بلال سمير الصدّر
الحوار المتمدن-العدد: 5340 - 2016 / 11 / 11 - 21:56
المحور:
الادب والفن
الى الابد يا مودزات 1996(جان لوك غودار):مودزارت سيظل على قيد الحياة الى الايد
الفيلم هو عن تحقيق عن فيلم يدعى (بوليدو المميت)،ويعتبر غودار ان الفيلم عبارة عن مبحث شخصي في التاريخ،والمقصود بالتاريخ تحديدا،هو التاريخ المعاصر للحرب في صربيا،ويتداخل الفيلم بين الحياة الواقعية والأحداث التي تدور داخل الفيلم قيد التصوير،وعلى طريقة التأملات والراوي والتكرارا اللغوي يتابع غودار هذا البيان الفلسفي أولا،ومن ثم الواقعي السياسي من خلال السينما التي لازال يعمل على تعريف دقيق لها.
إذا بين لغة فلسفية عميقة ،وحبكة قريبة جدا من الوثائقية يعمل غودار على خلط السياسي الواقعي بالفلسفي الأكثر شمولا في تأملاته وتساؤلاته حول الواقع الانساني،بحيث بدا وكانه عبارة عن تأملات تفتقد الى التماسك بشكل كبير.
إذا،فمن الضروري جدا أن نسمع كلمات تبوح بها الشخصية على هذه الشاكلة:
نعم هناك المزيد
الآن أنا عاطلة عن العمل،من خلال هذا بطء الساعات الفارغة...
الحزن يربو في ذهني من اعماق روحي
قلنا في السابق ان شخصيات غودار تعاني من برود شديد اتجاه الحياة،وهذا البرود نابع من الداخل أكثر من الخارج،فالنقطة الأولى أن الموضوع الفلسفي بات اكثر شمولا من قضية الحرب والواقع الانساني في سراييفو،واخضاع هذه الحرب لسراييفوا للفلسفة تجعل نقطة الرؤية عن تصرفات أو مفهوم هذه التصرفات البشرية،والتي ستحال الى شكلية غريبة يدعوها غودار بالسينما،وهو الذي لازال يقدم نظريات عنها منها أنه تنبأ بأنها سترفض من قبل الجمهور رفضا قاطعا،وان كان هذا متفقا مع نظريات شباك التذاكر إلا أنه يتضمن شيئا مختلفا لأن الشكلية هي المرفوضة بشكل كبير بل واكبر من المضمون والطرح الثقافي للفيلم،ومن الهم الفلسفي الذي يلاحق شخصية تتحدث عن الموت واحتمالية وجوده أو الاقتراب منه،وتعتبر ان العلاقة بين الجسد والروح لازالت على وشك الظهور،أي انها لازالت في خضم المحاولات بين الافكار والوجود.
تنتقل الشخصيات الى حيز الحرب الفعلي في أوروبا في شيء قريب من بيان سياسي حول سراييفو،يستخدم فيه غودار اللقطات الوثائقية تماما مثل تلك اللقطات التي كان يستخدمها في بياناته عن حرب فيتنام،وهو بذلك يعلن الموت الفلسفي للفكرة التي وصلت الى اليقين التي لازالت في طور التساؤل لينتقل الى التصرف نفسه من اعدامات جماعية واغتصابات بالجملة...
السينما في تحليلاتها ونظرياتها هذا أولا،وبمواضيعها وشكليتها المقبولة جماهيريا تخلق مسافة كبيرة بينها وبين الواقع،والفجوة الكبيرة بين الفيلم والحياة تظهر بجلاء مع نهاية الفيلم عندما يرفض الجمهور مشاهدة الفيلم بناءا على توقعات مسبقة ويفضلون مشاهدة فيلم تجاري...
هل من الممكن استخدام السينما كأداة لتبديل تحديقاتنا مع عالم متناغم مع رغباتنا...؟!
ولكن بالطبع فالشكل الفني الحتمي-سواء كان مقبولا أو غير مقبول-سيظل موجودا الى الأبد غير منفصل أبدا عن الواقع مرتبط بالتاريخ البشري بل ولايمكن تحليل التاريخ من دونه....
بالتأكيد،مودزارات سيظل على قيد الحياة الى الأبد...
#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟