فشل اليسار النيوليبرالي وتسبيبه بانتخاب ترامب

طلال الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 5342 - 2016 / 11 / 13 - 11:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

ان فوز ترامب بانتخابات الرئاسة الامريكية لم يكن محض صدفة.

فقد طفح الكيل بالامريكيين بالحالة الراهنة وقرروا انهم لا يستطيعون الاستمرار في العيش كما من قبل. وبلغ بهم القرف والامتعاض من المؤسسة حد الثمالة وهم يرفضون الاستمرار في ان يكونوا عرضة للاستغلال البشع وللتلاعب الفظ في مصائرهم. وهم متعبون ومنهكون بسبب خداع السلطة وتلاعبها الفاضح بمقدرات امورهم.

وهيليري كلينتون قد وفرت ما يكفي من الدلائل بكون الامور, اذا تم انتخابها, ستجري كما من قبل وباحتفاظها بنفس خصائص النظام الحالي وان تكون دورتها الرئاسية بمثابة الدورة الثالثة لرئاسة اوباما.

يؤكد الديمقراطيون او اليسار النيوليبرالي ان الرئيس يتم اختياره وليس انتخابه. ولكن الشعب الامريكي عانى ما فيه الكفاية وقرر ان يضع حدا للفساد واسع النطاق في واشنطن وللتحالف الشيطاني بين الساسة ورجال الاعمال. لقد اختار الشعب ان يضع حدا لسياسات اليسار النيوليبرالي, متمثلة في اوباما و(كلونه) هييلري كلينتون- علما ان يسارا نيوليبراليا هو ليس يسارا. انه يسار بالاسم فقط.

لقد عزل اليسار النيوليبرالي نفسه خلف جدار صلد ليحول يينه وبين ما تحس به الجماهير وتستشعر به, وقرر ان يضع كامل ثقله خلف محبوبته هيليري كلينتون, مستخدما بذلك احط الوسائل للقضاء على ما تبقى من نزاهة لوسائل الاعلام الرئيسية, لتحريف النقاشات الدائرة, ولتشويه الوقائع على حساب الحقيقة وبالضد من مصالح اغلبية الشعب الامريكي.

وهنالك غضب عارم من قبل الطلاب واولياء امورهم ومن كل الطبقات. وهنالك ايضا سخط واسع بخصوص اتفاقيات الشراكة عبر المحيط الاطلسي والمحيط الهادئ. وان ما كشفته ويكيليكس قد افلح في جعل الامور اسوء بكثير.

ان انتخاب ترامب يحتم بالتأكيد على اليسار النيوليبرالي ان يراجع اجندته. عليه ان يصلح اخطائه الكارثية وان يتعلم الاصغاء الى صوت الشعب. عليه ان يتخلى عن وقاحتة ومزاعمه وعن صلفه وغروره وتعاليه. وان يدرك ان ابتعاده آلاف الاميال عن مصالح كادحي وشغيلة مواطنيه ومساهمته في عيشهم في جحيم او اما يشبه هو امر لا يمكن بتاتا التقليل من اهميته البالغة في فشله الانتخابي العارم.

لقد تجاهل اليسارالنيوليبرالي, وبضمنه الحزب الشيوعي في الولايات المتحدة ونقابات العمال الصفراء, مصالح العمال البيض واعتبرها بمثابة ايديولوجية عنصرية. هذا في حين ان هذا اليسار كان اضعف من ان يسمح بمنع ميل توازن القوى لصالح اليمين. لم يقدم هذا اليسار حلا لمشاكل العمال والفقراء البيض, واستخدم السود والامريكيين اللاتينيين كرهائن. ولم يقدم حلا لعنف الشرطة غير المبرر وتفاقمه ضد الشعب او للتهديد بترحيل الوافدين.

لقد فعل الديمقراطيون كل ما بوسعهم لاعادة انتاج العنصرية وفشلوا في كبح تغلغلها السرطاني مؤسساتيا. والطبقة الوسطى, او ما تبقى منها, فقدت امكانية الاستفادة من برنامج اوباما للرعاية الصحية.

بالطبع لا يمكن تحميل المسؤولية شخصا واحدا. ولكن ما يمكن قوله بكل تأكيد ان فشل اليسار النيوليبرالي في قراءة الواقع ووضعه مصالح الطغمة المالية فوق كل شيئ قد ساهم بما فيه الكفاية في وصول ترامب الى سدة الرئاسة.

#طلال_الربيعي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات