|
استراتيجية المثقف والاعلامي المستقل والدور الوسطي
عبد الخالق الفلاح
الحوار المتمدن-العدد: 5310 - 2016 / 10 / 10 - 00:20
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
استراتيجية المثقف والاعلامي المستقل والدور الوسطي نعيش اليوم في عالم مترابط الأجزاء أثبتت فيه الثقافة قدرتها على تحويل المجتمعات. فالتجليات المتنوعة للثقافة تثري حياتنا اليومية بطرائق لا تُعد ولا تُحصى. وفي حين يمثل التراث مصدراً للهوية والتماسك في المجتمعات التي تواجه تحولات مربكة وتعاني من انعدام الاستقرار حيث يسهم الإبداع في بناء مجتمعات منفتحة وجامعة وتعددية. ويساعد كل من التراث والإبداع على إرساء الأسس اللازمة لنشوء مجتمعات معرفة مفعمة بالحياة تزخر بأوجه الابتكار والازدهار .أٌصّر دوما على موقفي من اعتبار ما يحصل في العراق لا يزيد عن كونه فوضى اجتاحت المجتمع وأدخلته في مسار عنف دموي لا مثيل له بعيد عن جمالية ثقافة فسيفسائيته وهو من انتاج التغيير الغير المنظم ولا المدروس وافتقار القادة للحوكمة. التغييرله مفهومه وظروفه وله مقومات سليمة ونظريات صحيحة وركائزقوية ايضاً يمكن التأسيس لها عند القادة الحريصين على بناء الدول، في حين ما حصل في العراق هو تحصيل حاصل لاحتقان طائفي اندلع فجأة بدون معرفة المجتمع ومكوناته واخطاء القوات العسكرية من الدول المختلفة في التعامل مع الوضع التي دخلت دون منهجية مخططة لادارة البلد. وبعد انهيارمعظم المؤسسات الامنية حيث ركب البعض قطارها واتجه الشارع الى فوضى عارمة وخلق رجال بمسمات مختلفة منها باسم العلمانية وأحيانا باسم الحرية ومن لبس لباس الدين يختفي ورائها ولم يكن مؤهلاً لها واخذ يهتف للإنعتاق وشعارات الحرية والديمقراطية احياً أخرى تحت مظلة العائلة والعشيرة والمناطقية . كما جوبهت الطروحات النظرية المتعلقة بالممارسات الديمقراطية التي أسست معظمها في الغرب بتحديات وانتقادات كبيرة في حال بدء الأخذ بها على ارض الواقع في مجتمعات غير تلك التي انطلقت منها ، وعلى رأسها مجتمعاتنا.. لدوافع سياسية واجتماعية ودينية تحت حماية المسؤولين الحكوميين ، والابتعاد عن البحث في حلول الوسط بين النظرية والتطبيق لتلك التحولات ،مع الأخذ بنموذج محدد للدرس والمقاربة ،إلا انها مع الاسف بقت مفقودة بين السياسيين مقطوعة الاوداج وبعيدة المنال. الوضع يستدعي وضع تحديد للمفاهيم المرتبطة بمتغيرات الحالة وعرضها للنقاش والتي غابت مفهومها عند الساسة .دور الاعلام شكلا هو ايصال المعلومات والانباء الى المتلقي.. ومضمونا هو طرح ما يحدث ونقل الحقائق كما هي.. والاعلان روحاً ومضمونا ايضا هو التجرد من الميول وحياد ونقل للوقائع والاحداث مجردة دون تعليق او زيادة ودون تغرير بالمتلقي حتى لو لم يكن نقل الحدث مرضيا للمواطن او المسؤول فالاعلام ليس المتسبب في وقوع حدث بل هو ناقل فقط له وليس سببا فيه ولان المتلقى يريد الحقيقة ولو كانت مرة كان لابد للاعلام ان يكون دواءاً اي انه ينقل الحدث الحزين والحدث المفرح دون ان يتدخل ناقله في تلميعه لارضاء المتلقي ،هذا هو الاعلام الحقيقي الناضج كما هو يدرس وليس التلميع للمتلقي بمايرضيه ، هنا اذاً نحن مقتنعون بدور الاعلام حسب التعريف اعلاه. وبعكسه هو تهرج في سياق الادراك الغير موضوعي . وإلإ في ظل هذه الاجواء المتصارعة سياساً والحاصلة يتم تشويه الحقائق وتقلب الوقائع أي بمعنى أخر تشويه كتابة الاحداث بواسطة كتاب ومثقفين انقسموا في ولائهم لتيارات متناحرة بعيداً عن مفهوم الوطنية ، فغابت الموضوعية الى تيار المجاملة والتحليل الغيرالمحايد عنهم والابتعاد عن الدقة ايضاً. ان الهدف الأسمى للمثقف والثقافة عموما هو قراءة الواقع وإعادة بناء وتركيب نظريات تساعد في وضع تصورات مجتمع الغد والتنبؤ بما سيحصل مستقبلا في ظل مجريات الأحداث. فالكثير من المثقفين في المجتمع للأسف ، كل ما يقومون به هو التمجيد والتصفيق لهذا الشخص أو تلك الجماعة أو التشويه بهذا الشخص أو هتك الأفكار دون مراعاة واحترام دوره الأساسي والإنساني الذي يهدف إلى خدمة المجتمع بكل أطيافه أكثر من الدفاع عن أشخاص ومذاهب وأحزاب وجماعات عرقية وقبلية . فمعظم الكتابات تورطت في لعبة السياسة والسلطة مقابل مبالغ وحسب القيمة دون معايير حقيقية ، كل السلطات والأنظمة كانت ولا زالت تريد تأكيد وجودها في الساحة استنادا إلى شرعية مبتدعة ما انزل بها من سلطان أو إلى قراءة رسمتها وفق معطيات خاصة. لذلك يصعب وجود دراسات غير خاضعة لتوجيهات السلطة ومصالحها. أحيانا يتواطأ المثقف مع السلطة وأحيانا لا تسمح له بقول الحقيقة والكشف عن المسكوت عنه، فيمارس البعض الاخر نفاقه السياسي ويساهم في تشويه الحقيقة والأحداث التاريخية نتيجة انغراقه بعلاقته الوطيدة مع السلطة العليا فتجد الكاتب او المثقف نفسه مندمجا في إطار أيديولوجيا سلطوية سائدة تجعل منه أداة لتمرير خطابها المشوش للحقيقة، يخدم مصلحة النخبة الحاكمة، عوض أن يقوم بدوره الرئيسي في تنوير المجتمع والشاهد عليه فهو يقوم بنشر أفكار السلطة والدفاع عنها بقصد أو بدون قصد. هذا ما يجعل البعض أحيانا مرهونا بالدفاع عن سياسات الحكومات ونشر الافكار القاسية التي ترمي للتخويف والترهيب، مما يجعل فكره ونظرياته يغلب عليها طابع الهيمنة الماضية وينفصل تلقائيا عن فهم المستقبل ولا يعطي أي أهمية للإعتبارات المجتمعية .لذلك يستوجب التغيير بطريقة حضارية تؤدي الى خلق ميلاد جديد في المجتمع سياسيا واجتماعيا وثقافيا. فكيف يمكن أن نثق في هؤلاء وكيف يمكن أن نثق فيما يدونون للتاريخ والأجيال القادمة؟ فقد عاش معظمهم يدافع عن الأنظمة في حين من الضرورة الحفاظ على المقومات والمكتسبات من أجل سلامة وأمن الفرد والمجتمع . مثل هؤلاء مكتوب عليهم بأيديولوجيا النفاق، يصعب عليهم الإنسلاخ من معطفهم السياسي السلطوي ومصالحهم الضيقة ليكونوا فاعلين رئيسيين بمنظور موضوعي للواقع الإجتماعي المعاش لغرض تحقيق التغيير المنشود الذي يتطلع إليه المجتمع. إن الدور المنتظر في المثقف بناء القيم المساندة للتطوير التي تساعد المجتمع والأفراد في تحقيق الإصلاح السياسي وصولا إلى تحول اساسي واسع يمهد له خطوات فاعلة لرفع مختلف آثار وأشكال الهيمنة الحكومية - المباشرة و غير المباشرة- عن وسائله, وضمان حرية ممارسة الإعلاميين لمهامهم دون تدخل السلطة ، لما في ذلك من أهمية في دعم النظام الوطني ، والتجسيد الواضح لحرية التعبير، بوصفها الدعامة القوية للشفافية ، عبر إصلاح التشريعات الإعلامية ذاتها, التي تتولى تنظيم وممارسة النشاط الإعلامي ، وتضع المعايير التي تحكمه ،مثل نقابة الصحفيين وشبكة الاعلام ووزارة الثقافة على ان تكون مهنية في عملها وفي حينها تكون مسؤولة لايجاد الحلول الوسطية في جميع الإشكاليات التي تواجه الطروحات وايجاد الحلول ومشاريع الإصلاح الممكنة عبر وضع برامج واستراتيجيات إعلامية, يكون للنخب الأكاديمية والإعلامية والسياسية والثقافية المستقلة دورٌ رائدٌ فيه. عبد الخالق الفلاح - كاتب واعلامي
#عبد_الخالق_الفلاح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تصريحات اردوغان طغيان عثماني
-
اثراء الفكر و الارتقاء المعرفي
-
غزارة الايمان في مواجهة نزعة التشرذم
-
يشدنا الحزن ، يؤلمنا الجرح ، ليكن هدفنا واحد
-
تركيا والسياسات الكارثية التي تصر عليها
-
ايديولوجيات العنف والخداع الامريكية
-
نحن الفيليين هل من خيمة نلملم جراحنا فيها...؟
-
لا لطِبال الطبالين الجوفاء
-
فقدان القيادة الحقيقية والرؤية اللازمة
-
ضرب الله مثلاً كلمةً طيبةً
-
عالمٌ يجبُ ان يعاد النظرَ به
-
الانْكِفاء للسعودية انثناء على حساب الوطن
-
ظل البيت لمطيره وطارت بيه فرد
-
مظالم الفيليون ... قانون المساءلة لا تطفئ نيرانهم
-
تركيا بين اليوم والرؤية المستقبلية
-
بين الثرى والثريا الحلم تبدد
-
تقوية الوعي الاجتماعي لصالح دولة المواطنة
-
رفض الاصلاح يعني... بقاء دوامة الفساد
المزيد.....
-
-نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح
...
-
الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف
...
-
حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف
...
-
محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
-
لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
-
عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|