عبدالجواد سيد
كاتب مصرى
(Abdelgawad Sayed)
الحوار المتمدن-العدد: 5331 - 2016 / 11 / 2 - 09:59
المحور:
الادب والفن
مصانع الإرهاب - مقتطفات من السيرة الذاتية
لقد أكدت كل الأحداث التى شاركت فيها بعد ذلك تلك الحقيقة الراكدة فى اللاوعى ، ففى نهاية سنة 1977م وقبل تخرجى بنحو عام ، وقع بكلية الآداب حادث عرضى أعاد شهيتى إلى المشاركة فى الأحداث السياسية مرة أخرى . كانت الجماعات الإسلامية حديثة الظهور فى سنوات الدراسة الأولى ، قد أصبحت ظاهرة شديدة الوضوح الآن ، وتنامت ، وجعلت منها كتابات سيد قطب والمودودى مزيجاً من العنف والقسوة ، ومن الجامعات المصرية ، مصانعاً للإرهاب ، وليس أماكن لتلقى العلم والدراسة ، ومع ذلك فقد كان تيار اليسار ، مازال هو التيار المسيطر بين الطلاب ، لكنه كان يقاتل معاركه الأخيرة . وحدث فى أحد الأيام أن تشاجر طالب يسارى مع أحد هؤلاء وتبادلا الشتائم واللكمات، فما كان من طالب الجماعة الإسلامية إلا أن أسرع بالإستنجاد بزملائه فى الكليات الأخرى، وخاصة فى الطب والهندسة، مصنعى الإرهاب الرئيسين ، وعادوا جميعاً بأعداد غفيرة وأخذوا فى الضرب والتكسير العشوائى فى الطلاب ، وفى منشآت الكلية على السواء، فأصابوا كثيراً من الطلاب بأذى كما حطموا مكاتب شئون الطلبة تحطيماً تاماً ، دون أن يقوى أحد على مواجهتهم، فلم يكن نظام الحرس الجامعى معمولاً به آنذاك، كما أن الشرطة التى تم الإستنجاد بها قد تقاعست عن الحضور لأسباب غير مفهومة.
كان الحدث بسيطاً بالنسبة لما إقترفته تلك الجماعات بعد ذلك من إرهاب، لكنه كان حدثاً كبيراً بالنسبة لمقاييس ذلك الزمان، فقد كان مازال للحرم الجامعى إحترامه بين الطلاب. وبناء على ماحدث من عدوان وعلى تقاعس الشرطة عن الحضور قرر الطلبة اليساريون القيام بمظاهرة داخل حرم الكلية فى اليوم التالى مباشرة ، مع تعليق مجلات الحائط المنددة بهذا العدوان ، وكانت تلك هى وسائل التعبير المتعارف عليها فى ذلك الزمن، فلم تكن وسائل التواصل الإجتماعى الإليكترونية التى نمتلكها الآن قد عًرفت بعد، فماكان منى إلا أن قررت الإشتراك. عدت إلى المنزل وإشتريت لوح ورق مقوى كبير كان يستخدم لكتابة مجلات الحائط آنذاك ، وكذلك قلم فولمستر، وكتبت مقال بعنوان(الإرهاب لن يجعلنا مؤمنين) وقمت فى صباح اليوم التالى بتعليقه على أحد جدران الكلية. لاقى المقال إستحسان كثير من الطلاب، وعدت فى المساء سعيداً بتلك المشاركة المتواضعة فى مواجهة الإرهاب، وبعودتى إلى المشاركة السياسية بعد هذا الغياب الطويل ، لكننى فوجئت عندما ذهبت إلى الكلية فى اليوم التالى بعدم وجود المجلة فى مكانها، وعندما إستفسرت عن السبب أخبرنى بعض الطلاب أننى سأجدها فى مكتب رئيس إتحاد الطلبة، وعندما ذهبت إلى هناك لأستفسر عن سبب نزع المجلة قال لى رئيس الإتحاد، أن الموضوع قد تم تسويته وتم نزع جميع المجلات، ثم توجه إلى أحد أركان المكتب ، وإلتقط مجلتى وأعطاها لى بإبتسامة إعتذار؟
#عبدالجواد_سيد (هاشتاغ)
Abdelgawad_Sayed#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟