|
سكوت، نحن في تونس !
محمد نبيل
الحوار المتمدن-العدد: 1411 - 2005 / 12 / 26 - 08:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يبدو أن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي قد قرر مطاردة التونسيين داخل و خارج وطنهم الأم. بن علي عازم لا محالة أن يحول تونس إلى مملكة خاصة به يفعل فيها ما يشاء بعدما لجم الأفواه و قيد الأيدي و منع حتى الآذان من سماع أصحابها ما تريد. الرئيس التونسي يريد أن يكون كل تونسي على مقاس أهوائه و ونزواته وكذا أفكاره. مناسبة هذا الكلام هو سلسلة قرارات المنع التي يصدرها النظام التونسي بشكل متكرر من أجل خنق التونسيين.
داخل القطر التونسي قرر نظام بن علي أن يمنع على التونسيين الإستماع إلى أغاني الفنان الملتزم مارسيل خليفة لأنه قام بإهداء أغنية "عصفور"، إلى السجناء العرب في السجون الإسرائيلية والسجناء العرب في السجون العربية. بطبيعة الحال هذا الإهداء لم يرق للسلطات التونسية فأصدرت قراراً بمنع تداول موسيقاه وأغانيه، وصولاً لمنع تداول حتى إسمه على كامل التراب التونسي. جاء هذا القرار الغريب على شكل تعميم "شفهي" لرئيس مؤسسة الإذاعة والتلفزة، مع منع خليفة من دخول تونس، بعدما أحيى فيها الكثير من الحفلات، بدءاً من ثمانينيات القرن الماضي. وقد كانت آخر حفلاته التونسية أثناء مشاركته في الدورة الـ 41 لمهرجان قرطاج، حين احتشد الآلاف من التونسيين لسماع أغانيه وموسيقاه. قرار المنع كان رسمياً إثر تراجع هيئة جمعية المسرح العربي في حمام سوسة، عن دعوتها الأخيرة للفنان، واعتذارها عن عدم تمكنها من استقباله، دون إبداء الأسباب. وهي أسباب تعود، بحسب المعنيين، إلى "عدم ترحيب" السلطات بدعوته. الفنان مارسيل خليفة بعث بكلمة نشرتها وسائل الإعلام وفيها الكثير من المعاني إلى الهيئة المنظمة قال فيها: «ممنوع من دخول بلدكم ولن أكون وحدي الممنوع من دخول بلد أحببته من كل قلبي، (فالممنوع) أيضاً تراث كثيف من التجربة الإبداعية ماضياً وحاضراً صاغها أكثر من جيل، تجربة تصدر عن توق جارف إلى الحرية ورغبة عميقة في تحرير العقل الإنساني من كل ما يشوهه ويحرفه».الفنان أكد على مواقفه و استمرار يته في تضامنه حيث تابع قائلا: «أتعهد أن أكمل ما بدأت به منذ سنين طويلة، أي أن أهدي موسيقاي وصوتي نشيد حب إلى ضحايا الاضطهاد أياً تكن أشكاله ». إن هذا القرار يكشف بوضوح أن الموسيقى الملتزمة بقضايا الشعوب مآلها المنع و الرقابة و أن التونسيين الذين أبدعوا ولهم السبق في عدة مناحي فنية من بينها الموسيقى هم الآن تحت رحمة سياسة بن علي التي أرادت تنميط الرأي و الذوق و كل ما يسمح للتونسيين بالتفكير و الاستمتاع بالفنون الراقية. الرئيس لم يطارد فقط أذواق التونسيين الفنية بل طارد حتى المعارضين السياسيين حيث صرح بجرأة قل نظيرها حتى في البلدان المعروفة بالقمع و التنكيل ووصف المعارضين السياسيين بـ"غياب الإحساس الوطني"، هذا التصريح اعتبره معارضون تونسيون تشكيكا في وطنيتهم وتخوينا لهم. وحسب العديد من المحللين ،تقدم خطابات الرئيس التونسي انطباعا بأن بن علي يرفض مطالب المعارضة التونسية وهي الإفراج عن سجناء الرأي، والترخيص للمنظمات والأحزاب المحظورة وكذلك إطلاق حرية النشر و الاعلام للمواقع والجرائد المحظورة.
إن واقع القمع التونسي الممارس ضدا على كل نداءات المجتمع الدولي دفع بالعديد من الناشطين و السياسيين التونسيين إلى الضغط على النظام من خلال تنظيم إضرابات عن الطعام و البدء حتى في التفكير في رفع دعاوى ضد الرئيس مما يعتبر سابقة عربية وخطوة إيجابية في طريق محاكمة جلادي التعذيب في العالم العربي والعالم برمته،ويتعلق الأمر على سبيل الذكر لا الحصر ،الدعوى القضائية التي أقامها الناشط التونسي عبد الناصر نايت ليمان ، السجين السابق وأحد ضحايا التعذيب في تونس ، ضد الرئيس التونسي زين العابدين بن علي ووزير داخليته الأسبق عبد الله القلال بمحكمة جنيف الابتدائية . نضيف، أن نظام بن علي طارد المعارضين حتى خارج أوطانهم و خاصة بسويسرا التي استقبلت وزيرة خارجيتها ميشلين كارمي ري كل من عبد الرؤوف العيادي نائب رئيس حزب المؤتمر من اجل الجمهورية المحظور وسمير ديلو ممثل جمعية المساجين السياسيين والذين كانوا قد دخلوا مع ستة آخرين في إضراب عن الطعام شهرا قبل انعقاد الملتقى الدولي للإعلام الذي نظم الشهر المنصرم. احتجاج نظام بن علي جاء بعد استدعاء السلطات سفير سويسرا بتونس و تبليغ رفض النظام التونسي لاستقبال الوزيرة السويسرية للمعارضين المذكورين.
أكيد أن مطاردة بن علي للمواطنين التونسيين في حركاتهم و سكناتهم داخل و خارج البلاد أصبح عملا مكشوفا وشهادة حية تؤكد على التصعيد الذي يمارسه النظام ضد كل صوت يقول لا لسياسة بن علي، هذا الأخير أصبح نموذجا للرئيس المستبد في العالم برمته.
السؤال المطروح حاليا: هل سيتخلى الرئيس عن ضغوطاته و سياسته التي زرعت الرعب في نفوس التونسيين وتعمق الأزمة أكثر أم أن قيد بن علي لا بد أن ينكسر ؟
#محمد_نبيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هذا الهيكل الروبوتي يساعد السياح الصينيين على تسلق أصعب جبل
...
-
في أمريكا.. قصة رومانسية تجمع بين بلدتين تحملان اسم -روميو-
...
-
الكويت.. وزارة الداخلية تعلن ضبط مواطن ومصريين وصيني وتكشف م
...
-
البطريرك الراعي: لبنان مجتمع قبل أن يكون دولة
-
الدفاع الروسية: قواتنا تواصل تقدمها على جميع المحاور
-
السيسي والأمير الحسين يؤكدان أهمية الإسراع في إعادة إعمار غز
...
-
دراسة تكشف عن فائدة غير متوقعة للقيلولة
-
ترامب يحرر شحنة ضخمة من القنابل الثقيلة لإسرائيل عطّلها بايد
...
-
تسجيل هزة أرضية بقوة 5.9 درجة قبالة الكوريل الروسية
-
مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة الفلسطينية بقصف إسرائيلي لرفح
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|