|
قصتي : انا بأيدكم
سارة سرور
الحوار المتمدن-العدد: 5347 - 2016 / 11 / 19 - 01:14
المحور:
الادب والفن
ايآ موطناً سار في عروقي و غزاها ..استقر في قلبي و أدماها ..كم تمنيت ان تعود كما كنت يوماً ..ليزهر قلبي ورودا و الدماء يعود ماءا .. انا شب عمري صغير بس لا يغُركُ عقلي كبير بوسع هالبلد مرتين، عشت انا و خواني الثنين كنت انا الصغير بينهم كنا عايشين حياة كل حد بالدنيا بتمنى يعيشها ، كانت امي كل يوم تيجي ع غرفتي تصحيني ع المدرسة اقلها هسا شوي و كل شوي تيجي وتقلي يلا يا غسان يما يلا قوم بس دلع و مرائه خوانك ارجل منك هيهم ما بغلبوني انتا بدك تسير زلمة ولسا بتدلع علي يلا يما ، اقوم متدايق كيف يعني ارجل مني؟ انا زلمة ،و كنت اشقى واحد في خواني دايما يرنو ع امي يحكولها غسان عمل وغسان سوا و تعي وقعي انذار و تعي وقعي تنبيه غير طبعا كل مرة كنت اوقع فيها انكسر او اسوي طوشة و انطبش ،كنت عامللهم اكشن بالبيت ومع هيك كنت احب واحد ع قلب امي و ابوي و خواني ، مهدي اخوي كان دايما وهو مروح من الشغل يجي معاه الكيس تبعي هاظ طبعا بس الي انا فيه ست بكتات شبس ع ست انواع شوكلاطة غير السوس و العصير و الاشياء الزاكية وكل يوم بس يروح ويدق الباب بفتح منو شق تمر ايدي منو بس وبحكيلو هات عشان افوتك و طبعا لانو اكبر مني كان يسحبني انا و ايدي لبرا و ما كان عندو مانع يسحب الباب معنا لو اني كنت اقوى شوي و عندت و يطلعني برا و يدخل هوا و بعدين يعطيني الاغراض ويحكيلي هاي اخر مرة بجبلك و كانت كل يوم اخر مرة عندو ،اما باسل كان ياخدني كل اخر اسبوع العب بلاستيشن و يخليني اهزمو عشان ما احكي لماما و امي تبهدل صحتو ،خواني التنين كانو يعاملوني ع اني جزء منهم كل واحد فيهم كان الي اب و حياة و كان يومي بمرش بدون ما افوت ع غرفتهم اكركبها و ياخدوني من داني ارتبها و نلعب مصارعه و اخر شي نروح ناكل و ننام كلنا ،كانت الحياة زي ما بقولو وردية وحلوة بالنسبة الي و بيوم كنا اعدين كلنا بالصالون مع بعض مهدي وباسل بحكو بالشغل و بصحابهم و ابوي وامي اعدين ع التلفزيون شوي ولا اجا خبر عاجل كلنا سكتنا و ابوي رفع صوت التلفزيون "مظاهرات تجتاح دمشق و حلب احتجاجاً على رئاسة بشار الاسد ويبدو ان الوضع سيزداد سوءاً " و صور مظاهرات و ناس بتصرخ و البلد كانها مش بلدنا هون حسيت الامان راح والخوف نزرع حسيت انو الحياة الوردية رح تتحول لسودا ،امي حكتلي غسان يلا يما ع النوم يلا حكتلها يما ايش في مش فاهم حكتلي مشاكل يما ليوم بتنحل ، رحت ع فراشي واول مرة حكي امي بطمنيش ضليت صافن بالحيط وكاني حسيت انو رح افقد شي غالي علي و ضليت افكر و نمت بدون ما احس ع حالي و كل يوم كان الوضع بزيد سوء و صوت ركض الناس بيعلى وبيزيد و النوم صار ممنوع و الكهربا نص الوقت قاطعة و القذائف تهز بيوتنا هز وقلوبنا معاه صارت الطلعة من البيت مستحيلة و الضحكة من وجوهنا اختفت و البيت صار كئيب خواني بطلو قادرين يطلعو ع شغلهم و المدارس تدمرت و بلشت المدن تتدمر ، سرت ما انام غير بحضن امي ،رجعت خمس سنين ورا و كلنا رجعنا و ضلينا بحضن امي كأنها هي وطنا المحمي لهلا و بيوم خلص الخبز من عنا و المي قرر مهدي هو ينزل يجيب بوسنا ونا مسكتو من بلوزتو وضليت ساكت وهو بطلع علي وبضحك بحكيلي يزم بتخربها اتركها هاي براند ونا ساكت و هو بحاول يضحك عشان يخفف علي قلتلو تروحش و بكيت ، قومني و عبطني قالي انت زلمة تعيطش وله تخافش علي رايح هون وراجع بجبلك اشياء زاكية ونا جاي بدك اشي تاني؟ حكتلو بدي ياك ما تروح حكالي تخافش و راح شوي اجا خبر "ارتفاع عدد الشهداء الى ٩٠ شهيد بقتل ١٠ شباب منذ لحظات اثر قذيفة في دمشق" امي هون نهارت و ابوي عيونو لمعت و باسل حط ايدو ع قلبو عرفت انو يمكن يكون واحد من هدول العشرا مهدي ،فتت ع الغرفة سكرت الباب و ضليت صافن حسيت قوة بتمنعني ابكي كلهم دقو الباب و امي برا تحكيلي افتحلي بس انا تجاهلت حسيت حوليي في هالة بتخبيني بتبعدني عن العالم ونا كنت محتاج ابعد ،بعد ساعتين دق الباب امي فتحت وسمعت صوت مهدي"وينو غسان ليه ما اجا هو يفتحلي الباب زي دايما امي عيطت و حكتلو غلا قلبي عليك يما ..دق ع الباب مفتحتش مهدي: غسان جبتلك الكيس تبعك افتح خذو ضليت ساكت كنت زعلان منو لانو زرع الخوف بقلبي وعيشني جو انا الي بعمري ما بعيشوه بعد شوي قطع افكاري مهدي: غسسان يلا اطلع بدنا نفتح البلاستيشن وهي باسل بدو يوكل اغراضك الحق عليه فتحت الباب حملني وقالي شو مالو البطل ،المهم راضاني ومرت الايام والقذائف بتقرب من بيتنا اكتر واكتر و الوضع بسير اسوء و ابوي وامي رافضين نطلع من البلد وبيوم طلع باسل عشان يجيب اكل وراح وما رجع و فتحت الفيس شفت صورة اخوي مرمي بالارض و ملامح وجهو مشوهة و الدم مغرقو ، صابتني عقدة نفسية مقدرتش اتعايش مع هالدمار و فتت ع الغرفة و مطلعتش منها و الايام تمر و صورة اخوي معلقة براسي و النوم حالف ما يجيني وامي تيجي تدق الباب وبصوت موجوع تناديني و تزهق و تحكي لا حول ولا قوة الا بالله وتروح ، واسمع صوتها بتحكي لمهدي و ابوي كلو حرام اكب نعمة الله هو لو عايش وشافكم هيك مكانش حيرضى و تبكي و تتحسبن و تدعيلو بالرحمة و تمسح دموعها و تشيل الاكل وكل يوم كالعادة بمر زي الي قبلو لغايةة ما حسيت بحاجة امي الي و طلعت ، امي: غسان حبيبي يما تعا تعا يا مدلع قلبي عبطتني ،حسيت هون انو وطني مكسور حسيت فعلا بالشتات و الضياع الي عايشينو ،و كل يوم خبر استشهاد بِنام واحنا حاسين انو خلص ما حنصحا و بنصحا واحنا حاسين مش رح ننام ،حياتنا كابوس بشوف الناس بتنزل عن الشهدا و بتحط صور اخوي و غيرو و بعدها بيومين بتمسحها وبتعيش حياتها طبيعي ،بشوف انو احنا بس الي مش عايشين وانو مش فارقين عند حدا وماحد بحس بوجعنا ،بشوف دمار و بيوت كنت ازورها مهدمة و شباب كنت بعرفها مقتلة ، شِخت ونا لسا صغير شيبت ونا لسا مصرتش حتى شباب ،خيم ع بيتنا الهم وماتت قلوبنا و كانت خسارة باسل كابوس مستحيل يتركنا و كنت كل يوم بروح فيه ع فراشي بتيجي امي تنام جمبي وبتعبطني بسمع صوت خطوات الناس بتهرب و القذيفة بتحرق و ناس بتبكي وبتصرخ و صفارة الشرطة والاسعاف و دقات قلبي امي السريعة ،عشت بتعب وهلاك تدمرت كل معاني الطفولة عندي تدمرت انا ، اختفت ملامح البراءة من وجهي و نقصت نص وزني و اللون الاسود ضل ملازمني ، وبيوم صحيت ع بيتنا بنهههز و امي بتصرخ بتنادي علينا و ابوي بركض بدو يجي ع غرفتي وصراخ امي بيعلى و بتبكي اكتر واكتر ،عرفت انو القذيفة اليوم اختارت بيتنا لتدمرو اكتر ما دمرت افرادو عرفت انو خسرنا فرد تاني قمت ادور ع القذيفة بدي اطعنها بقلبي بدي اغزهها جواه بدي اموتت يا ناس بدي اختفيي انا مييت ليه ما اختارتني اناا القذيفة ليه هماا ليه خواني و امي بتجر فيي بدها تطلعني من البيت لانو بلش ينحرق وابوي معها ونا بديش انا بدي انحرق كلي بدل ما قلبي يضل ينحرق لحالو وامي تصرخ غسسسسساننن يلااا يمااا يلااا تعااال يماااا اطلللع وتجرني ونا بدي مهدي بدي اخوي ما بكفيني وجه باسل المشوه كمان مهدي اليوم اشوفو عم بنحرق اشوف ايدو الي كانت تحن علي عم تاكلها النار اشوف اخوي ميت قدامي ونا بطلع و كمان اتركو واروح كيف يا الله انا شوو ذنبي ليه اعيش هاد كلو ، طلعت و ضميري بأنبني كيف اترك اخوي لحالو وهو عمرو ما تركني قلبي باكلني بموت يا الله بموت انا ميت من جوا ليه ما اخدتني القذيفة انا بدالهم ،عشنا بالملاجئ تحت الارض كنا نسمع صوت ركاض الناس فوق راسنا و نسمع الارض تهز فوق راسنا بستغرب كيف الناس عايشين و احنا هون بمر علينا العيد و الحج و الشتا و الصيف والخريف واحنا اعدين بنستنى بهالحرب تخلص ،بستنى قلبي يعيش بستنى الوضع يتحسن وكل يوم بزيد سوء و تمر السنين وحنا ع هالحال ،احكيلكم انا هون وقفت قصتي انا قصتي مش رح تكتمل انتو بأيدكو تكملوها انا تعبت اكتب رح ارميلكم صفحات قصتي وانتو كملوها بوعدكم اني رح اعيش بيوم و رح اكون بالسما مش تحت الارض انا مش متخبي خوف انا متخبي عشان امي مش رح يتحمل قلبها تخسرنا الثلاث انا بأيدكو خلاصي خلصوني ..
#سارة_سرور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
-
إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
-
الكاتبة ريم مراد تطرح رواية -إليك أنتمي- في معرض الكتاب الدو
...
-
-ما هنالك-.. الأديب إبراهيم المويلحي راويا لآخر أيام العثمان
...
-
تخطى 120 مليون جنيه.. -الحريفة 2- يدخل قائمة أعلى الأفلام ال
...
-
جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي تكرِّم المؤسسات الإع
...
-
نقل الموناليزا لمكان آخر.. متحف اللوفر في حالة حرجة
-
الموسم السادس: قيامة عثمان الحلقة 178 باللغة العربية على ترد
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|