أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - سرد الوقت في رواية -آخر الحصون المنهارة-














المزيد.....

سرد الوقت في رواية -آخر الحصون المنهارة-


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5343 - 2016 / 11 / 14 - 00:31
المحور: الادب والفن
    


سرد الوقت في رواية
"آخر الحصون المنهارة"
يبدأ لراوي حديثه في الفصل الأول عن السجن الذي زج فيه، نظير اتهامه بالقتل العمد وعلى اساس دوافع قومية، فالمكان الذي يحاصر الجسد والروح والأحلام، ويحجب الشمس لا بد أن يلقي بظلاله على الوقت، فيمسي رتيبا، بليدا، وحتى كسيحا، هذا هو واقع السجين، خاصة إذا كان هذا السجين مظلوما، فما بالنا إن كان "بشار" مظلوم إنسانيا، بمعنى أنه لم يقتل عمدا، وكان في حالة الدفاع عن النفس، ويضاف إلى هذا بأن من يسجنه هو المحتل العنصري، الذي ينظر بعين واحدة، ولا يرى في الفلسطيني سوى ارهابي قاتل، ومبرر وجوده يكمن في خدمة الأسياد اليهود.
من هنا وجدنا الراوي منفعل ومتوتر، ويتكلم بعصبة، فحالة السجن ترمي بظلالها عليه وعلى طريقة حديثه، فنجده ناقم على الوقت فيحدثه وكأنه كائن بشري، بحديث أقرب إلى الجنون: "الزمن وحش كاسر، يضربني بمخلبه الدامي صباح مساء،...زمن فاجر متواطئ يستفزني في كل هنيهة، يمر وئيدا لزجا كبصاقة، ...يخاطبني أنا قدرك، جئت لأصفعك على قفاك أو على وجهك، سيان" ص5، المتلقي يشعر بأنه أمام حالة إنسانية تعيش في ظروف غير طبيعية، وقع عليها الظلم من الآخرين، من هنا وجدنا الفاظ قاسية وغاضبة "وحش كاسر، مخلبه الدامي، زمن فاجر متواطئ، لزجا كبصاقة، لأصفعك" هذه الألفاظ وحدها كافة لتوضيح نفسية الراوي، فهي شخصية ـ في هذا الظرف ـ غير سوية، تعاني الألم والقهر، ولهذا هي متوترة وغاضبة.
يقدم لنا الراوي تفاصيل بسيطة عما يمر به من خلال تحديثه عن الساعة التي يرميها في المرحاض، "ومنذ رميت ساعتي في المرحاض في هذا المنعزل الرهيب ذات يوم بارد من شتاء عام 1988، طننت أني سأتجاوز الزمن، لكن هذا القواد الخرافي ظل يعضني في قلبي وعقلي على السواء" ص5، للوهلة الأولى يبدو أن هذا الفعل مجنون، ليس له معنى، ما معنى أن ترمي ساعة في مرحاض؟، فعل لا يشير إلى شيء، شخص لا يريد ساعته، وأراد التخلص منها في هذا المكان، ليس إلا، لكن يعد أن نعرف سبب رمي الساعة في المرحاض، والظرف والطريقة والوقت والمكان الذي قام به "بشار" بهذا الفعل، نعي المعنى والهدف والغاية التي أراد إيصالها للمتلقي وللآخر.
إذا تم تفصيل المقدمة ـ الفصل الأول ـ نجده لا يتعدى الصفحة الواحدة، نعلم بأن الراوي يتحدث فيه عن الوقت الذي يأخذ أكثر من نصف الصفحة، بينما حديثه عن عائلة "نسيم" لا يتعدى أربعة اسطر، وحديثه عن مواطنيه سطرين، وثم نجده يكيل الشتم على الكل دون استثناء، مفرغا عما فيه من غضب وألم، بهذه الشتائم "كفى أيها القوادون لقد آن الأوان لكي أبصق في وجوهكم المطلية بمساحيق العدالة الزائفة" ص6 وهنا نطرح سؤال، لماذا تحدث الراوي عن الوقت بأكبر عدد من الأسطر؟، بينما تحدث عمن ظلمه وحكم عليه بالسجن ثلاثين عاما أربعة أسطر فقط؟ هل هناك سبب ما؟ هل عدو الراوي هو الوقت وليس المحتل العنصري؟، ومن هنا تحدث عنه بتفاصيل أدق من حديثه عن المحتل.
النص الجيد هو الذي يقدم فكرة غير صريحة، غير مباشرة، فكرة تحفز المتلقي على البحث والتفكير، وهذا الأمر ـ التفكير والبحث ـ يمثل احترام للقارئ ولعقله، فالراوي لا يستهين بقارئه، بل يجعله هو من يكتشف مداخل النص ومخرجاته، هذا ما فعله "بشار" بنا، فعندما تحدث عن الوقت أثناء محاولته إخفاء جثة دوريت" وأثناء فترة التحقيق كان الوقت بالنسبة له هو العدو الاول، هو من يرفض أن يتحرك، وكان ثقيل عليه، "الأيام تمضي ثقيلة تكتم الأنفاس، ومعها تمضي جلسات التحقيق المستعرة، ... كان دائي في تلك الأيام العصيبة الزمن الميت، وشعرت بمسيس الحاجة إلى خلطة شافية للعلاج من هذا الداء العضال" ص141، إذن الراوي من خلال هذا الظرف/الحالة عرف كيف يكون ثقل الوقت على الإنسان الذي ينتظر شيء قادم، وعندما تم الحكم عليه ثلاثين عاما، تأكد له بأنه سيعاني الأمرين في هذا الزمن الطويل والثقيل، فهو عرف أيام عصيبة مرة عليه كسنين، فما بالنا بالثلاثين عاما؟ بالتأكيد سيكون الموت أهون منها.
لهذه الأسباب وجدنا الراوي يضع (الفصل الأول) يتحدث بشكل أساسي عن الوقت أكثر من أي شيء آخر، وعندما رمى ساعته في مكان نجس حقير ـ المرحاض ـ أريد به أن يهين الوقت، يشتم الوقت، يتمرد على الوقت، ولهذا جاءت آخر فقرة في الرواية بهذا الشكل، "...في هذه اللحظة وقفت، كنت مضطرا لرؤية عينيه وأنا أنطق أصعب جمله نطقتها في حياتي:
"ـ لقد آن الأوان لكي أرمي ساعتي في المرحاض" ص159، هذا الربط بين ما جاء في بداية الراوية ونهايتها يمثل ابداعا اضافيا، يضاف إلى محاسنها وتألقها.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أثر الجنس في العقل الباطن للسارد قي رواية -آخر الحصون المنها ...
- تعرية المحتل في رواية -آخر الحصون المنهارة- مشهور البطران
- الأرض في قصة -رسول الإله إلى الحبيبة- أسامة العيسة
- السواد في قصيدة -مديح متوحش- كاظم خنجر
- الأديب المفكر الصهيونية في كتاب -بيان الوعي المستريب- إلياس ...
- المقدس الفني
- الضياع الادبي في رواية -أوديستي- أحمد سليمان العمري
- رواية السماء قريبة جدا (كاملة) مشهور البطران
- النص الملحمي في قصيدة -صدى الإنسان- منصور الريكان-
- القبيلة والتنوع في رواية -السماء قريبة جدا-
- جمالية النص في رواية -السماء قريبة جدا- مشهور البطران
- حيوية النص في ديوان -خربشات على جدار ميت- منصور الريكان
- حضور المرأة في ديوان -88- خالد درويش
- الكتابة النادرة -سيرة مدينة- عبد الرحمن منيف
- القيامة في المنطقة العربية
- الماء والمرأة في قصيدة -السراب- سليمان دغش
- الشيطان والمرأة في قصة -سيوف خشبية- علي السباعي
- الجلد باللغة الدينية في قصة -مقامات العصفور- سهيل الخالدي
- تعدد الشخصيات والصوت الواحد في رواية -تفاصيل الحلم القديم- خ ...
- القصة مرآة الواقع -السيد عباس فاضل الاعتيادي- سهيل الخالدي


المزيد.....




- استمتع بمشاهدة أفلامك المفضلة.. استقبل تردد قناة روتانا سينم ...
- وفاة ممثل عالمي شهير بعد معاناة مع المرض
- طاجيكستان .. 35 قانونا لحماية الثقافة الوطنية منها ما يمنع ا ...
- تكوين: القوة الدافعة وراء ويغز، وعمر كمال، ومروان بابلو وغير ...
- تابع hd.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 165 مترجمة للعربية عبر قن ...
- ويل سميث يعود للخيال العلمي بفيلم -المقاوم-
- شقير للجزيرة نت: القدس تشهد تطورا في الإنتاج الأدبي رغم محاو ...
- القبض على مغني الراب الأميركي ترافيس سكوت
- -التوصيف وسلطة اللغة- ـ نقاش في منتدى DW حول تغطية حرب غزة
- -لن تستبدل الآلة بالبشر-.. سينما بريطانية توقف عرض فيلم كتبه ...


المزيد.....

- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - سرد الوقت في رواية -آخر الحصون المنهارة-