|
حديث الخريف
ميساء البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 5308 - 2016 / 10 / 8 - 21:34
المحور:
الادب والفن
حديث الخريف أنتَ الخريف والخريف أنتَ فلا تحاول أن تخضرَّ كالربيع أو تمطر كالشتاء أو تحلِّق كالصيف؛ فالخريف يحلو بك، يزهر بك، من عينيك يهطل عنبًا قرمزيًا ولوزيًا يفترش الأرصفة والساحات، ثم يغدو أنشودة من لهب إن مالت عليه الجدائل الشقراء وقبلَّت منه الوجنات، ويبقى هو الخريف. تَزبِد وتَرغي وتُعربد قصائدك في أضيق أفق، ثم تمطر حروفًا من غضب، أركض أنا في الممرات الممنوعة من الصرف لألملم هذا الغضب قبل أن يشتعل، ومع ذلك تأتيني في يومٍ غير منتظر، تحمل إليَّ في قلبك زهرة فواحة في آنية من ورق. لا تقل "أحبك" فلقد أصبحت أكذوبة الشعراء! ولا تقل اختزلي المسافات بيننا، واقتطعي عقدين أو ثلاثة من هذا العمر الممتد على أرصفة الشقاء لنعود معًا إلى مقاعد الصبا فأحفر اسمك على كل أشجار الحيِّ القديم وما جاوره من الأحياء؛ فالخريف لا يليق به الكذب. أهديتني قطة تموء طِوال الوقت، لا أفهم حديث القطط أنا. أنا أكتب الشعر على جُدر الغرباء، لا يفهمون حديثي، نعم، ويمرون عنه مرور عابري السبيل بالأراضي الجرداء، لكنك أنتَ تفهمه وتدركه ويلامس شغاف روحك وقد يصيبك في مقتلٍ! وتصرُّ على أن مواء قطة بريِّة أكثر شاعرية من أحاديث العشاق. أدركت لاحقًا أنني لا أستطيع أن أسند الجدار الذي أسقطه القدر بكلتي يديّ وإن اجتمعتا، لكنني أستطيع أن أسند برعم زهرة هاجت عليه الريح بطرف إصبعي؛ فلماذا إذن أركض طِوال الوقت لأرسم الكحل في حدائق عينيك؟! مع ذلك فأنا أصبحت أحب مواء القطط البرية، وألمس شاعرية حديثها، وأصرُّ بكل ما أوتيت من عزم أن أسند بكفيِّ المتعبتين الجدار الذي أسقطه القدر، وأن أسرق الزهرة الوحيدة التي نجت من زلزال بابل وأداعب بها صباحك وإن شئت أن تزمجر في حينها فلك ما تشاء؛ فالخريف لن يمطر ويزهر ويحلق دون ربيع أو صيف أو شتاء، ومواء قطة برية لن يكتب قصيدة أو يضيء شمعة في معابد الشعراء، لكن حديث الخريف وإن كان زمجرة ريح وصَخَب حبات مطر فسيبقى حديث كل الفصول ولن تسقط أوراقه من دفاتر الشعراء.
#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في الذكرى الخامسة لرحيل أبي
-
حنين العصر
-
رماديٌّ ناصع البياض
-
عيون جاهلية
-
عيون جاهلية بقلم ميساء البشيتي
-
الكلمة تُوَرَّث
-
ماذا ينقص الفلسطيني؟!
-
كيف الخلاص؟
-
أمطار النور
-
سَوْرَةُ الأبجدية الضالة
-
فارسة من حيفا
-
حبات الخير
-
عودة في الانتظار
-
عازف الناي
-
يسألني الياسمين ؟
-
وجعي أنتَ
-
موعد مع الفراغ
-
تكتبني يدك
-
بين شفتيِّ الكلام
-
زمن العجاف
المزيد.....
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
-
إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|