أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميشيل زهرة - صحوة متأخرة ..!!














المزيد.....


صحوة متأخرة ..!!


ميشيل زهرة

الحوار المتمدن-العدد: 5330 - 2016 / 11 / 1 - 13:33
المحور: الادب والفن
    



أكبر معمر في آل ( الساموك ) لايتذكر متى جاء هذا الرجل العجوز ( الأعمى ) إلى الدارة الكبيرة الضاربة في القدم ..!!
ذلك العجوز المختلف في اللون ، و طريقة التفكير ، و اللباس ، و الشكل ..لا يشبه أحدا من كل الصور المعلقة على جدار المضافة الكبيرة لأجداد العائلة .!
هو شيخ أعمى..لا أحد يتذكر إذا كان أعمى قبل مجيئه إلى الدارة ، أو بعد ( فتحه ) لباب الدار الكبير لآل الساموك دون استئذان ..!! و جلوسه تحت شباك المضافة الكبيرة.. و لم يبرح مكانه منذ ذاك التاريخ الذي جاء فيه . يرتدي معطفا أشبه بمعاطف العسكر ( العصمنلي ) الذين رحلوا من دارة آل الساموك منذ زمن بعيد . و لا أحد من بيت الساموك كانت تعنيه العلاقة الحميمة لقائد الحامية العصمنلية مع العجوز ، المطلق للحيته الرهيبة كمكنسة الجدة التي تكنس بها روث الحيوانات في الاصطبل المكتظ بالدواب على اختلاف أنواعها ..!! شعره طويل بشكل ملحوظ ..يُجدّله أحيانا ، بأصابعه طويلة الأظافر ، و السوداء من القذارة و قلة الاغتسال ..! كل ما يملكه ، في جيوبه ، حين جاء ، بعض أوراق صفراء ، قيل أنها ( حكمته ) التي ترصد الجن ، و تجتث شأفتها ..! و قلم ( كوبيا ) أزرق يغطمسه في ريقه عندما يكتب ، بطريقة عمياء ، تميمة لامراة ، أو لطفل ، أو لرجل ضد مرضه ، أو للزواج من أنثى لا تريده . لذلك كان لون شفتيه ، دائما ، أزرق بلون الحبر ..! و الغريب أنه وضع في عقل آل الساموك فكرة : إنه يُحاصر الجن في زجاجة ليخنقها ، مانعا إياها من الخروج ، لكل طفل يولد في بيت الساموك ..! حتى أن الأطفال أعطوه قداسة كآبائهم و أجدادهم ..! فراحو يقبلون يديه المتسختين ، و الجافتين ، كاغصان الشجر اليابس ..! و قد أدمنوا رائحته القذرة التي لا يستطيع من يتعرف عليه ، لتوه ، تقبلها .

****
في الحرب السورية الرهيبة طور تمائمه ، و راح يكتب تمائما جديدة للمتحاربين ( ضد الرصاص ) ..!! دون أن يسمح لأحد الاقتراب من قداسته أثناء الكتابة ، تحت طائلة التهديد بالعمى ، لمن يشعر به أنه يتجسس على الخطوط السرّية المدونة ، بالحبر ( الكوبيا ) على ورق التميمة . لكن ذلك الخوف الرهيب الذي زرعه العجوز الأعمى ، في نفوس آل الساموك ، و الذي سانده فيه ، عن إيمان ، كل آل الساموك الكبار في السن . لم يمنع فتى جموحا ، كان قد عمل تميمة عند العجوز ضد الرصاص ، و أصيب بعدها بعدة طلقات ، و كاد يموت ..! من أن يتجسس على الخطين المتوازيين الذين لا يلتقيان ، الذين يرسمهما الأعمى ، بشبه مسطرة من خشب ، على الورق المتسخ من يديه ، و لحيته الشعثاء المتسخة ايضا ..!
عاد الفتى يوما من المعركة ضد الأعداء من أقربائه من بيت الساموك ، و قد قدحت في ذهنه مزحة جادة ، قد تزعج كل عجائز العائلة ..! لكنه برر لنفسه ذلك الفعل ، في زحمة الموت المخيّم فوق دارة آل الساموك كلها ، و التي امتلأت مقبرتها بالقتلى ..! و أمام أطفال العائلة كلهم ..قال مخاطبا العجوز الأعمى :
_ أيها الجد المقدس ..!!! لقد و ضعت تميمتك على صدري ، و هي التي حمتني من الموت طيلة هذه الحرب المجنونة .. و ها أني أعود من المعركة ، و قد قتلت العديد من آل الساموك كرمى لعينيك..! و لكن طلقة واحدة لم تدخل جسدي ..! رغم أني كنت أسمع الطلقات ، من آل الساموك الآخرين ، تئز قرب أذني ..و ها أني أحمل بندقيتي ، و هي معبأة بثلاثين طلقة ، و سأعلق في عنقك التميمة التي كتبتها لي ..و سأطلق الرصاص عليك ، لأؤكد لك ، و لكل الحاضرين ، عظمة حكمتك ، و تمائمك المقدسة ..!! فما رأيك أيها الجد الجليل ..؟؟
**
لأول مرة يسمع أطفال آل الساموك المجتمعين حول الحدث ، و قد أخذتهم الشفقة على العجوز ، أن العجوز يتكلم ..و يصرخ بملء فمه ، و يخلع معطفه عن جسمه ، و يخرج كل أوراق حكمته ليبتلعها ، دون مضغ ، بهستيرية أرعبت الأولاد ..! و خلخلت مشاعرهم تجاه العجوز الأعمى ، الذي كان مرددا ، و متوسلا ، برجاء في وجه الفتى الجامح ، ألا يطلق النار عليه ..!!!!

ملاحظة : الساموك في الآرامية .. هو العمود ، الوحيد ، الذي يحمل سقف البيت ..!!!



#ميشيل_زهرة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المنافقون .!
- حوار الآلهة ..!
- أبو خليل ..!
- صانع العاهرات ..!
- المعبد الأول ..!!
- الاسطبل ..!
- الشموع ..!!
- الأنا ، و النحن ، و الشخصية .!
- الزيف الإنساني ..!
- أم رمضان و ساكو ..!
- الخبر الذي يهز البشرية الآن ..!
- النثر ، و الشعر ..!
- شطحة خيال ..!
- تهافت الأمراء ..!
- أنا المكتوم بلا انتماء ..!
- السيدة الغامضة ..!
- الصورة ..!
- قراءة في رواية الشرنقة و الفراشة للروائي محمد زهرة ، للدكتور ...
- عبدو على تخوم المستحيل ..!
- داعش ، ربيع العرب ..!


المزيد.....




- مسجد إيفري كوركورون الكبير.. أحد معالم التراث الثقافي الوطني ...
- من دون زي مدرسي ولا كتب.. طلاب غزة يعودون لمدارسهم المدمرة
- فنان مصري يتصدر الترند ببرنامج مميز في رمضان
- مجلس أمناء المتحف الوطني العماني يناقش إنشاء فرع لمتحف الإرم ...
- هوليوود تجتاح سباقات فورمولا1.. وهاميلتون يكشف عن مشاهد -غير ...
- ميغان ماركل تثير اشمئزاز المشاهدين بخطأ فادح في المطبخ: -هذا ...
- بالألوان الزاهية وعلى أنغام الموسيقى.. الآلاف يحتفلون في كات ...
- تنوع ثقافي وإبداعي في مكان واحد.. افتتاح الأسبوع الرابع لموض ...
- “معاوية” يكشف عن الهشاشة الفكرية والسياسية للطائفيين في العر ...
- ترجمة جديدة لـ-الردع الاستباقي-: العدو يضرب في دمشق


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميشيل زهرة - صحوة متأخرة ..!!