أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسعد عبدالله عبدعلي - حديث منتصف الليل عن كربلاء














المزيد.....

حديث منتصف الليل عن كربلاء


اسعد عبدالله عبدعلي

الحوار المتمدن-العدد: 5303 - 2016 / 10 / 3 - 12:11
المحور: الادب والفن
    


حديث منتصف الليل عن كربلاء


بقلم اسعد عبدالله عبدعلي

أتعبه السير في الصحراء, فعليه أن يصل الى غايته, بعد رفع الحظر عن التنقل من قبل سلطة الخليفة, بعد معركة كربلاء, حيث ازداد السخط على الخليفة الأموي وعلى عماله في العراق, لما فعلوا من فضائع لا تنتمي لتاريخ العرب, كان الشاب أبو جندل منذ يومين من دون طعام أو شراب هائماً في الصحراء, وها هو منتصف الليل والعطش يكاد يقطع أوصاله, فلم يجد في طريقه قافلة أو خيمة يتحصل منها شربة الماء.
أبو جندل بثيابه الرثة, يفكر كثيرا بما حصل في الأشهر الأخيرة من أحداث جسيمة, يحك شعره من تحت عمامته البيضاء فهو بعيد عن الماء منذ أيام, تأوه ومسك سيفه وتحسر, سيفه الذي اشتراه من سوق البصرة, والتي تشتهر بأفضل أنواع السيوف, يفكر ( أنها ليلة أخرى حالكة السواد, فمنذ خمسة أشهر وليالي العراق قد تغير طبعها, كأنها فقدت قمرها, لم يكن نور النجوم والكواكب بهذا الشكل, ألان الأنوار خافتة جدا, كم كنت أتمنى أن أكون معه, لم أصل في الوقت المناسب, هكذا أنا دائما افشل في كسب الفرص, لولا أبي وأمي كنت لحقت به, لكنهم سجنوني أسبوع في, الى أن فككت قيدي وهربت, آه يا ربي رحل من كنت أتمنى رؤيته).
من بعيد أبصر نارا, فصرخ غير مصدق:
- يا الله, خيمة قريبة, الحمد والشكر لك يا رب.
أسرع نحو الخيمة, فالعطش يكاد يقتله, وجد عجوز بعمامة حمراء ولحية بيضاء طويلة, جالس قرب النار, وصل أليه أبو جندل وقال:
- السلام عليكم, يا عم أسعفني بشربة ماء, سأموت عطشاً.
تفاجأ العجوز من ظهور الشاب في هذا الليل, خصوصا أن الأوضاع السياسية مضطربة منذ أشهر, لكن أسرع لجلب الماء وناوله, امسك الشاب القربة كحبل إنقاذ, وفتح وجوده لينسكب الماء عليه, ليعيده للحياة ولتزهر الأحلام من جديد, جلس قرب النار, فسأله العجوز:
- بني من أين قدمت في هذا الليل, الا تعرف أن الأوضاع خطرة منذ مقتل الخوارج في كربلاء؟
تعجب أبو جندل من كلام العجوز ووصفه للثائرين بالخوارج, فأدرك أن الخبر لم يصل للعجوز على حقيقته, فقال له:
- أما عن سؤالك عن مقدمي فانا من الكوفة, وعن الأوضاع أدرك خطورتها ولولا الظرف لما أتيت الى الموصل, إما عن خوارج كربلاء فلا اتفق معك, فالخارجي ما يكون باطلا في دعواه, إما الثائرين في كربلاء فهم أصحاب حق, ولا تغرك أبواق السلطة فهي دوما أداة تجمل أفعال الحكام.
غضب العجوز من كلام الشاب, فهو يجعله بموقف الجاهل الذي يصدق كل ما يقال, فقرر أن يلجم هذا الشاب المغرور, فقال:
- يا أيها الشاب اسمع من عجوز خبر الحياة, أن الذي يخرج على الخليفة يكون خارج عن الدين, هكذا علمنا ديننا, وهؤلاء خرجوا على الخليفة الشرعي, فأي حق لهم؟
وقف الشاب مبتسماً, ورمق السماء بنظرة عميقة, يفكر في رد مقالة العجوز, التفت للعجوز وقال:
- ومن أين كسب الخليفة الشرعية, المعروف أن كبار الأمة رفضت مبايعته, ولم يبايعه الا خائف أو طامع, فاخذ السلطة بالقهر وليس بالاستحقاق, فأي شرعية تتحدث عنها, أما كلام منابر السلطة فلا تمثل حجة على ذي عقل, لأنها منابر تجمل جهة مشكوك بها, ولا تنطق الا حسب ما تكلف به.
ضجر العجوز من كلام الشاب, فهو يخالف هواه, لكن وجد من الأفضل أن يطلب البينة على كلام الشاب ليسكته, فقال له:
- وكيف تثبت أحقية جماعة كربلاء, وما هي أدلة شرعية خروجهم؟
فرح العجوز بنفسه فكأنه جعل الشاب في زاوية حرجة, تجعله يستسلم لعقيدة العجوز السياسية, لكن الشاب لم يمهله طويلا فتكلم كطير يغرد:
- عندما يكون رأس السلطة تحت سطوة جماعة ظالمة, وتكون سيرتها مع الأمة ظالمة, كما ضجت به الأمصار من فضائح يفعلها ولاتهم وبأمر منهم, وسرايا الخليفة التي تهاجم أطراف البلدان تنهب وتقتل, تحت عنوان إرهاب من لا يدخل في ملك يزيد, فيكون السكوت عليه جبن, والحاكم يزيد عرف بظلمه وفساده وانحرافه, والأمة ساكتة, وعندها تحرك الثائرين حفظا لكرامة الأمة, ولاسترجاع الحق وإعادة الروح لأمة تحتضر, فهل تسمي الأمر بالمعروف وحفظ كرامة الأمة كفر وخطيئة, أم انك ترغب أن تحافظ الأمة على جبنها وخضوعها للحاكم.
سكت العجوز أمام منطق الشاب الصارم في الحق, وتذكر كيف أرغمه والي الموصل قبل سنتين على تزويج ابنته لمتهتك أموي, مع انه رفض التزويج أولا, لكن هدده بالحبس فاستجاب العجوز مكرها, عرف انه من عداد الخانعين للظلم, وتحسس ضآلة نفسه وهو يدافع عن من ظلمه, وأحس بالعار والخزي بعد أن تذكر لعناته ضد الثائرين بعد صلاة الجمعة مع جمع المصلين, دمعت عيناه, وبكى.
ركب الشاب فرسه وهم بالمغادرة, فاستوقفه العجوز ودموعه تنهمر على لحيته, وقال للشاب:
- هل من توبة؟
- نعم , انصر الحق, واخذل الباطل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اسعد عبدالله عبدعلي
كاتب وأعلامي عراقي



#اسعد_عبدالله_عبدعلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهنة صباغ الأحذية والتحديات الاجتماعية
- منهج صدام حسين في تدمير الجيش العراقي
- مرض السرطان, ومحنة غياب العلاج في العراق
- حوار بعثي ساخن
- البصقة البريئة
- لصوص صندوق تنمية العراق (DFI ), متى يحاكمون؟
- الباص, صراع وإزعاج وتدخين وتحرش
- المصارف الأهلية بوابة للفساد
- الدوري العراقي ومصيبة التشفير
- من علامات العشق السعودي – الإسرائيلي
- لماذا يفتتح مرتين مستشفى الأمام الصادق في الحلة؟!
- التحالف الوطني وانتظار الانطلاقة الجديدة
- مشروع مترو بغداد بين الحلم والوهم
- جمعة الصواريخ في بغداد... شكرا لكم
- أفكار امرأة أنانية
- يا وزارة التربية, نريد مدارس لصعوبات التعلم
- إياك والمرور بشارع التعذيب ( شارع نهاية الداخل)
- يوم الثلاثاء الملعون
- عوائل شهداء الحشد الشعبي تحت الضغط
- لماذا دعم صدام انتشار الفكر الوهابي؟


المزيد.....




- صور| بيت المدى يستذكر الناقد الراحل عبد الجبار عباس في ذكرى ...
- روسيا والبحرين توقعان اتفاقية تعاون على هامش مبادرة -شبكة ال ...
- تونس: في جرجيس.. فنان يخلد ذكرى المهاجرين الذين لقوا حتفهم ف ...
- “سوسو ولولو جننوا الأطفال”… نزل تردد قناة وناسه ومتع عيالك ب ...
- مهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ 45 يحتفي بالسينما الفلسط ...
- ناصر الرباط يفوز بجائزة عبد الله المبارك الصباح عن كتابه -Wr ...
- حينما جلس الوزير -الشاعر- يحتسي القهوة على أطلال العراق
- من هم نجوم هوليوود الذين تعهدوا بمغادرة الولايات المتحدة إذا ...
- روائع عربية في النسخة الرابعة لمهرجان البحر الأحمر السينمائي ...
- “الجزء السادس” يعرض الآن مسلسل قيامة عثمان الحلقة 169 مترجمة ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسعد عبدالله عبدعلي - حديث منتصف الليل عن كربلاء