زوهات كوباني
الحوار المتمدن-العدد: 1418 - 2006 / 1 / 2 - 09:19
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
يعيش العالم تغيرات مذهلة في عصر عولمة تدار على مدار اربع وعشرون ساعة , فالتطورات التي حصلت على الصعيد الاقتصادي كانت لها انعكاسات على الصعد السياسية والاجتماعية والتنظيمية بحيث جلبت معها نمط جديد من النظام في جميع جوانبها بدأ من هيكليتها الى اسلوب حياتها الى اساليب نضالها وتنظيمها . هذا النظام العالمي الجديد بدأ يخلق التاثيرات على المحيط متوجها نحو احتواء العالم اجمع , وبالتالي فان الانظمة المتشكلة في القرن الماضي والتي كانت من مفرزات النظام العالمي القديم بدات تفقد مصداقيتها وشرعيتها بتغير النظام العالمي نفسه, ولا بد لها من التغير والانضمام او الانسجام مع التغيرات الجديدة والا فانها ستتعرض الى التدخلات الخارجية او ضغوطات كبيرة تزداد يوما اثر يوم ,او تتفسخ وتنحل ولن تجلب سوى الامراض والاضرار على المجتمع والشعب وحتى على النظام نفسها . ولن تفيدها الاصرار على القديم والمقاومة, لانها مهما ادعت بتشبثها بالقيم والمبادئ الوطنية والاستقلال وغيرها لن تفيدها وستصبح مقاومتها رجعية وتدخل في انعزال دولي واقليمي حتى انها سترى نفسها منعزلة عن الشعب والمجتمع الذي يحكمه , لان التطورات العلمية والتكنولوجية قد اصبحت عابرة للقومية والقارات واوصلت العلوم والمعرفة الى اقصى بقاع الارض وبدأ الكل بدأً من متعلم او مثقف او ساكن في امريكا الى راع ساكن في اقصى اماكن العالم تخلفا ان يحصل على نفس المعلومات وفي نفس الزمن , وهذا ما اسفر على خلق تطور نوعي للمعرفة لدى المجتمعات ولم تعد تتمكن الانظمة الاستبدادية والرجعية من إخفاء مظالمها وحقيقتها من الاعين, فاصبح الانسان قادر على مقارنة مايجري هنا وهناك وان يميز الامور عن البعض دون ان يلاقي متاعب كثيرة الخير من الشر والخطأ من الصح والجمال من القبح ولم يعد احد قادرٌ على تخديره او خداعه بجعل قبحه جمالا او شره خيراً او ظلمه عدلاً كما كانوا يفعلون . ولم تعد تفيد الانظمة الاستبدادية والديكتاتورية الايديولوجيات التي كانت عن طريقتها تقوم بغسل دماغ الشعوب وتخديرها لكي لا تعرف حقيقة الوضع الظالم والسيء الذي يعيش فيه ويجعل من وضعه المعاش وكانه قدر لا حول ولا قوة له الا بالنظام المهيمن وهو الرب العظيم, القدير العليم والرؤوف الرحيم وشديد العقاب , ولا الحدود القديمة التي كانت تحصنه في وجه الاعداء وتحرسه اربع وعشرون ساعة من اجل منع تسلل الاعداء من على جميع الصعد ولكي يحافظ على سجنه هذا ويتصرف بمعتقليه من الشعوب والاقوام كما يشاء دون ان يعلم به أحد . فنتيجة التطورات الحاصلة بدأت الثغرات والشقوق تظهرفي هيكل النظام وتفوح منه رائحته العفنة النتنة بعد ان زال عنه الطلاء ولم يعد الشعب والمجتمع يتحمل هذا الازدراء والعفونة ويقتنع بالموجود, والنظام لم يعد قادرا على الرد على متطلبات الشعب في الوضع الجديد بحالته المهترئة هذه , لعدم اجرائه التغير والتحول وبقاءه متخلفاً عن العصر والعالم . وبدأ الشعب يتحرك ويميل الى المطالبة بالتغيير وابداء رودود الفعل هنا وهناك تجاه ممارسات وتصرفات النظام , ويكون النظام قد دخل في حيز المناقشة من على جميع الصعد وعلى الشكل التالي : هل هناك ضرورة لبقاء هذا النظام الذي لا يجلب سوى الاضرار والفقر والجوع والظلم للشعب والمجتمع وتحول الى عبأٍ ؟ أم لا بد من التغير والتحول والدمقرطة ؟ لان القوالب التي انشئها ورسخها في العقول قد تحطمت بفعل هذه التطورات وبدأت العقول تفكر وتقيم من منظار آخر الامور والاحداث وتفسره وفق منطق جديد بعيدٌ عن منطق النظام السائد .
التغيرات هي شاملة وعامة ولا تخص دولة او نظام ما , بل انها تشمل القديم بكل جوانبه بدءاً من الفلسفة الى النظرية ومن السياسة الى الاقتصاد ومن التنظيم الى الافراد . ولذلك فكل ما كان من مفرزات النظام العالمي القديم الذي كان على شكل قطبين يشمله التغير والبناء من جديد وفق منهجية معاصرة . فاذا كانت اساليب النضال واشكال التنظيمات غير متناسبة مع الظروف الجديدة فانها لن تتوج بالنجاح في عملها ونشاطها , وبالتالي فإنها ستكون في مواجهة تيار التغيروالتحول الذي يفرضه التطورات والعولمة . وستسقط في مواقع رجعية كما يظهر اليوم في امثلة الدول والانظمة القوموية والتنظيمات الشمولية والاصولية في المنطقة والعالم , وسقطت في مواجهة الجبهة العالمية وبالتالي لا تستطيع ان تنقذ وضعها المزري مهما ادعت ونادت بالشعارات" الوطنية والقومية والدينية" وحتى "بالعدالة والمساواة" . وان مقاومتها العمياء هذه لن تفيدها ولن تجلب لها ولشعبها وللمجتمع وللوطن سوى الضرر والدمار والخسائر الفاجعة لان التغيرات والتطورات تتجاوز القومية واصبحت عابرة للقارات والقوميات فمن اجل ان تتمكن من الاستمرار فيتطلب منها التغير والتحول والالتزام بالمقاييس الديمقراطية المعاصرة وتتخلى من النظرة الاحادية الضيقة التي لا تعترف بالغنى والتنوع ولا ترى ان جميع الثقافات بما فيها من تنوع وخصب وبما فيها من تباين وتاثير متبادل جزء من التراث الذي يشترك في ملكيته البشر جميعاً. فقط تحاول فرض نهج واحد وثقافة واحدة ولون واحد ونظام تسلطي واحد .
فكلما تم المقاومة والاصرار في الدوغما والعنجهية وعدم التغيير كلما زال من يدها فرص النجاح في الاستمرار مروراً للوصول الى مرحلة لم تعد تفيدها ادعاءات التغيير حتى وان كانت جدية في ذلك نتيجة فقدان مصداقيتها بين المجتمع والعالم . وتنطبق هذا على التنظيمات والاحزاب التي كانت من مفرزات النظام العالمي القديم والتي تحمل تلك الذهنية الشمولية الاقصائية وسيكون مصيرها نفس مصير تلك الانظمة , الانحلال والانصهار والتقزم ولن تقف هذا العد التنازلي لها الا ان تصل الى مطافها التي يستحقها وهو مزبلة التاريخ , ولن يفيدها الماضي" المقدس" التي تنادي بها وتعيش عليها وحتى ان الماضي سيصبح عبئاً عليها بدلا من يكون ميراثاً غنياً وقاعدة قوية تمكنه من التطور والتقدم بالاعتماد عليه نتيجة الاقتراب الخاطئ منه . إ ن الاسلوب الكلاسيكي في الفكر والتنظيم والعمل والعلاقات والحياة اصبحت رجعية عفنة لدرجة لا يمكن عن طريقها الوقوف على قوائمها والاستمرار في الحياة والبقاء .
التنظيمات الكلاسيكية التي لا تتبع نهج التغير والتحول او تدعيه في الشكل دون المضمون بعيدة عن منهجية وبرنامج واضحين تحدد الاهداف الملموسة في الظروف الجديدة وعن التنظيم المناسب وبالهيكلية الجديدة التي يمكنه التلاؤم مع طبيعة متطلبات المرحلة ومفرزات التطورات على الصعيد الاجتماعي والسياسي والمعرفي وعن ممارسة عملية غنية مبدعة , لن تتمكن من انقاذ ذاتها في هذه المرحلة من الانهيار والانحلال مهما ادعت ونادت بالشعارات البراقة واتبعت الاساليب الديماغوجية . فالحالة الموجودة لدى الاحزاب الكردية في سورية والتي لها عمر تناهز اثنان واربعون سنة لخير دليل على الواقع المرثي الذي يعيشه مثل هذه الاحزاب وبالتالي لن تتمكن من تجاوز وضع الجماعات او الطرائق الدينية او القبائل والعشائر حتى ان الكثير من الطرائق والقبائل من حيث العقيدة والعدد والتاثيروالتنظيم اكبر واقوى منها بكثير . و اذا لم تعمل على قراءة الوضع الجديد والواقع دراسة علمية وموضوعية لن تستطيع التخلص من الفشل والهزيمة , وسيبقى جل جهدها في البقاء ومقاومة الانقراض التي لا محال لها بعيدة عن الاهداف والشعارات التي ظهرت من اجلها . وبهذا الوضع دعنا من الرد على المرحلة وتحقيق اهداف الشعب في الحرية والديمقراطية فانها لن تستطيع الخلاص من الزوال والانهيار.
ان كل هذا يقودنا الى وضع جديد من حيث تحديد المنهجية والبرنامج والتنظيم واسلوب النضال المرحلي الجديد . فمع دخولنا السنة الجديدة لا بد لنا من تقييم أوضاعنا من على جميع الصعد لكي نتمكن من تقديم الحلول الناجعة للمشاكل التي نعانيها والازمات التي نمر بها من على الصعيد الكمي والنوعي , والرد على الاسئلة التي تشغل بال الكثيرين ونخاف من طرحها ونتركها للزمن والاقدار وكاننا بطرحها نكون قد ارتكبنا ذنبا بحق التنظيم والبرنامج لانها بمثابة" مقدسات" في عقولنا لا يمكن المساس بها . ومن هذه الاسئلة لماذا لا نستطيع خلق التطورات والتغيرات في ذاتنا وتنظيمنا ولا نقترب من الاهداف التي وضعناها نصب اعيننا اكثر من اربعة عقود اين تكمن العلة ؟ . هل ان تنظيمنا واسلوب نضالنا وبرنامجنا تناسب المرحلة الجديدة ؟ ام ان الذي ندعيه مجرد ادعاء في الحديث دون ان نتمكن من ترجمتها في الممارسة العملية ؟ . هل التغيير تجاوز الى الذهنية والعقلية في شخصيتنا ؟ . ماهي الامكانيات المتوفرة لدينا والتي تتيح لنا القيام بخلق التطورات , ولا نستطيع الاستفادة منها ؟, اين تكمن القصور ؟ هل حقا الظروف وقفت عائقا امام تحقيقنا لاهدافنا ام اننا نريد ان تكون العربة امام الحصان ونسير نحو تلك الاهداف ؟ .الى اين سنصل بهذه الحالة المتشرزمة والمرثية التي نحن فيها وماذا يكون موقفنا من الجماهير والشعب ؟ كيف سنواجه الشعب والجماهير الذي نستغل اسمه في الكثير من المحافل والمناسبات ونتحدث باسمه دون ان نكون عند حسن ظنه ؟ . فالتطورات التي خلقتها العولمة والثورة العلمية التقنية سوف تمكن الجماهير والشعب من ازالة الستار والقناع عن الاوجه التي اختفت حتى الان , عندها ماذا يكون الموقف في المواجهة مع الحقيقة المرة والقاسية؟ .
من اجل الدخول في السنة الجديدة دون التكرار كما السنوات الماضية والتي خدعنا انفسنا وجماهيرنا باعطاء الوعود الكثيرة والكبيرة والتي لم نكن في مستوى تحقيق ادنى شعار منها لا بد من القاء نظرة فاحصة على الماضي القريب وما تم عيشه في السنة الماضية والتي لا يتطلب البحث والتدقيق الكبيرين ولا العناء والجهد الكبير,في الوصول الى حقيقة ممارستنا وعملناالمنصرم , وسيمكننا من معرفة الكثير. ان عدم الاقتراب بمنظور تحليلي واقعي ونقدي من الممارسة الماضية سيجعلنا نرسب في الصف ولن نتمكن من النجاح , فمهما كانت المبادئ مقدسة والحجج كثيرة لن تستطيع انقاذنا من الرسوب . فالمبادئ الصحيحة عند نجاحها في حل المشكلات الموجودة عندها تبرز قدسيتها النسبية في مرحلة ما لان التغيرات التي تحصل تفرض التغير على المبادئ ايضاً ولا يكون المبادئ عبارة عن مقدساتٍ ابدية وأزلية . اذا نحن امام حل معادلةاصبحت لها مجاهيل كثيرة نتيجة ممارساتنا الخاطئة, ويتطلب الكثير من الجهد والعمل في تثبيت هذه المجاهيل والا ستصبح مستحيلة الحل لدينا رغم انها تحل بدون ان تكون بهذه الصعوبة وهناك امكانيات كثيرة تجعلنا ان ان نتمكن من حلها فيما لو اقتربنا بشكل صحيح وواقعي من حقيقة المعادلة وما تحتوي من المجاهيل وما يتطلبها من التكافؤات .
ومن هذا المنطلق عند النظر الى الوضع في سورية فانها وقفت وما تزال تقف في مواجهة التطورات وكانها تريد مناطحة الصخور متشبثة بالقوالب المتحجرة والمتكلسة وكانها تريد ان تجعل من نفسها دونكشيوت القرن الواحد والعشرين . فمهما كانت ادعاءاتها و شعاراتها فهي تتعرض يوما اثر يوم الى ضغوطات كثيرة داخلية وخارجية ,اقليمية وعالمية وحتى عربية واصبحت في موقع كمن يغرق في الماء ويمد يده الى الاخشاب والقشش التي تطفوا سطح الماء من اجل الانقاذ والخلاص . فاذا نظرنا الى السنة المنصرمة وما جرت في سورية وخارجها من الاحداث والتطورات والتغيرات التي تؤثر مباشرة عليها فانها تشير على صحة ما ندعيه . فقد تم اصدار الكثير من القرارات في الامم المتحدة ومجلس الامن ضد سوريا 1559, 1595, 1636, 1644 والتي اسفرت عن خروج سورية من لبنان ولم يتم الاكتفاء بالخروج بل يتم ضيق الخناق عليها من اجل التغير والتحول وذلك بتهديدها بفرض العقوبات الاقتصادية او المداخلة المباشرة بالضربات العسكرية كما فعلوها في العراق , مستنداً على القرارات المتخذة في مجلس الامن , والتي ستكون لها نتائج سلبية على المجتمع السوري عامة وستجرها الى كوارث لا نستطيع توقع نتائجها . ولم تقف الضغوطات عند هذا الحد , وقد ترافقت ذلك تطور معارضة في الداخل ففي الداخل السوري بدات المظاهرات التي كانت نتيجة مقتل الشيخ محمد معشوق الخزنزي بالاضاقة الى المظاهرة التي تمت15 آب في كوباني اثناء نصب خيمة عزاء للشهداء الذين سقطوا من اجل الحرية في كردستان وغيرها من المسيرات والتحشدات امام محكمة الامن الدولة والملفت للنظر ان سفراء الدول الاوربية بدؤا يحضرون جلسات المحكمة للمعتقلين الكرد والسوريين وهذا وما يظهر بان النظام فقد الثقة من قبل المجتمع الدولي حتى في اجهزتها القضائية . اضافة الى تشكيل اعلانات من قبيل اعلان دمشق وغيرها من الاعلانات والتحالفات , رغم ضعفها وهشاشيتها لكن كلها تشير على انه هناك جهود حثيثة ومدروسة ومخططة في مراكز معينة منصبة وضاغطة على النظام من اجل التغيير والتحول وتحاول ان تجعل منها وسائل ضغط , إضافة الى عقد الكثيرمن الكونفرانسات والمؤتمرات الدولية حول القضية الكردية والدمقرطة في سورية في الكثير من الدول الاوربية بدأ من فرنسة الى المانية الى امريكا .
كل هذا يشير بان عاصفة التغيير قادمة لا محالة لها وحتى الذين لم يكن لهم صوت وصدى في الماضي قد بدؤا يظهرون ويتحركون في الشارع السوري الى درجة تنظيم المظاهرات والمسيرات وكل هذا يعود الى قراءة النظام الخاطئة للاحداث والتطورات وبدأ يضيق الخناق على نفسه بنفسه وكانه حفارة قبره , ووصل الى درجة لم ينفعه بعد شعار التغير والاصلاح الذي طرحه منذ سنوات , لفقدانها المصداقية على المستوى العالمي والاقليمي والسوري , ولم يعد يصدق الوعود التي يعطيها في صدد التغير والاصلاح حتى ولو كانت جادة في هذه المرة . اي ان المرحلة التي نعيشها هي عبارة عن فرص من اجل ان يتمكن الانظمة القوموية والتنظيمات التي هي مفرزات تلك العقلية من التغير نحو التحول الديقراطي متخذاً نهج الحضارة الديمقراطية المظفرة اساساً في المرحلة الجديدة, واذا لم يتم استغلال هذه الفرص والتصرف في الزمان والمكان المناسبين ستفوت عليها وتتخلف عن عجلة التاريخ التي تسير دون توقف ولا تنتظر احد او تقف من اجل الوصول بعجلتها , فالانظمة والتنظيمات هي المضطرة الى اللحاق بعجلة التاريخ بعد اجراءها التغير والتحول الديمقراطي.
وكذلك وضع الاحزاب والجبهة الداخلية التي تدعي بالمعارضة في هذا الوقت فانها ايضا لها قراءة خاطئة للاوضاع وهي تنتظر وكان الامور ستتغير من تلقائها دون ان تبذل الجهود الحثيثة والدؤوبة من اجل ذلك , او ان الاخرين سياتون وسيغيرون كل شيء ويضعونهم على سدة الحكم , ولكن تخدع نفسها ناسية بان القوى التي ستعمل على التغيير لها من يضعها على سدة الحكم ايضاً, وليس الذي لا يلعب دوره , فقط ينتظر دون العمل , او لا يتجاوز عمله بضع شعارات او اظهار بيانات او امور بسيطة لا تستطيع ان تغير الاوضاع قيد انملة دعنا من تغيير الانظمة . ان وضعها المرثي هذه والرجحان بين الداخل والخارج كمن يتردد بين الكنيسة والجامع ويحرم من الاثنين , دون تطوير مشاريع التغير والتحول الديمقراطي في الشارع السوري فانها لن تتمكن من فعل شيء , لان الاعتماد فقط على الخارج من دون تطوير جهود في الداخل السوري يوضع عليها صفة العمالة , اضافة الى ذلك فان الانتظار
وطلب الرحمة والشفقة من السلطة في التغيير والاصلاح قد تدخلها في وضع الهشاشية وعدم الثقة سواء من قبل الخارج او من قبل الجماهير الشعبية . ولذلك فاذا ما اردنا ان نقوم بقراءة صحيحة للمرحلة الراهنة وما يجب القيام بها يجب ان تكون تثبيتاتنا موضوعية وواقعية وهي ان النظام لا يستطيع وليس له القدرة على التغير و يعيش الانسداد وكذلك وفق القرارات الاخيرة في مجلس الامن فان المدخلات الشبيهة بالمداخلة العسكرية في العراق سيكون بعيدة ان لم تكن مستحيلة نتيجة التوازنات التي بدات تظهر او تلوح في الافق من جديد وان امريكا ودول التحالف لا تريد ان تفتح على نفسها جبهة عريضة اخرى قد تمتد الى داخل بلاد الشام وتتوحد مع الجبهة العراقية ولتاخذ بعدا واسعا يبدأ من العراق الى سورية ولبنان وفلسطين تشمل هلال الخصيب كلها , وتصبح ارضية خصبة للتيارات الاصولية المتشددة والقوموية من اجل تصعيدالارهاب, وهي لم تحل المشاكل في الجبهة العراقية وتعيش الازمات هناك رغم ادعائها بتحقيق الانتصارات وغيرها .
اما الجانب الكردي فانه بعيد عن تحالفات واتفاقات جدية قادرة على السيطرة على الشارع الكردي السوري وان يقوده الى الحركة في اية لحظة يريدها . فحتى الان مازالت الاحزاب الكردية تتخبط في قراتها القديمة والتي لم تستطع ان تستوعب العصر والمرحلة ولذلك فانها لا تستطيع ان تخلق ثقل كبير وليس في موضع ان تتوقع منها الكثير وهي متطلبة باجراء عملية انتقادية جدية مع دخولها السنة الجديدة من حيث التطورات ومدى قيامها وقدرتها على التجاوب والتعامل معها وتجاوزالتحالفات التي شكلتها من اجل تحقيق توازنات فيما بينها في خدمة طرف على حساب طرف اخر وهو بعيد عن مداخلة المرحلة بمشاكلها المعقدة والصعبة التي يعجز الانظمة الكبرى من حلها .
فمن اجل الرد على المرحلة يتطلب الوصول الى مشاريع عمل وبرامج جدية ومنطقية وواقعية قادرة على لعب دور في التحول الديمقراطي في سورية وهذه المشاريع يتطلب من تفعيل الساحة الثالثة وان تكون لها برامج ومشاريع واساليب بصدد هذه الساحة اي المجتمع المدني لانها فقط هي المنقذ الوحيد التي يستطيع ان يخرج الوضع المعاش والموجود من الازمة متجاوزة الشعارات الرنانة والطنانة رغم ان العالم بدأ بتجاوز هذه الشعارات منذ فترة طويلة واصبحت الدول التي تمثل تلك الشعارات الضيقة القومية عقبة امام عجلة التاريخ ولا تتمكن من الرد على حاجات الجماهيرالتي بدات تظهر في وجهها وتعمل على تغييرها بنفسها. فمن اجل ان نتمكن من السيطرة على زمام الامور في الشارع الكردي يجب ان نتفهم المشاكل والمعاناة التي يعيشها الشعب من على جميع الصعد الحياتية وليس فقط الشارع الكردي السوري بل حتى ان يكون لنا وجهة نظر ومشاريع على صعيد الشارع السوري عامة لاننا طالما نقبل الهوية السورية ونرى انفسنا جزءاً من الوطن السوري لذلك يتطلب ان نخطط وان يكون لنا دور مؤثر وفاعل في هذا الوسط او البلد الذي نعتبر انفسنا جزءاً أساسيا من مكوناته .
ان تنظيم الشعب من القاعدة على شكل مجالس والتي ستصل الى مجلس جنوب غرب كردستان ومنها الى مجلس سورية مدعما بالتنظيمات المدنية المتنوعة والغنية في المجتمع السوري ستتمكن من لعب دورها في عملية التحول الديمقراطي مع اخذ الحساب والاستفادة من الضغوطات الخارجية في ان يكون الشعب سيد الامور وله دور اساسي في القرارات والتغيرات وهذا ما يتطلب مراعاة خصوصيات المناطق في سورية واخذ ابعادها الجغرافية والتاريخية والدينية والثقافية بعين الاعتبار دون المساس بالحدود السياسية وهو سيقود الى تبني هويتين في سورية , فالهوية الاولى هي هوية الاعتزاز بالوطن السوري وهو يشمل كل مكونات الوطن السوري دون استثناء بعربه وكرده واشوريه وكلدانه وجركسه اي بكل موزاييكه والهوية الثانية هو تمثل كل شعب لهويته الثقافية العربية, الكردية , الاشورية وغيرها . والبدء بالتنظيم من القاعدة من مجالس القرى الى مجالس الاحياء والمناطق والمدن وستأخذ على شكل اتحادات حرة تطور ارادة الجماهير في المناطق التي يتشكل منها وتجعلها سيدة القرار وهذه الاتحادات ستدخل فيما بينها الى اتحادات اكبر واوسع سواء بين الاكراد او بين العرب او الاقليات الاخرى وستاخذ شكل الكونفدرالية الديمقراطية بمعناه المعاصرفي المجتمع السوري بجميع اطيافه معتمداً على منهج الديمقراطي الايكولوجي الجنسوي للوصول الى المجتمع الديمقراطي الايكولوجي الجنسوي . وبالتالي ستصبح هذا النمط من الاتحاد الحر والعادل والمبني على الارادات الحرة للجماهير الشعبية والتي تمثل نفسها بنفسها خير مثال يحتذى بها في المنطقة عامة وستكون نواة اساسية للكونفدرالية الديمقراطية في الشرق الاوسط . وبهذا سيتمكن من انقاذ المنطقة وسورية وكردستان من الخطر الداهم الذي هو نتيجة النزعات القوموية البدائية والاصولية الدينية المتشددة التي تسبب في حروب واراقة دماء كثيرة تسفر عن كوارث لا يمكن حلها وضماد جروحها خلال عقود من السنين . وبدلا من ان يقرر الاخرون مصير المنطقة والشعوب سيكون الشعوب والمجتمعات في المنطقة قررت مصيرها اعتمادا على حقائقها التاريخية وواقعها المعاش مستفيدة من التغييرات والتطورات التي احدثتها الثورة العلمية والتقنية في العالم . وبهذا الشكل سيتمكن شعوب المنطقة في الوصول الى اهدافها في الحرية والمساوة والديمقراطية وتنعم بالسعادة والرفاهية وتلعب دورها من جديد كما لعبتها في التاريخ كجميعة جديدة بديلةعلى الصعيد العالمي بشكل لامع وبراق بعد ان دخلت في سبات عميق دامت لقرون عديدة اكثر من اللازم .
#زوهات_كوباني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟