|
استبدال قطرة النفط بحبة الذرة ، انتقال من مرحلة الاستخراج والتكرير إلى الانتاج والاحتكار الكامل .
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 5350 - 2016 / 11 / 23 - 23:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
استبدال قطرة النفط بحبة الذرة ، انتقال من مرحلة الاستخراج والتكرير إلى الانتاج والاحتكار الكامل .
مروان صباح / من قواعد الأساسية للولايات المتحدة الأمريكية ، إدامة البحث عن السُبل التى توفر لها ، استمرار الهيمنة على العالم ، وبطريقة أو بأخرى ، تجد في حبة الذُرة أمرين مناسبين ، يساعدها أولاً ، التحكم بالشعوب ، كونه غذاء أساسي ، معتمد عند البشرية ويحتل المرتبة الثالثة ، بعد القمح والأرز ، واستعمله الهنود الحمر كمصدر للدقيق ، والأمر الأخر ، وجدَ عُلماء الأمريكيين في حبة الذُرة مادة الايثانول ، التى يفترض بأنها من الممكن أن تكون بديل للنفط ، وبالتالي ، سينعكس ذلك على توليد الطاقة ، الذي يعني ، ستنخفض كلفة الإنتاج وتتحرر الدول الصناعية ، الكبرى ، من النفط وسيتقدم الذُرة إلى المرتبة الأولى ، لكن ، في ذات الوقت ، هنا نتكلم عن انخفاض في الكلفة ، فقط ، أما أسعار السلع ، تبقى في الأسواق ، مجهول ، وبين هذا وذاك ، من المؤكد ، ستشهد زراعة حبوب الذرة انتعاش كبير ، وزيادة ، الطلب عليه ، الذي سيجعل من سقف سعره ، هو ، أيضاً مجهول ، وسينعكس كل ذلك سلباً ، على أغلبية سكان الأرض ، الذين ، كما هو معلوم ، يعتمدون بغذائهم على رغيف الخبز ، بل ، ستتوسع رقعة ، الافقار في العالم ، طالما ، قطرات من حبوب الذرة ، سيكونوا ، بديل لقطرة النفط ، وبالتالي ، سيِفُقد الخليج ودول أخرى ، مصدرة للنفط ، حالة الرخاء وأيضاً ، الاستمرار في استيعاب العمالة الوافدة من دول شديدة الفقر .
تركيز العلماء على حبة الذرة ، لم يكن بريء على الإطلاق ، وهنا للمرء ، أن يستذكر تونس في هذا المجال ، كونها استبقت حكومات عربية وأخرى أجنبية ، في محاولة بائسة ، قصيرة النظر ، بل هي أقرب ، إلى الصيغ التوريطية ، عندما حاولت حكومة مزالي رفع الدعم عن الخبز ومشتقاته ، أواخر عام 1983 م ، شهدت تونس في الأول من شهر يناير ، 1984 م انتفاضة شعبية عارمة ، شملت حركات احتجاجية ، في أغلب مناطق الجمهورية ، بدأت من مدينة دوز لتستقر رمادها في تونس العاصمة ، حينها ، تمسك رئيس الوزارء محمد مزالي بقرار رفع الدعم الذي جعل المواجهة مفتوحة بين النظام والشعب وأصبح العنف سيد الموقف ، تسبب النظام في قتل المتظاهرين ، كان الرد المحتجين ، بتعديل عنوان الاحتجاج ، من شعار ( الخبز خط أحمر ) إلى ( تقرأ أو لا تقرأ مستقبل في تونس لا يوجد ) ، حرق المتظاهرين ، المؤسسات العامة والخاصة وتمكنت الحشود من كسر الطوق الأمني عن الأحياء الغنية والأقل غناء ، وعاثت فيها فساداً ، في خضم حركة الاحتجاج ، اضطر رئيس الدولة ، الحبيب بورقيبة ، الخروج بذاته ليعلن عن تراجع كامل عن قرارات حكومة مزالي ، وأبدى تفهمه الشخصي للظروف الاقتصادية التى يعيشها الموطن التونسي ، هي بالأصل منهارة ، وليس من الحكمة تحمليه أعباء جديدة أو عبء تدهور الاقتصاد الوطني .
للدقّة ، عملت الولايات المتحدة الأمريكية منذ زمن بعيد ، على إغراء دول ، كانت حريصة واعتبرت زراعة القمح والحبوب من أولوياتها ، وهذا الإغرار ، شمل أيضاً ، دول أمريكيا اللاتينية كونها من الدول القديمة والتاريخية في مجال زراعة الذُرة ، وليس العرب ، منفردين ، وتحولت الأراضي الأمريكية ، المغذي الأوسع للعالم ، وعلى الأخص ، دول سُميت بالعالم الثالث ، وتحولت الحكاية مع مرور الوقت ، من علاقة ، منتج ومستهلك إلى منتج وقاصر ، الأول ، يحمل في ملفاته ، الإصلاح ، وفي خبياها مشاريع سياسية تهدف إلى التغير ، والأخر ، ينتظر قوته الأسبوعي أو الشهري من القمح أو الحبوب الآُخرى ، وهنا ، الذي يقوم بالمهمة ، تاريخياً ، صندوق النقد والبنك الدولي ، يلاحظ على الدوام ، حسب سياسات المؤسستين المتبعة ، تشترطان في أصول الدعم ، جملة إصلاحات ، تمس في جوهرها ، قوت الأغلبيّة الفقيرة ، كأن الإصلاح لا يكون ، إلا إذا تحمل الشعب عبء الفساد السابق وتدهور الاقتصاد الوطني ، الذي يطرح سؤال واسع ، كيف يمكن لبضعة ميليارات ، غير مرصودة ، لغايات التصنيع أو الزراعة أو البحث العلمي والتكنولوجي ، أن تكون جزء من الحلول ، بل ، كل ما يجرى هو دفع حكومات العالم إلى مزيد من التدهور الاقتصادي وتقليب الشعوب على حكوماتها ، لهذا ، يهدف الدعم إلى أضعاف الدولة وليس النظام ، فحسب ، فإذا كانت القروض الممنوحة ، غير قادرة على معالجة الاقتصاد ، أو غير مخصصة لزراعة القمح والحبوب أو الصناعة ، التى من المفترض ، ستُجنب التاجر ، الاستيراد من الخارج ، وبالتالي ، يؤدي ذلك إلى خفض الطلب على العملة الصعبة التى بدروها تقلل من بهدلة العملة المحلية ، إذاً ، هنا الدلائل واضحة ، الدعم ليس بريء ، بل ، الهدف هو تفكيك الدولة .
الخلاصة هكذا ، حكومات العالم تتغافل عن حقيقتين ، الأولى ، التقاعس عن الزراعة ، بشكل عام ، التي بدورها تُخرج الشعوب من تصنيف القاصر إلى البلوغ ومن ثم الاكتفاء وبعدها تبدأ دائرة التصنيع ، بالدوران ، وثانياً، الاستسلام إلى المؤسسات المالية ، الدوليّة ، وطريف في كل هذا ، سيكون البديل للنفط ومشغل الطاقة ، في المنظور القريب ، من مادة الايثانول ، مما يعني ، حبة الذُرة ، صغيرة الحجم ، سهلة الزراعة ، هي ، اللاعب الأقوى في سوق تشغيل الطاقة ، وهنا لا بد ، للحكومات العالم الإجابة عن سؤال جوهري ، قد تستغني الأغلبية عن أكل اللحوم وهي التى شرعت مؤخراً ، رسم اللحمة على موائدها ، كبديل اضطراري من أجل اسكات أطفالها وامعائها ، بسبب ارتفاع الجنوني لأسعار اللحوم ، لكن ، كيف يمكن للبنك الدولي وصندوق النقد ، إقناع الشعوب التنازل عن الخبز ، وهل يمكن للحكومات العربية ، الصمود في وجه العنف الشعبي ، الذي سيكون سيد الموقف ، أم أن ، الرضوخ والاستسلام ، الكلي ، لمكتشف مادة الايثانول هو السبيل الوحيد للنجاة ، بالتأكيد أنه سبيل تضليلي ، فإذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية ، تتحكم بالبترول منذ اكتشافه ، وهي لا تملكه ، فَقَط ، تَقُوم باستخراجه وتكريره ، وحّال الأغلبية الساحقة ، في هذا الكوكب ، بين فقير وتحت خط الفقر ، فكيف سيكون الحال ، عندما تكون الوحيدة ، وهنا الوحدوية ، المقصود بها ، أنها القادرة على إمداد العالم ، بحبوب الذُرة والقمح والأرز ، بحكم أنها ، المزارع الأوسع والمسيطر على أنتاج الصين والبرازيل والمكسيك ، الذي يوفر لها ، إمكانية إستخراج مادة الايثانول بكميات كبيرة ، وبالتالي ستُشغل بها الطاقة . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فرز محور الشر ، بين نوايا الأمريكية الحسنة والنوايا السيئة.
-
لبنان على حاله ، رئيس الجمهورية والحكومة ، خيبة اللبنانيين و
...
-
أمة المال والاقتصاد ، نقص في البشر وفائض في المال
-
عودة بوتين من برلين للثأر من واشنطن
-
مصير الرأسمالية والليبراليين مقابل اشباه الرأسمالية ومصائرهم
...
-
روسيا تقف على عتبة إعادة المشروع النهضوي ، دون بطاقة مرور .
-
ثنائية عرفات ودرويش
-
الدولة الوطنية ، أمام تحديات المشاريع الإقليمية والدولية
-
تحديات الدولة الوطنية أمام مشاريع إقليمية ودولية
-
محمد علي كلاي ، من رياضي القرن إلى تلميذ في المدرسة الأشعرية
...
-
حرب حزيران 1967 م كانت فاصلة وتعتبر بمثابة معركة اجنادين ..
-
الملك عبدالله الثاني يطرق باب البيروقراطية الأردنية ..
-
القاسم المشترك بين المسلمين الموريكسيين واليهود السيفارديم ،
...
-
غزو فكري مكمل للغزو العسكري والانتصار للتكنولوجيا ، مقابل ،
...
-
لم يعد النفط صالح للتهديد ، لكن هناك أسلحة آخرى بديلة
-
احذروا من اتحاد مصالح العرب ...
-
مرحلة تمكين إسرائيل إقليمياً ،، وفلسطين انتقلت من المقدس الي
...
-
هجرتان سببهم الفقر والقتل ،، تشابه في العقلية واختلاف في الأ
...
-
الأمير محمد بن سلمان ، كيف يمكن ، قطع الشك باليقين ، أن يكون
...
-
اجتثاث وإحلال ، فراغ لا يوجد قوى وطنية قادرة على ملئه
المزيد.....
-
لاستعادة زبائنها.. ماكدونالدز تقوم بتغييرات هي الأكبر منذ سن
...
-
مذيع CNN لنجل شاه إيران الراحل: ما هدف زيارتك لإسرائيل؟ شاهد
...
-
لماذا يلعب منتخب إسرائيل في أوروبا رغم وقوعها في قارة آسيا؟
...
-
إسرائيل تصعّد هجماتها وتوقع قتلى وجرحى في لبنان وغزة وحزب ا
...
-
مقتل 33 شخصاً وإصابة 25 في اشتباكات طائفية شمال غرب باكستان
...
-
لبنان..11 قتيلا وأكثر من 20 جريحا جراء غارة إسرائيلية على ال
...
-
ميركل: لا يمكن لأوكرانيا التفرّد بقرار التفاوض مع روسيا
-
كيف تؤثر شخصيات الحيوانات في القصص على مهارات الطفل العقلية؟
...
-
الكويت تسحب جنسيتها من رئيس شركة -روتانا- سالم الهندي
-
مسلسل -الصومعة- : ما تبقى من البشرية بين الخضوع لحكام -الساي
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|