فاطمة البرجي
الحوار المتمدن-العدد: 5309 - 2016 / 10 / 9 - 14:52
المحور:
الادب والفن
صباح الخير يا صديقي,
يا محرر صفحة الوفيات..
تفضّل
وأشرب معي قهوة الصباح...
لا تخف
الحياة ليست هنا. قربي...
انها أبعد ما تكون عن هذا المكان!!
*****
مع أن الشقة جديدة
والفناجين جديدة
والصحون تلمع والممسحة بيضاء..
مع أن الشرفة سعيدة جداً بقدوم الصيف الذي لن يأتي هذا العام
ولا العام الذي سيليه
ولا الذي بعده..
لسبب بسيط: لا وجود لتلك الشرفة أصلاً...
*****
الفاكهة رخوة والسكين على الحافة...
الخبزة ما زالت هي نفسها
والجبنة نفسها
والشاي ماركة رأس الحصانين...
الاكتئاب هو نفسه
ومضادات الإكتئاب أيضاً..
كذلك المسكنات والمهدئات
دواء تفتيت الكوابيس
ومسحوق تلميع الأحلام..
حبوب للضحك.. حبوب للبكاء..
حبوب لندمٍ لا ينفع .. وأخرى للنسيان.
*****
وهكذا..
فالحياة أبعد ما تكون عن هذا المكان.
*****
أنظر هناك يا صديقي
يا حفار قبور أحبتي
يا صانع الأكاليل وغارس الزهور وراعي الفراشات
أنظر الى تلك التلة.. هناك
وراء الأفق..
أنظر جيداً فأنت لن تراها أبداً
لسبب بسيط جداً : لا وجود لتلك التلة على الإطلاق....
ليست خلف الأفق ولا قرب المخيلة
ليست هنا أو هناك..ولا في أي مكان آخر..
على اي حال, لنفترض أنها موجودة..
لو نظرت اليها جيداً ربما سترى خلفها
البحر والسفن
البنايات والشوارع والجسور وجذوع الأأشجار.
سترى البحار وهو يلوح لأصوات النوارس
وهي تبتعد..
أو ترى متسولاً يساوم على سيجارة,
زنجية علق شعرها المستعار بباب المصعد...
سترى عامل المصعد وخدم الغرف وعاملات التنظيف والمدير
وباب الفندق
سترى أيضاً آخر الشارع,
ربما ترى أيضاً أمهات وآباء ومعلمات وبوابة المدرسة..
سترى هناك التلاميذ وسائقي الحافلات ..
حافلات ضخمة سوف تقلهم واحداً.. واحداً.... ..
رحلة مدرسية في طرقات العدم.. *****
وهكذا,
كما ترى,
ما أن تظهر الحياة من بعيد,
حتى تختفي..
تظهر ثم تختفي..
هكذا..
فسبحان الوهم.. وقدرات العدم.
#فاطمة_البرجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟