|
تهنئة من محيي الدين بن العربي الى الاخوة المسيحيين
خلدون جاويد
الحوار المتمدن-العدد: 1413 - 2005 / 12 / 28 - 10:43
المحور:
الادب والفن
مع أسمى التبريكات بمناسبة اعياد الميلاد ورأس السنة ، ادناه هذا الاقتباس الشعري للمحبة الاسلامية والمسيحية والانسانية جمعاء وهو أندر وأرق من باقات الجوري والفل والسوسن والجنبد والياسمين ولا شبيه له في كل مخازن الورد على عرض الكرة الارضية ولا في أكمام العطر ولاأعشاش الغرام والدفء سوى ما قاله سيدي جليل الاجلاء محمد بن علي بن محمد بن احمد بن عبد الله الطائي الحاتمي المرسي المعروف بابن عربي محيي الدين الشيخ الأكبر الصوفي الشهير :
لقد صار قلبي قابلاً كلّ َ صورة ٍ فمرعى لغزلان ٍ ، ودير ٍ لرهبان ِ وبيت ٍ لأوثان ٍ وكعبة طائف ٍ وألواح توراة ٍ ومصحف قرآن ِ أدين بدين الحب أنى توجهت ْ ركائبه ، فالحب ديني وايماني
لقد علق الاستاذ الشيخ محمد جواد مغنية حول هذه الابيات في سطور ( انظر ص188 من كتاب معالم الفلسفة الاسلامية ) قائلا :" وقد وجد بين المتصوفين فئة حاولت التوفيق بين التصوف والظواهر الدينية ، كابن عربي بأن دين الاسلام وغيره من الاديان أمر بالحب والاخاء ، والحب يستدعي رفع الحواجز بين الناس ، كل الناس ، دون فرق بين المسلم والمسيحي ، والوثني وغيره ، وأعلن ابن العربي عن ذلك في هذا الرأي " ان الدواء البلسم لشعبي هو ليس فقط حفظ هذه الثلاث أبيات من الشعر بل تطبيق روح النظرة الفلسفية الكامنة في النص . كما ان الاكتفاء بالنص والانكفاء به يذكرنا بمقولة شكسبير على لسان الامير هاملت " كلمات ... كلمات ... كلمات .. " . والسؤآل لمن تقام صلوات بجانبها تحرق كنائس ولمن تطلق ادعية ، وتهجر عوائل ، ولمن هناك انبياء ورسل يدعون الى المجد لله في العلى بينما يُنزل الخلق بالخلق الى الحضيض ، ولمن هناك دعوة الى السلام على الارض بينما تصلى الأرض العراقية وتدبغ بالسعير كل صباح ، ولمن هناك نداء للمحبة بين الناس وهناك كره مقيت وسفك وتزوير واغتيال واغتياب وسرقات . أين الحب اذا لم يلتزم الجيل لا بالكتب السماوية ولا بالانبياء ولا بالايديولوجيات الوضعية . ان الواقع البشري يتدنى عن مستويات مملكة الحيوان ، والدوافع هي الانانية المقيتة . ان - الاحساس بالغيرية - على حد قول الفيلسوف الفرنسي والعالمي العظيم جان بول سارتر ، قد ضعفت مناسيبه . علينا ان نتشبث - اضافة الى ضرورة التطبيق -بالقول : المجد لله بالعلى ، وبين الناس المحبة وعلى الارض السلام . الانسان اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق ... علي ابن ابي طالب ( ع ) . بكلمة النبي محمد (ص ) : " لا تغضب " . وبالنص القرآني الكريم : " ولا تقتلوا انفسكم ان الله كان بكم رحيما .." ان قاتلي انفسهم وهم يستهترون بالذات الانسانية الكبرى انما يقترفون خطيئة وهم يسفحون دمهم ودم الناس ويحرقون انفسهم وحياة الناس . وان دفع الذات الى قتل الذات جريمة تتقاطع مع لوحة الحب الشعري والشاعري للعالَم الناجي بالحوار والتضافر الاجتماعي ، والى ان نطبق انسانيتنا على انساننا تبقى شعلة محيي الدين العربي ساهرة أمام عتبات الجوامع والكنائس والاديرة وأمام كل مقدسات بلدي الكريم وأمام البشرية جمعاء أنها أي الشعلة هي اسمى نص كتبه ارقى متصوف في وهج اسنى فلسفة ولنتكرم باعادة التأمل فيه من اجل حفظه فهو أحدى تمائم الطريق :
لقد صار قلبي قابلاً كلّ َ صورة ٍ فمرعى لغزلان ٍ ، ودير ٍ لرهبان ِ وبيت ٍ لأوثان ٍ وكعبة طائف ٍ وألواح توراة ٍ ومصحف قرآن ِ أدين بدين الحب أنى توجهت ْ ركائبه ، فالحب ديني وايماني .
كلام خارج النص ------------------------------------------ *- القول والفعل في حياة محيي الدين العربي انه عندما جاءه عابر سبيل وطرق بابه وشكا له انه لايملك سكنا ، استضافه محيي الدين لا لثلاث ايام او ثلاث سنين بل قدم له البيت هدية وغادر فرحا وسعيدا بانه آوى انسانا ! نحن الدبقون التجار الانانيون القميئون الهارعون وراء المناصب ، الضبابيون الذبابيون مصاصو الدماء ، مزورو العملة والجوازات بائعو البشر سماسرة الحروب غشاشو الانتخابات وذوي العاهات والاوغاد نحن على هامش الدنيا تافهون ،لا نعرف مغزى الكلام المقدس ولا الموقف الجميل . ان مقولة المسيح العظيم : قريبي من يحتاجني والتي تعني ان اخي هو الشخص المحتاج وابن عمي هو المستحق للمساعدة وابن اختي هو الكسير والمظلوم والمحروم حتى لو كان في الصين ! ... ان قرابة الدم هي ليست بمصاف حب بني الانسان للانسان .
*- قال نزار قباني رحمه الله : " تخاصمت قبيلتان لاستقبال ضيف فكسروا الرماح والنصال والسيوف لم يعلموا بأن ذاك الضيف جاء ليستعير سيف . "
هذا اذن حالنا ... نقاتل بعضنا البعض وربما سنغوص في مستنقع الدم من اجل منصة وكرسي كلاهما من تراب . ولكن كلما نبضت في قلوبنا رحمة عدنا الى محيي الدين ابن العربي !الى سِفر العشق والى ضرورة جمع الابناء في بيت الرأفة وعلى طاولة مستديرة لا يفسد استدارتها فاسد ، الاّ الدكتاتورية والعنصرية والطائفية ونزوع الذات الى الملك والجاه والتصدر .. *- اجمل التهاني مرة اخرى الى كل العراقيين في مناسباتهم الدينية واعراسهم الوطنية على مدار العام ، والى كل ابناء البشرية شمعة ٌوشمعدانٌ في رحاب وطن حر وشعب سعيد! .
#خلدون_جاويد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أكاليل ذكرى في محبة السياب وآخرين
-
الفيلسوف ابن سينا يهدي العراقيين وردة !
-
رسالة مستعجلة الى لينين
-
ثوري على الارهاب ثوري
-
رسائل الى ميت 4 - رسائل في السياسة والأدب والحياة - الى الشه
...
-
رسائل الى ميت 3 - رسائل في السياسة والأدب والحياة- الى الشهي
...
-
رسائل الى ميت 2- رسائل في السياسة والأدب والحياة - الى الشهي
...
-
رسائل الى ميت 1 - رسائل في السياسة والأدب والحياة
-
تجربة حب وسفر وقصائد
-
زهرة الى الفقيد الشيوعي أنور طه
-
سحقا للظلا ميّن
-
- غصن غريب مطعم بشجرة غريبة -
-
الجواهري وأنا .. من يلتحق بنا ؟
-
الخارج محطة لجوء ومنهل ابداع
-
احتفاليتي بالجواهري الكبير ... نموذج رقم 7
-
احتفاليتي بالجواهري الكبير نموذج رقم 6 ..... الجواهري في ودا
...
-
الجواهري في ذكراه
-
بنو ثعلبة وجون شتاينبك
-
آهات عراقية من الدانمارك ...
-
رياض البكري أقوى من الموت وأعلى من أعواد المشانق .
المزيد.....
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|