الشعر العربي بين التطور والتطور التدريجي

عبد القادر زين الدين

الحوار المتمدن-العدد: 5320 - 2016 / 10 / 21 - 02:03
المحور: الادب والفن
    

ورد في كتاب ظاهرة الشعر الحديث للمجاطي ما يلي:
" إن الشاعرالعربي لم يكن يتمتع من الحرية بالقدر المناسب، ذلك أن النقد العربي قد ولد بين يدي علماء اللغة، وأن هؤلاء كانوا أميل إلى تقديس الشعر الجاهلي، وأن المحاولات التجديدية التي اضطلع بها الشعراء في العصر العباسي، لم تسلم من التأثر بتشدد النقد المحافظ "

انطلق من هذا المقطع ومن قراءتك للمؤلف واكتب موضوعا تتناول فيه العوامل المتحكمة في تطور الشعر العربي

الموضوع:

يتناول الناقد المغربي " أحمد المجاطي " في مؤلفه " ظاهرة الشعر الحديث " قضايا أدبية ونقدية مختلفة تدور في مجملها حول تحولات الشعر العربي الحديث مضمونا وشكلا، وقبل الخوض في هذه التحولات عمل الناقد على التمهيد لذلك بتتبع سيرورة تطور الشعر العربي خلال مراحله التاريخية وبيان أسباب ثبات البنية التقليدية للقصيدة خلال قرون طويلة.
إن تتبع المجاطي لحركة تطور لشعر العربي قد مكنه من استخلاص كون حدوث تحولات فنية مرهون بتحقق مجموعة من الشروط من أهمها:
أ ـ أن يسبق التحول باحتكاك فكري مع الثقافات والآداب الأجنبية.
ب ـ أن يتوفر للشعر قدر مناسب من الحرية، يتيح لهم أن يعبروا عن تجاربهم.
وبناء على تحقق هذين الشرطين بشكل نسبي في بعض العصور الأدبية فقد لحقت القصيدة العربية بعض مظاهر التطور:
ففي العصر العباسي ظهرت حركة الشعراء المحدثين مع أبي نواس والمتنبي وأبي تمام وأبي العلاء، وهي حركة شعرية تجديدية تأثرت بالتحول الثقافي والاجتماعي الكبير الذي واكب توسع الدولة الإسلامية ودخول أمم غير عربية تحت لوائها، فأحدثت تحولات مهمة في القصيدة في مقدمتها النزوع إلى تنميق اللغة الشعرية بأساليب البديع المختلفة.
وفي الأندلس التي تفاعلت فيها عدة قوميات وأديان فقد كانت فضاء لنشأة فن الموشحات المختلف عن القصيدة التقليدية من حيث شكله الهندسي المتميز، و خروجه عن النظام القديم للأوزان والقوافي.
أما في العصر الحديث فقد بدأ مسار التطور مع التيارات الشعرية الرومانسية التي اتسمت بتفاعلها الملحوظ مع الثقافة الغربية، وتميز منتوجها الشعري بمحاولة الخروج بالشعر من إطار التقليد من خلال ربطه بالتجربة الذاتية شكلا ومضمونا.
إن مختلف هذه التحولات تعتبر ضئيلة بالقياس إلى تاريخ الشعر العربي الذي يمتد لقرون كثيرة، وذلك راجع حسب الناقد المجاطي إلى النقد المحافظ الذي ظل يفرض قيوده وقواعده على المبدعين، مقدسا النموذج الفني الذي نشأ في العصر الجاهلي ومحاربا لكل محاولة تجديدية. إلى أن وصلت المرحلة الحاسمة التي عجلت بانهيار وتراجع الوجود العربي التقليدي بعد أن تم تحميله مسؤولة المآل الذي وصل إليه الوضع العربي عقب نكبة فلسطين، وفسحت المجال لنشأة جيل من الشعراء المتمردين على التقاليد الفنية والطامحين إلى إنتاج أنماط جديدة تتوافق مع واقع الغربة والألم الذي أصبحوا يعيشون في ظله.
وعموما فقد جعل الناقد المجاطي من شرط الحرية العامل الحاسم في حدوث أي تطور نوعي في الشعر، مما حتم انتظار حدوث هزة عنيفة في الوجدان العربي خلال منتصف القرن العشرين لكي يتمكن الإبداع من التخلص من قيود الوجود العربي التقليدي.

#عبد_القادر_زين_الدين (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات