فؤاده العراقيه
الحوار المتمدن-العدد: 5333 - 2016 / 11 / 4 - 20:51
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
استفزّني عنوان لكتاب وردني على بريدي تحت عنوان ’’لابد من زوجة أخرى’’ كذلك أثار اشمئزازي صورة الغلاف التي عبّرت عن تشويه للإنسان حيث كانت عبارة عن رجل يقف بين امرأتين وعلامات الرضا والحبور واضحة على محياه ,صورة يشمئز منها أي انسان سوي قبل ان يدركه الغباء وينال منه التشويه الذي طال شعوبنا ولم يستثني احد سوى من ساعده حظه الأوفر من البقية وجعله قادرا في ان يتأمل بالأحداث ليدرك بعض الامور الخفية عن غيره .
اثار فضولي العنوان فبحثت عن محتوى الكتيب علّي اجد شيء جديدا فلم اجد سوى تكرار لأفكار غبية ومحاولة لردم ثغرة كبيرة أخذت في التوسع لتكشف عن ثغرات عديدات بتراثنا وبموروثنا الذي استمر لقرون يطحن بعقول الغالبية لتفقد قدرتها على التمييز ولتشوش رؤاها لتلك الثغرات لكون هذا الموروث لم يعطي المجال لهؤلاء الغالبية في التفكير بالسلبيات التي عششت به وأخذت تفتك بنا تدريجيا حيث الدوامة التي استمرت في التكرار دون تغيير ولا توسيع بنطاق الدائرة التي طوقت العقول وحصرتها لتكوّن أناس هم اقرب للروبوتات التي تم برمجتها منذ قرون لتتناسل ولتنتج نسخ كاربونية عاجزة عن الحس والإدراك حتى بعد ان باتت رائحة هذا الموروث تزكم الانوف بعفونتها وخصوصا بعد ما آلت اليه اوضاعنا من سوء وتردي واضح وإلى اسفل السافلين نحن به سائرين بالرغم من التطور الكبير والتغيير الذي حدث ولا زال يحدث لبقية البلدان ,لكون التطور والتغيير هما سمة من سمات الحياة الثابتة ,ولكننا مكثنا ساكنون بل نحاول بكل ما اوتينا من قوة ان نرجع لعصر الإنسان القديم .
في خضم البحث عن الحقائق والسؤال والتفكير للبعض ممن امتلك رؤية ثاقبة وبعد التفكير والسؤال سيجد البعض ثغرات في جدار هذه التعاليم الموروثة , بعض من هذه الثغرات يكون واضحا للعيان وبعضها غائرا وسط غبار قد تراكم على مدى قرون ,من ضمن هذه الثغرات هي مسألة تعدد الزوجات فبدلا من الوقوف عند اول ثغرة والتنقيب من خلالها للعثور على المزيد من الثغرات لنصل بها لبعض من الحقائق التي تجرّ لحقائق اخرى ينتاب هؤلاء الرهبة والهلع من اول ثغرة تواجههم ليتم إهمالها والمضي على نفس الوتيرة خوفا من تحريك الغبار المتراكم وسقوط الجدار بأكمله وانكشاف الحقائق امام عيونهم التي تعودت الظلام , فيُفضّلوا السكون على ما تعلّموه وتستمر مخاوفهم من الخوض في تلك المفاهيم التي تلقوها من أجداد اجدادهم البسطاء العقول, ردم تلك الثغرة أو تجميلها هي محاولة للتخلص من الشعور بالذنب أو مواجهة النور بعيون قد تعودت الظلام ,وأني لأستغرب على قدرة البعض , وهم الغالبية اليوم, في قدرتهم على غض ابصارهم على الكثير من الحقائق التي باتت تفقأ العيون ؟ كيف لهم ان يناموا قريري الأعين وهم غافلين ؟
بعض من هذه الثغرات تُمكّننا من النفاذ لثغرات عديدة حيث الوصول لطرف الخيط يُسهل الاقتراب من فك العُقد ما بين الطرفين ومن ثم الوصول الى طرفه الثاني بيسر ولكن ومع الاسف الشديد نجد العُقد في ازدياد وتتشابك في ظل منظومة انطوت على تخريب العقل العربي اكثر فأكثر لتبقى مهيمنة عليه ومن ضمنها هذا الكتيب وما تضمنه من أفكار جاءت كمحاولة لتشويش الفكر ولتعقيد الامور وان دلت على شيء فلا تدلل سوى على الهوس الجنسي الذي شغل العقول وإلى تلك الرغبة المريضة في إباحية الشذوذ الجنسي المُشَرِّعُ والمقنن بالدين فأراد الكاتب ان يردم تلك الثغرة التي باتت واضحة , ثغرة تعدد الزوجات المرفوضة من قبل غالبية النساء اللواتي لا يمكن لهنّ ان يتقبلن التعدد وأن قبلته احداهنّ فهذا لا يمكن له ان يكون إلا بعد ان تنال صاحبة القبول من التشويه بطبيعتها الشيء الكثير,لكون الطبيعة نرفض العبودية .
محتوى الكتيب لا يدل سوى الى نظرة الكاتب الدونية للمرأة على اعتبارها سلعة عديمة الإرادة وخالية من المشاعر حيث يبدأ حديثه بطلب من الحاضرات في أن يتحلين بالشجاعة ,وعلى ما اعتقد فهو يطلب منهنّ العكس حيث الحقائق فقط هي التي تتطلب الشجاعة وليس الخرافات ,وهو ينشد إلى تغييب عقولهنّ بافكار خرافية ومحاولة اقناعهنّ بالتخلي عن طبيعتهنّ ومشاعرهنّ وحقوقهنّ الإنسانية والتحول الى بغايا باسم المشرع وعلى كل واحدة انتظار دورها في النكاح وليكون يوما او يومان في الاسبوع ,فيما إذا كان الزوج قادرا وقويا كالبغل, لتتحول تدريجيا الى حيوان خالي من اي مشاعر , هذه الافكار التي حطّت من انسانية المرأة كمناقشة قضايا غيبية لا علاقة لها بالتطور ولا بالحداثة هي ما جاءت في هذا الكتيب والأدهى من هذا فالكاتب يستشهد بآراء بعض النسوة ,لا ادري ما مدى مصداقية استشهاده هذا, وأن كان صادقا فمن هم هؤلاء النسوة وهل نستطيع ان نعتمد على اقولهنّ كدليل وبرهان يثبت صحة وسلامة التعدد على المجتمع ؟ وأي قناعة تلك التي امتلكنها بعد ان قُمعت عقولهنّ وحرية التفكير لديهنّ منذ طفولتهنّ وصرنّ منقادات لموروث وتعاليم غريبة عن المنطق الحالي حيث تقول احدى النساء بأنها فقدت الثقة بنفسها وفقدت حياتها الزوجية وفقدت زوجها ’’الحبيب’’ وتستمر في وصفه بكلمات رائعة لا تتناسب مع افعاله ولا تنطقها سوى الجارية حيث تضعه في خانة الاحبة رغم نبذه لها وزواجه من أخرى ,ثم تقول بان زوجها طيب القلب لكونه التزم الصمت ازاء صياحها وتهديها بترك البيت بعد ان تزوج عليها وتصفه بالحكمة ايضا لكونه لم يستجيب لانفعالاتها وحاول افهامها بعد القسم بالله بانه يحبها !!!
وفي النهاية رضخت للأمر الواقع وتعودت حياتها الجديدة لكونها لا تمتلك غيرها ولم يبقى سوى شماتة الناس بها وبقيت في حيرة من امر زوجها والسبب الذي دعاه للزواج بغيرها ,فقط.
وأخرى من اللواتي استشهد الكاتب بأقوالهن تسأل عن اللواتي يجرأنّ في الكشف عن سرّهنّ وتعلن عن زواج زوجها بأخرى وهي تعلم نظرة المجتمع الظالمة لها !!! , وكأنها هنا هي المذنبة فتخاف من ان تعلن عن افعال زوجها فالمرأة مذنبة دوما .
وأن قلنا بان هذه التعاليم عادلة وغير ظالمة لها فأين سيكون المفر من نظرة المجتمع الغير عادلة لها ؟
ولن اسأل هنا عن السبب في نظرة المجتمع الظالمة للمرأة وهي قد رضخت لزوجها وللتعاليم , ولا ادري ما الذي يريده هذا المجتمع من المرأة وهي مدانة مُدانة في كافة احوالها ومحاصرة بين نظرتين غير عادلتين لا خلاص لها منهما .
البعض منهنّ يؤمنّ بالمثل القائل ظل راجل ولا ظل حائط اي الرجل هنا سيكون ساترا عليها ,وكأنها عيب وموضع شبهة أو نقص ولا بد تغطيته أو التحايل عليه او إكمالها برجل .
أما القنبلة, على حد قول الكاتب ,التي فجرّتها أحداهن فهي قبولها بالقفزات الجنسية لزوجها وبالخليلات على ان تكون له زوجة أخرى .
وتقول أخرى بأنها تجد بان الزوجة الثانية متعدية على حقوق الزوجة الاولى !! , لكنها لن تجد أي تعدي من قبل الزوج .
وقالت أخرى بان الضرّة مرّة !!!
ومؤكد بأن الكاتب قد ابتعد عن آراء النساء المتنورات او حجب آرائهن متعمدا ولغاية في قلب يعقوب وكذلك لن يتحدث عن الزوج الشبق الذي تسبب بكل هذا ؟
مسألة تعدد الزوجات هي بمثابة ثغرة كبيرة وواضحة لأعين النساء حيث الغالبية العظمى منهنّ مهما بلغت درجة غياب عقولهنّ فهنّ يرفضنّ الزواج بنصف رجل فكيف بربعه ؟
المسألة مسألة غريزة لا علاقة لها بالوعي فكيف ومع تطور الحياة اليوم وخروج المرأة لميادين العمل
مسألة تعدد الزوجات تُظهر بوضوح عيوب المفاهيم التي فُرضت علينا والتي لا تخدم سوى الذكور ورغباتهم وبالرغم من ان قضية تعدد الزوجات صارت مسألة بديهية ومُفنّدة من اصحاب العقول المنفتحة الذين أشبعوها حججا لكن البعض لا يزال يحاول اثارة الجدل حول التعدد بين حين وآخر بغية الرجوع بنا إلى عصر الجواري وقت ما كانت المرأة محاصرة ومبتلية بداء هيمنة الذكور عليها ولا غرابة من هؤلاء المهووسين بالجنس , وأقول الجنس لكون الزواج لدى هؤلاء هو عبارة عن نكاح فقط , فهل يشغل تفكير هؤلاء في ايجاد الحلول للحروب التي بدأت تطحن بهم وللفقر ولإعداد المتسولين التي هي في ازدياد والقتل على الهوية ونقص الخدمات والعيش الغير رغيد للمواطن العربي والأمراض المستشرية والفساد والعهر المخفي من زنا المحارم وغيره والى الدعارة المتسترة بغطاء ديني ووووو
هذا الكاتب السعودي والذي حمل لقب مفكر وباحث وهو حاصل على شهادة الدكتوراه في الطب !!! أفتقر للحداثة وللحجج سوى من اثارة الجدل في قضية اثبتت فشلها الذريع .
ودمتم بوعيكم سالمين
#فؤاده_العراقيه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟