أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - الاقي زيك فين يا علي














المزيد.....

الاقي زيك فين يا علي


شوقية عروق منصور

الحوار المتمدن-العدد: 5332 - 2016 / 11 / 3 - 20:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ألاقي زيك فين يا علي
شوقية عروق منصور
دخلت الى غرفة خالتي فوجدتها تمزق مجموعة من الصور كانت سابقاً قد وضعتهم في كيس من المخمل الأحمر ، سألتها لماذا تمزقهم ؟؟ لم تجب ، بل تركتني وقامت بإشعال -الكانون - في عز الصيف ، وأخذت تنفخ فوق قطع الفحم حتى تحولت الى جمرات ، سرعان ما القت ببقايا الصور الممزقة فوق الجمرات ، ووقفت لترى البقايا وهي تتآكل وتنكمش وتغيب الوجوه حتى دخلت في السواد واختلطت مع ذرات الرماد.
رأيت مشاعر الارتياح على وجه خالي الكبير ، الذي قال بلهجة ممزوجة بالأسف : مش ناقصنا مشاكل .. !! وعرفت بعد ذلك أن خالتي كانت صديقة لبعض الممرضات اللواتي يعملن في المستشفى الإنكليزي في الناصرة ، وأن بعض الممرضات اختفين ، وتبين بعض ذلك أنهن التحقن بإحدى المنظمات الفلسطينية في لبنان ، وان الصديقة الممرضة " تريز هلسه " قد قامت مع مجموعة بخطف طائرة بلجيكية بعد وصولها الى مطار اللد ، مطالبين إطلاق سراح مئة فدائي أسير في السجون الاسرائيلية ، وعندما سمع خالي اسم " تريز هلسه " في نشرة الأخبار ، هرع الى البيت وطلب من خالتي حرق الصور التي التقطنها معها في مناسبات عديدة ، كنت عندها صغيرة لا أعرف لماذا لغة التمزيق يجب أن ترافق لغة الخوف الذي شعاره " امش الحيط الحيط ويا رب السترة " .
هل للتاريخ عطر ؟ نعم هناك رائحة تتسلل من الذاكرة ، من الورق ، من الصور ، وهناك رائحة لا تضيع مهما فسد التاريخ وغرق في قوالب الحلوى المزيفة .
ها أنا فجأة وجهاً لوجه أمام صور خالتي التي أحرقتها – بعد مضي سنوات ندمت - وأمام زمن كان الخوف يأتي مدججاً بسيوف الحذر ، ويقفز اسم " تريز هلسه " التي تعيش حالياً مع عائلتها وأولادها في الأردن ، لكن " علي طه أبو سنينه " الذي تريد ابنته سحبه من جارور النسيان يقف الآن على المسرح ليؤكد أن خطوات مسيرته المشتعلة ما زالت تحفر في أرض الأبناء .
في زيارة سرية للذاكرة ، وتحت نصب تذكاري صنعته الأبنة ، تقف ، لنتحدث عن رجل رسم فوق جسده خارطة الوطن ،لكن الرسم اختفى مع الغياب ، وها هي الأبنة تعيده الى الوجود منتصباً بدمه ، شامخاً بشبابه ، مدفوناً في تابوت اسطورة .
هناك أغنية للمطربة صباح توجهها لفريد الأطرش الذي يدعى " علي " في أحد الأقلام ، حيث تغني " الاقي زيك فين يا علي " ، وكأن "علي بابا " وقف أمام الأبنة مقدماً لها مفتاح مغارة والدها .
رائده طه ، إبنة علي طه ، الذي قام بخطف طائرة سابينا او كما عُرف الرحلة " 571 " ففي يوم 8/5/ 1972 وصلت طائرة " سابينا البلجيكية الى مطار اللد ، وقد تم الاستيلاء على الطائرة من قبل مجموعة " علي طه " و " تريز هلسه " و " ريما عيسى " و " عبد الرؤوف الأطرش " .
" علي طه " الذي سال دمه ، الأب الذي رحل مكسراً أغصان طفولتها ، ها هي تبني من بقايا خشب سيرته كوخاً ، لعله يصبح عنواناً لحياة جديدة له .
على المسرح وأمام المشاهدين ، تقف الأبنة " رائدة طه " لتروى قصة والدها ، الذي كان مؤمناً بقضية شعبه ، تروي الأبنة كيف كان القائد لمجموعة " وليم نصار " التي تنتمي لمنظمة أيلول الأسود ، حيث كان الهدف من خطف الطائرة الافراج عن أسرى فلسطينيين ، لكن انتهت العملية بمقتل علي ورفيقه عبد الرؤوف ، واعتقال تريز هلسه وريما عيسى ، تحكي رائدة قصة والدتها ومعانتها وأيضاً معانتها هي الأبنة التي تيتمت ، وبقيت تحمل لقب " بنت الشهيد " .
رائدة طه ممثلة منفرده ، قامت لوحدها بجميع الشخصيات ، تحدثت بلسان الجميع ، وقد أبرزت معاناة قضية دفن والدها الذي دفع عمتها " سهيلة " الى التوسل كي يفرجوا عن جثمان شقيقها ، لكن الرفض كان دائما هو الجواب الصادم .
وعندما علمت العمة سهيلة أن وزير خارجية أمريكا هنري كيسنجر يتواجد في مدينة القدس تبعته الى الفندق واستطاعت التسلل الى الغرف بعد ان منعها الحراس وأبت الا ان تسلم رسالتها الى كيسنجر باليد وتطلب الافراج عن جثة شقيقها من البراد ، وفعلاً تمت الاستجابة ، وفي اليوم التالي تم تسليم الجثة .
خلال المسرحية تم التكلم عن تفاصيل حياة " علي طه " حياة كانت نائمة في غيوم مختبئة ، جاءت الإبنة وثقبت تلك الغيوم فأمطرت حزناً على مسرح ما زال هناك فيه مساحة لزيارة الذاكرة ، ومشاهدة ماذا فعلت بصمات الفخر فوق جدران الضوء الخافت .
الأبنة أطلقت على المسرحية العنوان الشعبي النابع من عمق اليتم ودلال ابنة ترى والدها بصورة حبيب " الاقي زيك فين يا علي " .
اذا قالت العرب "كل فتاة بأبيها معجبة " فإن رائدة طه ،غمست اعجابها في زيت العمر لتطلق صرخة ، كأنها ابنة تقف وتنادي .. يا يابا .
مع العلم أن المخرج الإسرائيلي راني ساعر قد قدم فلم " سابينا " عن قضية خطف الطائرة سابينا على يد منظمة أيلول الأسود ، ودائماً كما عهدنا السنيما الإسرائيلية ، يستخدم الفلم لصالح وجهة النظر والرواية الصهيونية ، لكن الممثل الذي قام بدور " علي طه " جورج إسكندر قد أثار غضب الكثير من الإسرائيليين عندما ذكر في احدى المقابلات التي أجريت معه بعد عرض الفلم في القدس وبحضور نتنياهو وزوجته وايهود براك أن خاطف الطائرة ليس مخرباً أو ارهابياً انما محارب ، اذ أردف قائلاً أن خاطف الطائرة الحقيقي أبوسنيه هو شخص سُلب منه حقه وحارب لاسترداده .
مع العلم أن ايهود براك قاد عملية اقتحام الطائرة ، وبنيامين نتنياهو كان قائد الطاقم التابع للوحدة الخاصة باقتحام الطائرة .



#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسائل الحب في زمن الجفاف
- الثقافة لا تعرف ميري ريغيف
- الطفل خالد الشبطي يركب الطائرة مع ليلى خالد
- ما زالت ذاكرتي في حقيبتي
- الفن يزدهر في تربة السياسة
- صورة سيلفي مع ثور وكوز صبر
- نساء -داعش - بين فتنة السلاح والنكاح
- الموت غرقاً ورائحة الخبز أبعدت زكية شموط
- غزة انتصرت لكن ما زال دلو الركام في عملية خنق الرقاب
- عن غزة وجيش المفاجيع بقيادة نانسي واحلام ووائل كفوري
- في غزه الوقت من دم
- التنسيق الأمني وبنطلون الفيزون
- ابو مازن في غرفة مغلقة والستائر سوداء مسدلة
- الجريمة والعقاب
- يهوشوع بن نون يجلس في حضن المهندس الفلسطيني..!
- امريكا الأمير ونحن حذاء السندريلا
- تعالوا نسافر بلا عودة..!!
- -غندرة مشي الفدائي غندرة-..!!
- حملة -اخبر ابنك- امام حملة -أنجب ابنك- رغم القضبان
- سلوى + سعاد = الرجاء اصمتا..!


المزيد.....




- بعد تصريحات متضاربة لمبعوث ترامب.. إيران: تخصيب اليورانيوم - ...
- بغداد تستدعي السفير اللبناني.. فماذا يجري بين البلدين وما عل ...
- الجيش الإسرائيلي يُباشر إجراءات تأديبية ضد أطباء احتياط دعوا ...
- قبيل وصوله طهران- غروسي: إيران ليست بعيدة عن القنبلة النووية ...
- حزب الله يحذر.. معادلة ردع إسرائيل قائمة
- الخارجية الأمريكية تغلق مركز مكافحة المعلومات ضد روسيا ودول ...
- رغم الضغوط الأوروبية… رئيس صربيا يؤكد عزمه على زيارة موسكو ل ...
- البرهان يتسلم رسالة من السيسي ودعوة لزيارة القاهرة
- كيف تنتهك الاقتحامات الاستيطانية للأقصى القانون الدولي؟
- حرائق غامضة في الأصابعة الليبية تثير حزن وهلع الليبيين


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - الاقي زيك فين يا علي