أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حذام الودغيري - -هبات الجنّيّات - قصيدة نثرية ل شارل بودلير ( مترجمة من الفرنسية )














المزيد.....

-هبات الجنّيّات - قصيدة نثرية ل شارل بودلير ( مترجمة من الفرنسية )


حذام الودغيري
(Hadam Oudghiri)


الحوار المتمدن-العدد: 5309 - 2016 / 10 / 9 - 13:52
المحور: الادب والفن
    


هبات الجنّيات

اجتمعت الجنياتُ في حفل كبير، لتوزيع الهبات على المواليد الجدد الذين وصلوا إلى الحياة في الأربع وعشرين ساعة الأخيرة.
كانت أخواتُ القدر العتيقاتُ المزاجياتُ، وأمهاتُ البهجةِ الغريباتُ مختلفاتٍ فيما بينهن: بعضُهن عابسات كئيبات، وأخرياتٌ مرحات ماكرات، بعضهن شابات، لا يشخن، وأخرياتٌ عجائز منذ الأزل.
حضرَ الآباءُ الذين يؤمنون بالجنيّات ، وكلّ يحمل وليده بين ذراعيه.
كانت المواهبُ، والَملَكاتُ، والحظوُظ السعيدة والظروف القاهرةُ مُكوّمة أمام كرسيّ القضاء، كمثلِ جوائزَ فوق منصة في حفل توزيع الجوائز. مع الفرْق ِ أن الهباتِ، هنا، لم تكن مكافأةً لمجهودٍ ما، بل كانت هبةً لمن لم يعش بعد، هبةً من شأنها أن تقرّر له المصير، وتكون مصدرا للسعادة أو للشقاء.
كانت الجنّيات المسكيناتُ منهمكاتٍ تماماً، فحشدُ المُسْتَجْدين كبيرٌ، والعالم الوسيطُ ـ الواقعُ بينالله والإنسان ـ يخضع مثلنا لقوانين الزمن الرهيبة، ولذرّيّته اللامنتهية: الأيام والساعات والدقائق والثواني.
و في الحقيقة، كنّ مصعوقاتٍ كمثل وزراءَ في يوم اجتماع، أو كمثل موظفي بنك التسليف، في يوم عيد وطني تُمنحُ فيه الإعفاءات المجانية. وكانت نظراتهن إلى عقارب الساعة الجدارية بنفادِ صبرٍ تشبه نظرات القضاة البشر الذين لا يستطيعون ، وهم الجالسون منذ الصباح، ألاّ يحلموا بالعشاء مع أسرهم وبنعالهم الوثيرة.
ولمّا كان في العدالة الفوقيّة بعض التسرع والمصادفة، فلا نندهش أن يطرأ ذلك أحيانا في العدالة البشرية، وإلا كنّا أنفسنا قضاةً غيرَ عادلين.
وهكذا حدثت، هذا اليوم، هفواتٌ قد نعتبرها غريبةًً لو كانت الحصافة لا المزاجية ما يميّز الجنّيات.
فقد مِنِحَتِ القدرة ُ المغناطيسية ُعلى اجتذاب الثروة إلى وريث أوحد لأسرة بالغة الثراء، مسلوبٍ من أي ميل للإحسان، ومن أي رغبة في طيّبات الحياة الظاهرة، فسينتهي به الأمر إلى الارتباك الشديد بملاينيه.
وكذلك مُنح حب الجمال والمَلَكة الشعرية، إلى ابن مُعْوِزٍ، حجّارٍ كما يبدو من هيئته، غير قادر ـ بأية حال ـ أن يدعم مواهب ذريته البئيسة، ولا أن يلبي احتياجاتها.
نسيتُ أن أقول لكم إن التوزيع في هذه الحالات المهيبة، لا يقبل أي استئناف، ولا رفض أية هبة.
وقفتِ الجنيات جميعهن، ظانّاتٍٍ أن عملهن الشاق اكتمل، فلم تبق هدية ولا عطية تُرمى لهذا الحشد الآدمي. عندما نهض رجل شجاع ـ تاجر صغيرـ فيما أظن، وأمسك جنّية بِقربِه من ثوبها البخاريّ المتعدد الألوان، وصاح:
" يا سيدتي! نسيتُمونني! هناك أيضا صغيري! لم آتِ لأرجع بلا شيء"
كادت الجنّيةُ أن ترتبك ؛ فلم يتبقّ أي شيء. لكنها سرعان ما تذكرت قانونا شهيراً، قلّما يُطَبّقُ في العالم الفوقيّ الذي تسكنه آلهة غير محسوسة، صديقة للبشر و تضطرّ غالبا إلى مجاراتهم في أهوائهم ـ من قبيل الجنيّات والسِّلفات والسمندلات، وحوريات الماء والبحر ...ـ أعني القانون الذي يسمح للجنّيات، في حالة استنفاد الحصص، بهبة إضافية، استثنائية شرطَ امتلاك الخيال الكافي لخلقها توّا.
وهكذا، أجابتِ الجنّية الطيبة، برباطة جأش تليق بمكانتها: "إنني أمنحُ ابنكَ...أمنحُه...موهبة القبول! "
"لكن، كيف القَبول؟ القبول...؟ لماذا القَبول؟" سأل البقّال الصغيرُ بعنادٍ، ولا ريبَ أنه من جملة المجادلين الكثر الذين يعجزون عن الارتقاء إلى منطق العبث.
"لأنّ! لأنّ! " ردّت الجنّية حنِقةً وهي تدير ظهرها له؛ و فيما كانت تلتحق بموكب رفيقاتها قالت لهن: "كيف تجدن هذا الفرنسي التافه المغرور، الذي يريد أن يفهم كل شيء ويتجرّأ، بعدما فاز بأفضل نصيب لابنه، أن يعترض وأ ن يناقش ما لا يناقش؟"

Les dons des fées - Charles Baudelaire



#حذام_الودغيري (هاشتاغ)       Hadam_Oudghiri#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نصف كوكب في خصلات شعر شارل بودلير ( مترجمة من الفرنسية)
- إيثاكا قسطنطينوس كفافيس (مترجمة عن الإيطالية)
- الساعة قصيدة نثرية لشارل بودلير مترجمة من الفرنسية
- -نِعَمُ القمر- قصيدة نثرية لشارل بودلير مترجمة من الفرنسية
- نزهة في عالم يوسف زيدان الفكري والإبداعي
- الحبّ وترنيمة العذاب
- الفيسبوك: القارة الثامنة أم مرتع الأوهام؟
- مقالة عن رواية -عزازيل- للدكتور يوسف زيدان مترجمة من البرتغ ...
- مقالة عن رواية النبطى للدكتور يوسف زيدان (مترجمة من الإيطالي ...
- قراءة  في المجموعة القصصية  -حِلّ وتِرحال- للدكتور يوسف زيدا ...
- -عزازيل- يوسف زيدان ثلاث مقالات مترجمة عن الفرنسية
- قراءة في رائعة الدكتور يوسف زيدان -جُوَّنتنامو -
- مقالتان عن رواية - النبطي - ليوسف زيدان (ترجمة عن الإيطالية)
- كيف نكافح الغيرة أو الحسد (ترجمة من الفرنسية)
- الأخرويات (الإسخاتولوجيا) و تفكيك الجهاد من خلال -سبعة أماكن ...
- محاضرة حول- العلاقة بين الشعر والفن التشكيلي - في الملتقى ال ...
- من محاضرة الدكتور يوسف زيدان - تراثنا الروحي- بمركز دربة للت ...
- قراءة في -اللاهوت العربي وأصول العنف الديني - للدكتور يوسف ز ...
- قصيدة للأب فينتشينزو ريتشو (مترجمة عن الإيطالية)
- قصيدة للأم إيدموندو دي أميتشيس ( مترجمة عن الإيطالية)


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حذام الودغيري - -هبات الجنّيّات - قصيدة نثرية ل شارل بودلير ( مترجمة من الفرنسية )