|
في فلك الممنوع .. اليسار المغربي إلى أين؟
الاعرج بوجمعة
الحوار المتمدن-العدد: 5308 - 2016 / 10 / 8 - 21:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد تتبعنا للمشهد السياسي المغربي وخاصة في مرحلته البرزخية، أي بين الانطلاق نحو الديمقراطية وبين القطع مع الرجعية والظلامية التي ظلت تحكمنا لسنوات، مرحلة جديدة توجت بانتخابات تشريعية جعلت المغرب يدخل في سباق نحو المجتمعات "الديمقراطية"، لكن دائما نريد كمغاربة ديمقراطية وفق المقاس ووفق البيئة المغربية، لذا لن نتفاجأ من خلال الاعلان عن النتائج في انتخابات 2016، بفوز حزب العدالة والتنمية بالمرتبة الأولى. لأننا مجتمع لازال يؤمن بالقبيلة والغنيمة ولنا في ما قاله الأستاذ الجابري ما يشفى غليلنا، لكن للأسف نقاد السياسة التزموا الصمت في حين ترك المجال للمعتوهين وفنانين الملاهي الليلة (عادل الميلودي) يتحدثون عن السياسة. بالعودة الى الجابري نجده يفصّل الكلام في مسألة العقل السياسي العربي، وبالتخصيص العقل السياسي المغربي، بقوله إن العقل السياسي العربي تحدده ثلاث محددات أساسية ظلت تحكم خطابنا السياسي، بل أكثر من ذلك توجهه نحو المصلحة الشخصية، وهذه المحددات هي: العقيدة ـ القبيلة ـ الغنيمة. قد يتساءل منا ما علاقة هذا بالمناخ السياسي المغربي؟ كجواب على السؤال المطروح هو أننا مررنا بمرحلة العقيدة وهي لحظة دخول الاسلام وتوغله في شمال افريقيا عبر ما يصطلح عليه "بالفتح الإسلامي"، فتم نشره بوسائل مشروعة وغير مشروعة؛ كالعنف وفرض الضرائب وغيرها من العقوبات التي تجبر الأشخاص على الدخول أفواجا في هذا الدين الجديد. أما المحدد الثاني فهو القبيلة والتي لعبت دوا مهما في تشكل الخطاب السياسي المغربي، على اعتبار القبيلة في البدء كانت حامية للدعوة، ولنوع الخطاب المراد تمريره من طرف السلطان أو القائد الجائر. أخر محدد هو الغنيمة وهي ما نحن نمر به كمغاربة مع حزب العدالة والتنمية ذو المرجعية الاسلامية، فالسياسة محكومة باقتسام الثروة المحصل عليها، سواء ثروة المقاعد المخصصة في البرلمان، بحيث تمت بلقنة الحقائب الوزارية الى عدد لا حصر له من الحقائب والتي تلبي مصالح شخصية أكثر مما تخدم الوطن والشعب المغربي. إذن المسار السياسي للأحزاب المغربية يحكمها منطق الغنيمة والقبيلة وهو ما يتنافى مع مبادئ الانتخابات في الدول الديمقراطية والدولة المدنية التي تؤمن بفصل السلط وربط المسؤولية بالمحاسبة، لذا أقول هنا بيت القصيد المتمثل في اليسار المغربي رغم أنه ظل يعاني من انفصام في القيادة بين الدخول في اللعبة السياسية أو المقاطعة على شاكلة حزب النهج الديمقراطي. لكن اليسار خاصة خط البديل الثالث المتمثل في فيدرالية اليسار أعلن بشكل رسمي الدخول في اللعبة السياسية التي يشرف عليها المخزن وخاصة وزارة الداخلية. لكن السؤال كيف دخل اليسار المغربي الممارسة السياسية؟ أقول نحن في حاجة اليوم إلى نقد ذاتي لخطابنا السياسي وخاصة خطاب زعماء اليسار، ثم مراجعة المحددات التي ينهل منها في مواجهته للمشاكل التي يتخبط فيها الشعب المغربي. لذا نجد اليسار المغربي مرشح الى الفوز في مدينة فاضلة على شاكلة مدينة ابن باجة في "تدبير المتوحد"، مدينة ينبغي أن يغيب فيها الوحوش لكي يحيا الفيلسوف عفوا يحيا السياسي كما يقول ابن رشد، مدينة نمارس سياستنا الفاضلة التي تجعل من الأخلاق حريص وموجه ممارستنا السياسية، وهو ما نلمسه في كل تصريحات وكيلة اللائحة الوطنية وأمينة حزب الاشتراكي الموحد نبيلة منيب، ظلت تردد نحن في حاجة الى يسار أخلاقي؟ يسار أخلاقي يوجد في مدينة فاضلة تنفي الصراع وتنفي المكر والخداع. هذا القول يذكرني بأقطاب الفلسفة السياسية أرسطو وميكافيلي، لذا أقول انتصر ميكيافيلي على أرسطو، أي انتصر بنكيران والعماري المخداعين والماكرين على أرسطو الأخلاقي أي على خطاب نبيلة منيب. اليسار للأسف دخل بخطاب غير الذي شخصه الأستاذ الجابري في العقل السياسي العربي (العقيدة والقبيلة والغنيمة) فاليسار يجعل من العقيدة خارج الممارسة السياسية وإنما هو إيمان خاص بين الفرد والخالق، وهو الوثر الذي لعب عليه إخوان بنكيران تجييش الأتباع بالجانب الأيديولوجي المتمثل في نسج خطاب اسلامي يستحضر الخلف الصالح وفضائل الاسلام. ثم اليسار يستبعد سياسة القبيلة أي أنه دخل اللعبة السياسية وفق قواعد حديثة توجه الممارسة السياسية من قبيل نزاهة الانتخابات وفصل السلط وعدم اشتراء ضمائر المغاربة؟ وهو الوثر الذي عزف عليه الوصيف الثاني حزب الأصالة والمعاصرة اشترى ضمائر المغاربة بالعملة الصعبة التي يفتقر إليها المغربي، وخاصة أنه نجح في البوادي والمهمشين والطلبة والفقراء من الشعب المغربي، وهي الخصال التي لا تشرّف أي سياسي يساري القيام بها، مثلا نجد أحد اليساريين (بوستة) في دائرة بولمان يخطب في الناس من اشترينا ضميره فيرفع يده لنطرده من هنا ! أخر محدد وهو محدد الغنيمة أي الدخول الى الممارسة السياسية بنية النهب وتحقيق مصالح شخصية، وهنا نلمس الجانب النبوئي (مرشحي اليسار أنبياء) في مرشحي اليسار أنهم يريدون التنازل عن مستحقاتهم في حالة الفوز ! وهو الوثر الذي لعب عليه خصوم اليسار وخاصة حزب العدالة والتنمية، أنه أعلن في كثير من لقاءات الحزب أنه يريد نهج سياسة اللهم ارحمني عاد ارحم والدي؛ أي ننهب ونشفر ومن بعد نخدم الشعب، يكفي أنك تعود إلى بروفيل ( كانت وجوه الحزقة) هؤلاء القادة في حزب العدالة والتنمية. إذن اليسار يريد خدمة الشعب وهو ما لم يتحقق رغم إغراء المواطنين بالتنازل عن مستحقات المرشحين، للأسف الشعب يرد من يعبث بمكاسبهم ومصالحهم وهذه ليست شيم اليسار. في الأخير يمكن القول إننا مطالبون جميعا بترميم بيت اليسار، وأن الانتخابات التشريعية أظهرت بأن الشعب يريد أناس قريبون منه في اللغة وفي التطبيق، أناس لا يرفعون المستوى إلى الجانب الأكاديمي، هذا الأخير مهم، لكن الممارسة في القسم علمتني كأستاذ؛ أن الأستاذ الناجح هو الذي يبسط ما هو معقد للتلاميذ وليس تعقيد ما هو بسيط. نتمنى أن نكون قد ساهمت بهذا المقال في نقدنا الذاتي لليسار باعتباره فكر الطبقة العاملة وحامي المقهورين، كما أننا نهنئ القوى المحافظة التي تمكنت من تحقيق الرتبة الأولى وذلك بالإجهاز على مكتسبات الشعب المغربي.
#الاعرج_بوجمعة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فصل المقال فيما بين العقل المنغلق والمنفتح من اتصال
-
فصل المقال فيما بين الفلسفة ورداءة الخطاب السياسي من اتصال
-
علاقة المغاربة بداعش .. مقاربة في علم النفس الديني
-
سياستنا مريضة في حاجة إلى -طبيب الحضارة-.
-
الفلسفات ما قبل الأفلاطونية: قراءة نيتشه أنموذجاً.
-
أسس البيداغوجيا الرشدية: أهمية صناعة المنطق في التربية.
-
فلسفة الضحك؛ أو كوميديا المدرس.
-
تفكيك الخطيبي لخصوصية الجسم العربي عبر الثقافة الشعبية.
-
مفهوم الشهادة كتجاوز للكوجيطو الديكارتي.
-
المرأة وسلطة القضيب عبر التاريخ.
-
حوار على القمم بين طالب فلسفة وطالب متديّن : حول قضايا علمية
...
-
مجتمع ما بعد التحرش.
-
الموٌكّار (الموسم) في بلاد سوس وثقافة الاختلاف.
-
قراءة في كتاب -السلفية والإصلاح-، لدكتور عبد الجليل بدو.
-
التأصيل لمفهوم الفضاء العمومي ودوره في استنبات فكر حر وديمقر
...
-
حضور الأسطورة في الكتاب المدرسي ودورها في تبليغ الدرس الفلسف
...
-
جنس الإنترنيت ووهم اللذة.
-
نهاية التاريخ فكرة قابلة للتكذيب.
-
فكرة العدالة عند أفلاطون.
-
الاهتمام بالتراث مسألة أصول أم ردة فكرية.
المزيد.....
-
بأكثر من 53 مليون دولار.. مرسيدس تعرض سيارة سباق نادرة للبيع
...
-
-مخطط لتهجير المواطنين-.. السلطة الفلسطينية تتهم إسرائيل بتو
...
-
دور الصحافة بمكافحة -التضليل الإعلامي- في سوريا.. مسؤول في م
...
-
مرتديا -ملابس الإحرام-.. أحمد الشرع يصل إلى جدة لأداء العمرة
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير مستودعات أسلحة لـ-حزب الله- في ج
...
-
هل يشهد لبنان أزمة مياه هذا العام؟
-
نتنياهو في واشنطن لعقد -اجتماع بالغ الأهمية- يبحث المرحلة ال
...
-
انفجار يستهدف مجمعا سكنيا فاخرا في موسكو ويوقع قتيلا وأربعة
...
-
هجوم من ماسك وترامب على الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية: -
...
-
أكثر من 200 هزة أرضية تضرب -إنستغرام-.. اليونان تغلق المدارس
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|