أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - متعب انزو - فاتح المدرس ...الرؤية التي لاتقاس














المزيد.....

فاتح المدرس ...الرؤية التي لاتقاس


متعب انزو

الحوار المتمدن-العدد: 1411 - 2005 / 12 / 26 - 08:38
المحور: الادب والفن
    


لقد كانت الحياة ومازالت غرفة انتظار الموت لكنها المشقة التي يتكبدها المبدع و"فاتح المدرس" كان حاضراً كما بهاء الرؤيا.. لكنه كان يضرب بالمستحيل.
إنها الذاكرة التي تستغرقنا وكأننا كلما أمعنا في الموت اعتباطاً أو اتفاقاً توهجت الحياة في أعماقنا, لكنه الجريان الدائم وراء التجريب و "فاتح المدرس" لم يستحم في النهر مرتين, الكثير من الجاهزية والاستعداد والموهبة القديمة والمثقفة لتحطيم الرؤى وإعادة ترتيب ما تبعثر من صفاتها الذهنية والروحية.. كانت روحه الشفافة هي التي تتلامع وتتراءى خلف لوحاته.
قانونه الوحيد هو حيوية الحركة , لم يكن مفتوناً بالجماليات "الأستاتيك" أو الفانتازيا على حساب أي شيء, لقد كان جارحاً بما لا يقاس إنما من أجل أنسنة الإنسان والارتفاع بدرجات عن وحشيته, كان يعاني اغتراباً مفترساً وقلقاً ينفض روحه ذرة.. ذرة.
عندما تهاوى "فاتح المدرس" كان خارجاً عن ذاته الموزعة في أعماله بعدالة لا ريب بموازينها, إنما هو التجبر الخلاق والمواجهة المرهفة, كانت روحه تغدق بكرم لا مثيل على الجميع الذين توزعوا حوله في طيران الرؤيا بينما بقي هو مشدوداً إلى أرضه الأولى ومكانه الأولى.. حتى لحظة رحيله ظل "المعلم" يرتاب من فكرة الموت واستمر طوال حياته يعلن بفرشاته على الملأ أنه لن يغادر هذا العالم حتى يقرر هو ذلك.. في حديثه "لأدونيس" في لقاء يعود إلى العام "1998" في فضاء "غاليري الأتاسي" يؤكد أن اللوحة ليست انفعالاً مزيفاً وإنما هي لحظة تقنية من لحظات العذاب الإنساني المريب وأن الفنان معنى في النهاية بتصوير الجوهري من المساحات السخيفة والمختفية من الروح الإنسانية..وأن فعل الرسم هو تملك شيطاني يتشكل من الفكرة المجسدة لبريق الإبداع, وعليه فإن إطلاق طاقات اللغة في الأدب يوازيه تماماً استلهام قيم اللون للتعبير عن لحظة التماس بين الإنسان وعالمه الخارجي واستحضار الممكن من مخاوفه للقذف بها دفعة واحدة على السطح الأبيض.
لا يمكن الحديث عن "فاتح المدرس" دون الوقوع في متاهات الاستحالة والغبش الذي يغلف عالمه التشكيلي في مشروع مترام عبر مساحة زمنية تزيد عن "60" عاماً حيث يقودنا إليه بقوله "إن التشكيل الذهني الذي يفرض ذاته عليّ في لحظة الذروة في الحقيقة رؤية تستحيل في كياني إلى حالات غريزية تنعكس في اللوحة على هيئة بقع لونية وأشكال ليس من الضروري أن تمت بصلة إلى الحدث الذي أملاه أو إلى الفكرة التي استدعتها" .
وقد بلغت جرأة المعلم في سعيه الحثيث للتجريد الشرفي والاقتراب أكثر فأكثر من المطلق في التعامل مع الدلالات البصرية للأشياء والأحاسيس وتعميمها وفق فهم كوني غير محدد بزمان ومكان.
وعند تلك الزوايا الحادة التي أنشأها يتوارى الواقع ويصبح المعنى مجموعة رؤى غير واضحة المعالم تتسارع أمام المتلقي في أمزجة لونية حائرة.. حيث البشر عبارة عن رؤوس سابحة في فضاء معتم وغائم سديمي يسرقك مما أنت فيه ليضعك في داخله دون أن تستطيع التحكم بدرجة التجاذب المتبادلة.
اليوم تعود الحياة إلى روح "فاتح المدرس" لمناسبة المعرض الأستعادي لأهم أعماله, التي يستضيفه مرسمه ابتداء من الشهر القادم والمتزامن مع ذكرى ولادته,....المتزامن أيضا مع منحه وسام الاستحقاق السوري بعد سبع سنوات مغلفة بالغياب, المتزامن أيضا وأيضا مع إطلاق اسمه على إحدى قاعات قسم التصوير في " كلية الفنون الجميلة " بعد عقود من الحضور المدهش للمدرس في لغة التشكيل السوري والعربي والعالمي.
العرض الذي كعادته يأتي هادئا بعيدا عن الضجيج عند تقاطع إحداثيات المكان في ساحة النجمة في دمشق حيث كان "فاتح المدرس" يرسم في غفلة من الوقت والهواء والتراب.
المعرض هذا العام سيضم أعمالاً تعرض للمرة الأولى إضافة إلى الأعمال التشكيلية الهامة التي كان قد أبدعها طوال حياته اللونية الغنية, وهو يشكل إعادة أمينة لروح المعلم الحاضر الغائب في عالم اللون.



#متعب_انزو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - متعب انزو - فاتح المدرس ...الرؤية التي لاتقاس