٌلزَمة لأن تتخذ ذات الإجراءات التي تتخذها دولة الفقيه, كأن يكون لها فيلق قدسها أيضا التي أنشاته الدول الإيرانية لأغراض هي في الأصل مرتبطة ببرامج بناء النفوذ الإيراني في المنطقة .
إن الحالة الأخيرة ستجعلنا نعتقد أن الإسراع لتحويل الحشد من مؤسسة مرحلية إلى مؤسسة دائمة كان قد تم بموجب ما تحمله مرحلة ما بعد داعش على مستقبل هذا التنظيم المسلح الذي كان قد تأسس أصلا كحاجة مرحلية وتلبية لنداء الجهاد الكفائي الوقتي المرحلي المحدد بهدف مُعرَّف, والظن أن مرحلة ما بعد داعش سيكون في مقدمة مهامها بناء الجيش الوطني الموحد الذي يلغي الحاجة إلى الميليشيات ويزرع البذرة المطلوبة لإعادة إحياء الوطن العراقي الموحد



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية الشرف الذي تغار علية صحيفة الشرق الأوسط ويدافع عنه منت ...
- عدو صادق أفضل من صديق منافق
- مع ترامب .. تعالوا نتحدث عن الأسماك
- النفوذ الصهيوني والإنتخابات الأمريكية
- الحسين والمرجعية الدينية وقضية تحرير نينوى
- كيف تكون ملحدا في أسبوع
- ترامب وخطاب الكراهية ضد المسلمين
- طقوس الحزن الحسيني في إيران والعراق .. لماذا الإختلاف رغم ال ...
- وهل يرضى الحسين بهذه الكوميديا السوداء (2)
- وهل يرضى الحسين بهذه الكوميديا السوداء
- حتى جاء غاليليو
- العراق وتركيا .. البحث عن عبد ربَّه
- فساد ما فوق الطاولة .. فساد ما تحت الطاولة
- الموت عَضّا
- مفهوم الأغلبية السياسية في الوضع الطائفي الراهن
- في المسألة الهُزئقراطية والعراق الأمريكوراني
- الطائفة الشنية أو السيعية
- مرة أخرى .. خالد العبيدي رجل مع الملح لا مع السكر
- الإنتهازية والنفاق السياسي .. سليم الجبوري إنموذجا
- وهل ظلَّ لنا نفق لكي يبقى هناك نور في نهايته


المزيد.....




- أيّ استراتيجية أميركية تجاه نووي إيران ودعمها لحزب الله في أ ...
- يورو 2024.. فرنسا تهزم البرتغال وتضرب موعدا مع إسبانيا في نص ...
- -أسوشيتد برس-: بايدن يجري استعدادات كبيرة قبل المقابلة مع شب ...
- مصر.. وزير التعليم الجديد يعلق على ادعاءات حصوله على شهادة د ...
- انتهاء الجولة الثانية من الانتخابات الإيرانية بمشاركة أولية ...
- ما بعد الانتخابات.. أولويات رئيس إيران
- -تسنيم-: بزشكيان يتقدم على جليلي في الفرز الأولي لأصوات الان ...
- شاهد.. جرحى جراء انفجار ألعاب نارية ضربت حشودا خلال احتفال ب ...
- كأس أمم أوروبا: فرنسا تثأر من البرتغال وتهزمها بركلات الترجي ...
- عزوف واسع عن التصويت في انتخابات الرئاسة الإيرانية


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - عن الحشد الشعبي وتقنينه وقدسنته.