|
فيلم (رؤوف) للمخرج باريش كايا وحلم التحرير
كوثر جبارة
الحوار المتمدن-العدد: 5301 - 2016 / 10 / 1 - 21:47
المحور:
الادب والفن
فيلم (Rauf) 90 دقيقة، عرض فس مرجان دهوك السينمائي الرابع المقام في كردستان العراق في مدينة دهوك حاز على جائزة أفضل فيلم طويل لعام 2016، فضلا عن حصول الطفل الذي أدى دور رؤوف على جائزة أفضل ممثل كردي في المهرجان ذاته، يحكي الفيلم قصة الطفل رؤوف الذي يخرج من المدرسة ليعمل عند صانع توابيت، له ابنة في الثامنة عشرة من العمر (زانا) نكتشف أخيرا انها مقاتلة تلتحق بزملائها المقاتلين لأجل تحقيق حلم الحرية في كردستان تركيا، من الجزئيات اللطيفة التي يعرضها الفيلم الفهم البريء للأطفال للحب من خلال ما يشعر به الطفل رؤوف تجاه الفتاة المقاتلة وما يتكلم به مع اصدقائه عن الحب، وايضا يشير الفيلم ولو اشاره عابرة الى ما تكرسه المجتمعات في ذهن أطفالها في كون اللون الزهري خاص بالفتيات، وانه يغيب عن السوق وتحل محله الالوان الحيادية الابيض والاسود والرماديات أو اللون الأحمر، ولا وجود لحياة وردية، ومن خلال محاولة بحث الطفل عن اللون الوردي وهو لا يعرفه يحاول السؤال والاستفسار عنه من امه ومن العجوز المنتظرة على سفح الجبل التي تبقى هي وعصاها في مختلف الفصول على حالة واحدة، تتطور احداث الفيلم وتفاصيله مع أن عقدة الفيلم بسيطة الا ان التعبير السينمائي عنها كان ناجحا الى حد ما، ولو اني قد اختلف مع المخرج في الرؤية ولا اجد النهاية نهاية موفقة، اذ ينتهي الفيلم باستشهاد الفتاة ودفنها بتابوت من صنع يدي والدها، ولهذا عدد من الدلالات السلبية التي تخص مستقبل الثورة، فالفتاة تستشهد وتموت فلا أمل –اذا- من مواصلة الثورة أو رجوعها الى الحياة، والاب بنفسه يصنع التابوت كأنها إشارة الى ان الثورة سوف تقبر بيدي أهلها، فمن يقوم بها هو بالذات من يدفنها او يساعد على دفنها على أقل تقدير، ومع انني لا اجد نفسي مع (نهاية سعيدة) لمثل هذا الفيلم، إلا انني ارجح جدا أن تكون النهاية مفتوحة لاتخلو من الامل بمستقبل حر، فلو اكتفى المخرج على سبيل المثال اللقطة التي يظهر بها رؤوف جالسا وبيده العصا الى جانب العجوز الجالسة على السفح، ليكون منتظرا هو الاخر الغد القريب أو البعيد الذي سيحقق فيه الانتصار، إذ بعد ذهاب الفتاة الى الجبل للقتال يصنع الطفل عصا جديدة ويأخذ كرسيا ويذهب الى العجوز ليجلس الى جانبها على الهيئة نفسها وبيده العصا بالطريقة نفسها، لكنه يقول للعجوز لقد صنعت لك هذه العصا الجديدة، وهذا بحد ذاته يدل على طول الانتظار، اذ ستبلى العصا الاولى التي رافقت العجوز الى يومهم ذاك، وستكون بحاجة إلى عصا جديدة لتكمل معها مشوار الانتظار الطويل، أجد ان الفيلم سيفعم مشاهده بشيء من الامل لو انتهى بالانتظار، وهنا اطرح تساءلا مفاده: لو كان الغرض من هذا المشهد ان يعطي العصا للعجوز فقط فلماذا يجلب رؤوف معه الكرسي؟ ويجلس الى جانبها بالهيئة ذاتها؟ وتمر ثواني صمت يستعد معها المشاهد لان تكون النهاية. والنهاية الثانية التي تحمل أيضا جزء من الامل بمستقبل أفضل هي اللقطة التي يركض فيها رؤوف الى الجبل بعد معرفة خبر استشهاد الشابة المقاتلة زانا يركض للحصول على الازهار الوردية التي عرف من العجوز أنها على قمة الجبل، ويظهر الطفل بلقطة كبيرة جدا والكاميرا ثابتة خلفه وهو يركض باتجاه المجهول – الى تلك اللحظة بالنسبة للمشاهد – هنا يمكن أن يفسر المشهد على انه استمرارية الحياة النضالية من أجل الحصول على الحرية أخيرا، فالتاريخ يعيد نفسه، والحياة لن تتوقف بشهيد واحد أو شهيدة بل على العكس من ذلك تستمر التضحيات للوصول الى الهدف المنشود، لكن عودة الطفل التي تتزامن مع اتمام صناعة التابوت وحمل الفتاة فيه، في النهر تعطي التأثير المضاد لما نبحث عنه من أمل، فالاب يشيع القضية/ابنته زانا بنفسهوهنا لا أمل للعودة مطلقا بعد هذا. مع ان المشاهد الأخيرة صورت باحترافية عالية وبطريقة جميلة ولاسيما لحظة عثور رؤوف على حقل الزهور الوردية اللون واستنشاقه هواء الجبل العليل مع تحقيقه لحلم الشهيدة/الحبيبة بالحصول على اللون الوردي ولو كان متأخرا وينقل المخرج المشهد بلقطة عامة بالكاميرا الثابته التي تأخذ اللقطة من الزاوية المنخفظة (تحت مستوى النظر) والتي يكون وفيها اتجاه عدسة الكاميرا إلى الأعلى، وبهذا الشكل قد تعبر عن وجهة نظر الممثل وقد تعبر عن تضخيم الشخصية واعطائها سمة من الهيئة الوقار والقوة والعظمة وهذا ما يشعر به البطل الصغير لانه وأخيرا عرف ما هو الوردي وحقق رغبة بسيطة من رغبات الحبيبة باقتنائه، وأيضا مشهد رمي الازهار من على الجسر الى التابوت واحاطتها بالزورق وطفوها على سطح الماء، أجده مشهدا موفقا جدا.
#كوثر_جبارة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-طفولة بلا مطر-: المولود الأدبي الأول للأكاديمي المغربي إدري
...
-
القبض على مغني الراب التونسي سمارا بتهمة ترويج المخدرات
-
فيديو تحرش -بترجمة فورية-.. سائحة صينية توثق تعرضها للتحرش ف
...
-
خلفيات سياسية وراء اعتراضات السيخ على فيلم -الطوارئ-
-
*محمد الشرقي يشهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة من مسابقة ا
...
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|