نافذ الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 5337 - 2016 / 11 / 8 - 15:40
المحور:
الادب والفن
"عذابات غريب بن حزين"
كنت طالبا مشاكسا في الثقافة والادب والسياسة ، كان يكتب في ركنه الاسبوعي في جريدة الفجر
يترك مجالس المدرسين لينضم الى حلقتنا ونحن مجموعة من الطلبة المتعارضين فكرا وثقافة وانتماء ما بين اليسار واليمين والاشتراكية والدين والقومية والعلمانية .
نذهب لتناول فنجان قهوة معا غالبا . في أحاديثه ذات النكهة الفلسفية وثراءه المعرفي ، نستمع له بنوع من القدسية ، يسهب ويستطرد وتكبر الدائرة.
واشعر بالخيلاء عندما يصطحبني معه الى مقهى الطلبة ، ويثور على مخالفتي الرأي له، وأحيانا أتلقى منه شتيمة ما بين الفينة والاخرى، واتهامي بعدم الفهم ، واضحك بصوت مجلجل ويسألني لماذا تضحك.
أجيبه انك تقرأ لي نصوصك باستمرار ، فيجيب "أي انا لاقي حمار غيرك".
في ذلك اليوم كنت احمل الجريدة وأقرأ في حلقة منشورة من "عذابات غريب بن حزين" .
وجاء يربت على كتفي وجلس وسألني عن انطباعي.
ضحكت كعادتي وسالته :لمن تكتب يا دكتور؟!.
أجاب : "للحمير اللي مثلك لكي تفهم".
قلت : انك توغل في الرمزية وتملأ النص بخفايا الدلالات ، وحتى أنا احاول استبصار النص ، واكتشاف المعاني والدلالات والرموز .
ولكنني اجد صعوبة كبرى في الدخول الى نصك الجميل كلمة والمتميز اسلوبا والصعب دلالة.
كان لا يقبل النقد ويقول:" ان من يحاول ان يقرأني عليه ان يبذل جهدا ويكون مثقفا."
بعد رحيلة بحاولي عشرين عاما ومرور ما يزيد عن ثلاثين عاما على مقالاته ، أعتفد انني استطيع اليوم تفهم العنوان واعتبره ملائما للمرحلة.
وأشعر بكم من الاغتراب يجتاحني ليس وحدي بل يتوحد مع شعور الكثير بالخيبات لأحلامنا ، وما أفنينا العمر فيه .
وهذا الوعي المدرك تسبب بالعذابات .
انظر حولي وأرى جمهور الكتاب والمفكرين ينطبق عليهم عنوان الراحل الفيلسوف عبد اللطيف عقل "عذابات غريب بن حزين".
#نافذ_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟