|
فى عالم -1984- إما أن تكون -زومبى- أو تكون -رمادى-
رامز عماد سامى
الحوار المتمدن-العدد: 5336 - 2016 / 11 / 7 - 18:27
المحور:
الادب والفن
قد يعتبره البعض واحد من نتائج ثورة الخامس والعشرين من يناير الهامة وقد يعبتره البعض الآخر بأنه أمر ليس بالأهمية الجمة وذلك بسبب ضعف مستوى المنتج المطروح على الساحة، سواء اتفقنا مع هذا الرأى أو ذاك إلا أننا لا يمكن أن ننكر بأن "صناعة" الأدب فى مصر قد راجت فى السنوات الخمس الماضية بشكل ملحوظ سواء عن طريق زخم الإنتاج الروائى أو الإقبال عليه، سواء عن طريق قنواته الشرعية من خلال دور النشر المُصرح بها أو عن طريق مطابع "تحت السلم" كما يُطلق عليها. قد نُرجع ذلك الأمر إلى وسائل التواصل الإجتماعى التى خلقت عالمها ونجومها من كُتاب شباب بعيدا جند الأدب القدامى ، هذا ما أدى إلى رواج أنواع جديدة من أدب الرعب و المغامرة و أدب الـ Pop Art و الأدب الديستوبى السياسى ، ذلك الأمر الذى رمى بظلاله على ألوان كثيرة من الفنون من أهمها المسرح ، سواء من خلال القيام بإعداد مسرحى لتلك الروايات مثل: إعداد رواية الفيل الأزرق لأحمد مراد و هيبتا لمحمد صادق مولانا لإبراهيم عيسى وغيرهم من روايات تم إعدادها لتصبح نصوص لعروض مسرحية، أو حتى عن طريق إعادة النظر فى روايات قديمة قد مر على إنتاجها عشرات السنوات وذلك مثل: أولاد حارتنا للكاتب الكبير نجيب محفوظ و الله محبة لإحسان عبد القدوس . وأكبر دليل على ذلك الأمر هو رواية "1984" للكاتب والسياسى الإنجليزى جورج أورويل ، و التى زاع صيتها بين أوساط الشباب وكأنها إصدار العام، وذلك بسبب الخبر الذى تداولته وسائل التواصل الإجتماعى و المواقع الإلكترونية "عام 2014" بإلقاء قوات الشرطة على طالب جامعى بحوزته تلك الرواية، ذلك الأمر الذى جعل قطاع كبير من الشباب يبجث عن تلك الرواية و كأنها منتج ممنوع أو مُحرم، فسواء الأمر بسبب فضول الشباب أو بسبب ما تحتويه الرواية من أفكار ضد الأنظمة القمعية إلا أن الرواية أنتشرت بين أوساط الشباب كالنار فى الهشيم، لتظهر أفكار تلك الرواية فى منشورات على "فيس بوك" أو من خلال عروض مسرحية مقدمة للجمهور. وهذا ما تجلى فى عرضي "الزومبى و الخطايا العشر" للمخرج طارق الدويرى و "الرمادى" للمخرجة عبير علي اللذان طُـُرحا على الساحة فى ظروف متشابهة إلى حد كبير، فكلا العرضان تم إنتاجهما فى نفس العام ومن نفس جهة الإنتاج وهى "مركز الهناجر للفنون" كما تم تقديهما فى "المهرجان القومى للمسرح المصرى" فى العام الحالى و "مهرجان القاهرة الدولى للمسرح المعاصر و التجريبى" ، فعلى الرغم من إختلاف إسلوب التناول إلا أن العرضين مصدرهم واحد وهو الرواية الديستوبية "1984" . و إن كان عرض "الزومبى" لم يعتمد على الرواية قط وإنما اعتمد على مصادر أخرى مرافقة لها وهى: "فهرنهايت 451" لراي براديرى و "كتابات وديع سعادة" ، وهذا ما عزز الطابع التجريبى بالعرض والذى اعتمد فى درامته على رصد حالة التشظى بين أفراد "مجتمع الزومبى" وسطوة "الأخ الأكبر" المتمثلة فى أجهزة مراقبته المزروعة في كل مكان و المرصودة عن طريق الكاميرات و من خلال دمُاه الكبيرة التى تعبث فى المدينة كما يحلو لها ، كما أستمد فريق ورشة كتابة العرض و المكون من "طارق الدويرى ونشوى محرم" الروح العامة الموجودة فى رواية "1984" و بعض الأفكار الموجودة بالرواية مثل تحريم الدخول إلى الغرفة 101 و منع الإنسان من القيام بأبسط حقوقه بحرية مثل حق الحياة و حق الزواج بمن يرغب وغيرها من أفكار ولكن دون الأهتمام بالأحداث الأساسية بالرواية. أما على الجانب الأخر نجد أن عرض "الرمادى" للمخرجة عبير والذى قد اعتُمدت فى إعداده على مصدر اوحد -وهو الرواية- قد يجعلنا نجد أن الخطوط الرئيسية فى الحبكة التى تدور فى "أوشينيا" -نفس مدينة الرواية- وتطور الأحداث والشخصيات المتحكمة فيها هم من نفس بنات أفكار أورويل دون غيره، بالطبع لا نغفل أو ننكر بأنه: بإختلاف الوسيط الفنى تختلف الأدوات ، فالرواية والتى تعتمد فى أساسها على السرد تختلف عن الدراما و التى تعتمد فى أساسها على الفعل وهذا ما حاولت فعله آمال الميرغنى فى إعدادها للنص و ما أكدته عبير علي فى إخراجها للعرض ولكن دون إضفاء شئ جديد عن الرواية إلا ما رحم ربه . قد يتشابه العرضين من خلال الخطوط العريضة لهما والمتمثلة السينوجرافيا والتى تؤكد الحالة القمعية للمدن التى تدور فيها الأحداث وذلك من خلال إستخدام كاميرات المراقبة على خشبة المسرح و التى تُدخل المتلقى فى الحدث ليكون جزء منه وبعض التقنيات الأخرى سواء عن طريق الموسيقى أو الإضاءة ، إلا أن الأختلاف الجوهرى بين العرضين يظهر بكشل جلي فى أختلاف شكل الدراما المقدمة ومن خلال الإختلاف فى شكل الخطاب الأيدلوجى المقدم، حيث أن عرض "الرمادى" يتسم ببعض المباشرة التى لا نجدها فى "الزومبى" والذى يعتمد على بث رسائل خفية مشفرة من خلال الإعتماد على الأداء الجسدى أكثر من الكلمة ، كما اعتمد عرض الرمادى على أحداث على الرغم من كونها سودوية إلى قدر كبير إلا أنها قد تكون واقعية و يمكن أن تحدث وذلك على عكس عرض "الزومبى" والذى اعتمد على أحداث و شخصيات لها طابع غرائبى إلى قدر كبير وذلك بداية من "شخصيات الزومبى" وصولا إلى تابعى "الأخ الأكبر" ، فعلى الرغم من إختلاف الخطاب الأيدولوجي المقدم من خلال العرضين إلا أنهم قد قرروا بأن تكون نهاية الأحداث بارقة أمل لمستقبل قد يكون أفضل .
#رامز_عماد_سامى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
-
إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|