أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بوجنال - اغتصاب الجسم والعقل قاعدة التسلط العربي














المزيد.....

اغتصاب الجسم والعقل قاعدة التسلط العربي


محمد بوجنال

الحوار المتمدن-العدد: 5352 - 2016 / 11 / 25 - 09:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




منذ البداية نقول أن هناك محايثة طبيعية ومنطقية بين الجسم والعقل أو قل، بصد الإنسان ، استحالة وجود الجسم منعزلا عن العقل والعكس صحيح وبالتالي فاحتقار الجسم يعني، وبالضرورة، احتقار العقل. فتآحدهما الجدلي هو منطق الوجود الذي هو، وبالكاد، العدالة والكرامة الإنسانية التي يفتقر إليها العالم العربي حيث تسليع الجسم الذي هو في نفس الآن تسليع العقل. وتوضيح ذلك يقتضي تناول كل منها لفهم العلاقة الوجودية والمنطقية بينهما. فكلما كان وضع العلاقة تلك وضعا سليما، كلما امتلكت الإنسانية حقوقها وكرامتها ، وكلما تم تسليعها كلما تم اغتصاب حقوقها وكرامتها وهو حال الإنسان في العالم العربي. هذا الوضع أسس له وعمل على حمايته الطبقات التي سيطرت على المجتمعات على مر التاريخ والتي راهنها الطبقة البورجوازية الرأسمالية العالمية الكبرى التي عملت على تسليع وسلعنة الطبقة المقهورة العالمية الكبرى دفاعا عن مصلحتها ونظامها الاقتصادي.
من الأحكام والعادات التي عملت السلطة في عالمنا العربي على نشرها، اعتبار الجسم علة كل الجرائم؛ لذلك ، عملت السلطة تلك على محاربته ومراقبته باستغلالها الدين ومقتضيات الدساتير والقوانين. فمنذ البداية تم سلبت السلطة تلك الإنسان العربي جسمه بقمعه والحذر منه ووضعه تحت المراقبة. وعليه، فالإنسان العربي يحمل دوما جسمه، إلا أنه، بفعل التسليع الذي عانى ، وما زال، يعاني منه، لا يطمئن له هو نفسه أو قل لا يوليه أهمية إلا عندما يصاب بالعطب. إنه، حسب التشكيل المتسلط لشخصيته، علة الزلات الأخلاقية والرغبات العاطفية التي هي سلوكات تقتضي العقاب. ولأجل ذلك اهتمت السلطة ببناء السجون والمستشفيات المسماة مكرا بالنفسية والعقلية لتبرير التخلص من عدوانية الجسم؛ أما بعد الحياة، فالعقاب سيكون هو الجحيم. ففي كلا الوضعين، الجسم متهم بالرذيلة وارتكاب الجرائم والمحرمات؛ وقد تم ،في هذا الاتجاه، الاستثمار الجيد لقصة آدم وحواء لما اقترفاه جسمهما من زلات ومحرمات. إنه القمع الذي مارسته السلطة، وما زالت، على الجسم العربي ليس فقط دينيا وقانونيا،بل وكذلك فزيائيا وبيولوجيا.لقد أثبت العلم أن أساس الوجود هو الضوء؛ وعليه، فجسم الإنسان العربي ضوء أو قل أن مادية الجسم الإنساني هي التكون أو التشكل العلائقي بين أصغر مكونات المادة التي هي الذرة التي هي ، في نهاية المطاف، الضوء. فكلما افتقر الجسم إلي الضوء كلما أصيب حتما بالإتلاف. لذا، فلممارسة الجسم وظائفه وجب احترام حقوقه المتمثلة في التوفر على النسبة اللازمة من الضوء. ومعلوم أن من أهم مصادر الضوء ذاك هو التغذية بما تحتويه من مواد كميائية؛ ومن هنا أهمية البيولوجيا حيث التفاعل الفزيائي والكميائي بين مكونات التغذية التي تتحول، بفعل القوانين الداخلية للجسم إلى ضوء؛ وفي هذا يقول بعض الباحثين أننا نأكل الضوء لا التفاحة. بناء على ذلك،فجسم الإنسان العربي ظل، بفعل تسلط السلطة العربية، يفتقر إلى الاحترام والتمتع بالحقوق× فيبقى بذلك جسما يعاني من نقص التغذية وبالتالي نقص توفره على النسبة الضرورية من الضوء التي تمكنه من الفعالية والإبداع.هكذا، فالسلطة عرضت، وتعرض، جسم الإنسان العربي للتدمير باتهامه من جهة بالتدنيس وعلل أشكال الإجرام والتلاعب بالعواطف والغرائز، ومن جهة أخرى بمنعه من امتلاك حقوقه المادية ليبقى جسما مشلول القوة إلا بالقدر الذي يمكنه من العمل خدمة لمصالح القوى المسيطرة. وبالمجمل، فجسم الإنسان العربي قد أخضعته السلطة العربية لعملية التسليع لتلافيها التهديد الكامن فيه.
تباعا لما سبق، يطرح علينا السؤال: هل الجسم المحتقر على هذه الشاكلة والمسلعن وفق حاجات السلطة، يمتلك القدرة على التفكير والإبداع والمساهمة الفعالة والمسئولة في طرح ومناقشة قضايا وطنه الذي منه جسمه؟ وبتعبير آخر، فبما أن في الجسم يوجد العقل بالمحايثة، فالنتيجة المنطقية هي أن اغتصاب السلطة جسم الإنسان العربي يعني، وباللزوم، اغتصابها العقل بدوره ليبقى الإنسان العربي إنسانا يكن العداء لجسمه وبالتالي لعقله أو قل يبقى إنسانا مسلعنا. هكذا، وللتخلص من العقل، تعمدت السلطة ربطه تارة بإغراءات الجسم فتم بذلك تحديده على أنه الآلية المدمرة والسلبية التي قادت، وتقود، إلى الإلحاد وتفكيك المجتمعات ونقمة الإله بفعل ادعاءاته وتساؤلاته المستمرة عن قضايا ليست من اختصاصه ولا قدراته؛ ومن جهة ثانية فصله عن نصفه الثاني الذي هو الجسم لشل فعاليته. ومعلوم أن العقل وجوديا وفلسفيا وسياسيا...الخ هو السؤال المستمر حول مختلف القضايا خدمة لطبيعته المتمثلة في البحث عن العدالة والكرامة والفعالية التي هي طبيعة الإنسان غير المسلعن. وقمع السلطة له ومنعه من حقه ذلك، وهو السائد في عالمنا العربي، يعني اغتصابه وترويضه ليكون غير ذاته تلافيا لفعاليته وتطلعاته في التخلص من التسلط والاستغلال .
هكذا، وعموما، نقول بجدلية العلاقة بين الجسم والعقل انطلاقا من بداهة المحايثة. ففي العقل يوجد الجسم، وفي الجسم يوجد العقل. والسلطة في العالم العربي، لحماية مصالحها، تبنت نهج المفارقة بينهما لتسهيل تشويههما وشل فعاليتهما. إن اغتصاب السلطة للعلاقة تلك هو اغتصاب وتسليع للإنسان العربي ليبقى بذلك الوعي بمعنى الجسم والعقل بعيد المنال.



#محمد_بوجنال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيطرة -عقل العولمة- قمع ل -عقل العالمية-
- في الانتخابات تكون اللغة خبيثة
- المتصدرين للإنتخابات ، مطلب السوق
- باللغة المحتلة تمت صياغة الواقع المحتل
- احتلال اللغة مؤشر الفساد والدمار والاقتتال
- - العقل الجمعي - مطلب الكينونة والتاريخ
- العقل كينونيا عدالة ونخبويا انحراف
- المكان العربي الرأسمالي مهندس عقل العامل والفلاح
- مطاع صفدي: في حاجة العرب إلى ثقافة التنوير
- العقل العربي وتحديات المنطقة
- - الثورة الثقافية- مطلب عربي
- خير الدين حسيب: قوة الثقافة الملتزمة تستدعي الكتلة التاريخية
- نديم البيطار : الثورة الثقافية أولا فالاجتماعية تاليا، فالاش ...
- سمير أمين : - الثورة الثقافية أولا -
- عبد الله العروي والدعوة إلى أولوية الحراك الثقافي
- ثقافة الشعوب العربية:هيمنة الاستبداد ومحاصرة الوعي
- في مكر مفهوم -الحق- في العالم العربي
- الممنوع عربيا في الثالوث: الديمقراطية، الحاكم، الشعب
- مقترحات إلى فدرالية اليسار الديمقراطي بالمغرب
- الشغل بعبع الدولة


المزيد.....




- على ارتفاع 90 مترًا.. عُماني يغسل سيارته مجانًا أسفل شلال -ا ...
- في إسطنبول نوعان من القاطنين: القطط والبشر في علاقة حب تاريخ ...
- بينها مرسيدس تُقدّر بـ70 مليون دولار.. سيارات سباق أسطورية ل ...
- هل فقد الشباب في الصين الرغبة بدفع ضريبة الحب؟
- مصدر دبلوماسي لـCNN: حماس لن تحضر محادثات الدوحة حول غزة الخ ...
- مقاتلتان من طراز -رافال- تصطدمان في أجواء فرنسا
- حافلة تقتحم منزلا في بيتسبرغ الأمريكية
- دبابات ومروحيات أمريكية وكورية جنوبية تجري تدريبات مشتركة با ...
- كاميرا ترصد الاعتداء على ضابط شرطة أثناء المظاهرات في فيرجسو ...
- طلاب بنغلاديش من المظاهرات إلى تنظيم حركة السير فإدارة الوزا ...


المزيد.....

- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بوجنال - اغتصاب الجسم والعقل قاعدة التسلط العربي