|
انتصار نهج بوتين في الانتخابات البرلمانية الروسية
جورج حداد
الحوار المتمدن-العدد: 5295 - 2016 / 9 / 25 - 15:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يوم الاحد 18 ايلول 2016 جرت في روسيا الاتحادية الانتخابات العامة لمجلس الدوما (البرلمان) الروسي. وكانت هذه الانتخابات تكتسب اهمية خاصة، لانه يتوقف على نتائجها خط مسار السياسة الداخلية والخارجية الروسية ليس لفترة ولاية المجلس الذي ينبثق عنها، بل لعدة عقود قادمة. افلاس سياسة ارهاب روسيا ومنذ ان عاد فلاديمير بوتين الى مركز الرئاسة لفترة ولاية ثالثة في 2012، اخذت الكتلة الغربية و"طابورها الخامس" في روسيا، والمنظمات الارهابية الاسلاموية المرتبطة بالغرب وبدول النفط العربية الخليجية وتركيا واسرائيل، تضغط بكل ثقلها، من الداخل ومن الخارج، من اجل اضعاف سلطة بوتين وحزبه "روسيا الموحدة" ودفعهما الى الفشل في الانتخابات النيابية الاخيرة، وفتح الطريق لاجبار بوتين على الاستقالة والدعوة الى اجراء انتخابات رئاسية مبكرة. انتصار حزب بوتين وستراتيجيته ولكن النتائج جاءت معاكسة تماما لكل التوقعات الغربية. وخرج بوتين وحزبه من الانتخابات اقوى مما دخلا فيها. وفيما يلي لمحة موجزة عن النتائج، كما اعلنتها "لجنة الانتخابات" الوطنية العليا: أ ـ بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات 47،81%. وهي من اعلى النسب في الدورات الانتخابية النيابية السابقة. ب ـ حل في المرتبة الاولى حزب "روسيا الموحدة" (حزب بوتين) الذي يترأسه حاليا رئيس الوزراء دميتريي ميدفيدييف. وحصل على نسبة 54،17% من اصوات المقترعين. كما كسب 203 مقاعد في الدوائر الفردية (بالاقتراع الاكثري) من اصل 206 مقاعد، وكسب المقاعد الثلاثة الباقية نواب من الحزب الشيوعي. وبلغ اجمالي عدد المقاعد التي حصل عليها حزب "روسيا الموحدة" 343 مقعدا من اصل 450 مقعدا هو العدد الاجمالي لنواب الدوما (البرلمان). علما ان الحزب يحتاج فقط الى اكثرية الثلثين (اي 300 نائب من اصل 450 نائبا) لاجل المصادقة على القرارات الدستورية. احزاب المعارضة الوطنية ولم يكن اي من الاحزاب الاخرى يطمح الى مزاحمة حزب "روسيا الموحدة" على المركز الاول، بل كانت المزاحمة على اشدها على المركز الثاني بين الحزب الدمقراطي الليبيرالي بزعامة السياسي القومي المتشدد فلاديمير جيرينوفسكي، والحزب الشيوعي الفيديرالي الروسي (وريث الحزب الشيوعي السوفياتي السابق) بزعامة غينادي زيوغانوف. ج ـ حصل الحزب الشيوعي الفيديرالي الروسي على نسبة 13،37% من اصوات المقترعين، وحل في المرتبة الثانية. د ـ وحصل الحزب الليبيرالي الدمقراطي الروسي على نسبة 13،17% وحل في المرتبة الثالثة. هـ ـ وحل في المرتبة الرابعة حزب "روسيا العادلة". وهو حزب يدعو الى بناء نظام اشتراكي جديد يلائم القرن الواحد والعشرين. ويؤيد هذا الحزب الرئيس بوتين، ويعارض مظاهر الفساد والبيروقراطية في تطبيقات الحكومة. ومؤسس الحزب هو سيرغيي ميرونوف، رئيس البرلمان من 2001 الى 2011. وكان قبلا عضوا قياديا في حزب المتقاعدين، الذي توحد مع حزب"الوطن" وحزب "الحياة"، وشكلوا حزب "روسيا العادلة". و ـ ولم يستطع اي من الاحزاب المسماة "صغيرة"، اليسارية والوطنية او اليمينية واحزاب "الطابور الخامس" الموالية للغرب، ان يصل الى عتبة الـ5% من اصوات المقترعين ليكون له الحق في الحصول على مقاعد في البرلمان. ز ـ حل في المرتبة الخامسة حزب "شيوعيو روسيا" اليساري الذي نال 2،30% من الاصوات. ح ـ وتراوحت النسب التي حصلت عليها الاحزاب "الصغيرة" الاخرى، من مختلف الاتجاهات، بين 1،75% لحزب "المتقاعدين لاجل العدالة"، و 0،14% لحزب "القوة المدنية".
الافلاس التام للمعارضة الموالية للغرب ط ـ نال الحزبان المعارضان اليمينيان الرئيسيان المواليان للغرب: حزب "يابلوكو" 1،95% من الاصوات، وحزب "بارناس" 0،72%. خفوت "النباح الدمقراطي" الغربي ضد روسيا هذا وقد حضر عملية الانتخاب للمراقبة والمتابعة الاعلامية مئات المراقبين الاجانب من مختلف الهيئات الدولية والاحزاب والمنظمات والمراقبين المستقلين، من شتى بلدان العالم، وكذلك مئات الصحفيين والاعلاميين الاجانب ومندوبي جميع القنوات التلفزيونية العالمية والوطنية الرئيسية. ومن الملاحظ ان "النباح الدمقراطي" لآلة البروباغندا الغربية الجبارة، ضد الانتخابات الروسية والطعن فيها، كان هذه المرة خافتا تماما او شبه معدوم. وذلك ليس لان "النباحين" قد تعلموا شيئا، فـ"النباحون" المحترفون لا يتعلمون شيئا وهم ليسوا اكثر من مأجورين و"صوت سيده"، اي انهم "ينبحون" او "يكفون عن النباح" حسب الاوامر والعظمة التي ترمى لهم. ولكن مراكز القرار الاميركية وحلفاءها وعملاءها، من بروكسل الى برلين وباريس ولندن وطوكيو وانقرة وتل ابيب والرياض (وربما باستثناء "دولة الخلافة الاسلاموية" ومشتقاتها ومتفرعات "المجلس الحربي" الكتائبي القديم في لبنان) قد بدأت تدرك بالملموس ان كل السياسة المعادية لروسيا، على مدى العالم بأسره، قد بدأت تعطي نتائج معكوسة تماما. ويكفي ان نعطي مثالا واحدا فقط وهو: ان الانتخابات شملت ايضا شبه جزيرة القرم بوصفها جزءا لا يتجزأ من الارض الروسية. ومعلوم ان الكتلة الغربية ادعت ان روسيا "اغتصبت" ارضا اوكرانية، وصدرت قرارات مقاطعة روسيا اقتصاديا وماليا بحجة هذه التهمة الزائفة. ومع ان قرارات المقاطعة لا تزال سارية المفعول، فمن الملاحظ انه لم تصدر عن المراجع والابواق الغربية، وحتى في كييف ذاتها، نأمة واحدة من الاحتجاج الشكلي على "اغتصاب روسيا" للارض "الاوكرانية" المزعومة. ويستخلص المحللون الموضوعيون الاستنتاجات الرئيسية التالية حول الانتخابات النيابية الاخيرة في روسيا: الوحدة الوطنية الروسية اولا ـ اثبتت نتائج الانتخابات وجود وحدة وطنية روسية متزايدة الرسوخ حول النهج الستراتيجي العام لقيادة الرئيس بوتين. فالاحزاب "المعارضة" الاربعة الرئيسية، التي جاءت خلف حزب "روسيا الموحدة"، بالاضافة الى غالبية الاحزاب المعارضة "الصغيرة" التي لم تستطع دخول البرلمان، جميعها تؤيد النهج الستراتيجي الوطني لبوتين، والصفة الرئيسية لهذه الاحزاب "المعارضة" هي انها احزاب وطنية روسية ويسارية، ومعارضتها تنصب في اتجاه نقد الاخطاء والنواقص في التطبيق الحكومي والاداري للنهج الوطني البوتيني واحيانا المزايدة عليه. الاكثرية الدستورية وارجحية استمرار عهد بوتين حتى سنة 2030 ثانيا ـ ان حصول حزب "روسيا الموحدة" على اكثر من اكثرية الثلثين في البرلمان، بالاضافة الى الاحتمالات الكبيرة للتأييد من قبل العديد من نواب المعارضة ايضا، يجعل من المحتم ان يعمد المجلس النيابي الجديد الى اجراء تعديلات دستورية ذات اهمية ستراتيجية وتكريس تعديل الدستور لجهة تمديد فترة الولاية الرئاسية من 4 الى 6 سنوات، ودعم انتخاب الرئيس بوتين لفترتين لاحقتين، اي امكانية ان يترشح (ويفوز) الرئيس بوتين في الانتخابات الرئاسية لفترة (2018 ـ 2024) و(2024 ـ 2030). وهذا يعني إعطاء الوقت الكافي لتنفيذ البرنامج الستراتيجي للقيادة البوتينية، الداخلي والخارجي. احتمال تشكيل حكومة وحدة وطنية ثالثا ـ ان حصول حزب "روسيا الموحدة" على اكثر من ثلثي التمثيل النيابي يتيح له بسهولة تشكيل حكومته الحزبية الخالصة. ومع ذلك يرجح الكثير من المراقبين ان الحزب، والرئيس بوتين بالاخص، سيسعيان الى تشكيل حكومة ائتلاف وطني واسعة، تأخذ على عاتقها صياغة وتنفيذ برنامج اعادة بناء وطني شامل وطموح، داخليا وخارجيا. ولى زمن "الدلع" الغربي رابعا ـ خلال السنوات الماضية، ولا سيما في فترة ولاية الرئيس دميتريي ميدفيدييف (رئيس حزب "روسيا الموحدة" ورئيس الوزراء الحالي) انتهجت روسيا سياسة مرنة جدا للتقارب مع الاتحاد الاوروبي وحلف الناتو ودولهما وخاصة مع اميركا التي وقعت روسيا معها اتفاقات لتخفيض التسلح الصاروخي والنووي والجوي. ولكن الكتلة الغربية واجهت هذه السياسة بعكسها تماما، وزادت من استفزاز روسيا ومقاطعتها اقتصاديا والعمل لتطويقها عسكريا بتوسيع حلف الناتو العدواني نحو الشرق وتوسيع صلاحياته لتشمل القيام بعمليات عسكرية خارج اطار الدفاع عن البلدان الاعضاء فيه كما كان ينص نظامه الاساسي، واقامة المنظومة الاميركية المضادة للصواريخ قرب الحدود الروسية، من اجل شل وسائل اللدفاع الروسية، واستخدام العمليات الارهابية الاسلاموية ضد المدنيين الروس. والان اصبح من المتوقع ان توجه روسيا اهتماما اكبر نحو التعاون مع الدول الاسيوية والافريقية والاميركية اللاتينية، وان تواجه بمزيد من الحزم سياسة التوسع والهيمنة الاميركية والناتوية، وسوف تكثف سياسة تطوير وتحديث القوات المسلحة الروسية والتعاون العسكري مع البلدان المعادية للامبريالية الاميركية والصهيونية. التوجه نحو استعادة جميع الاراضي الروسية تاريخيا خامسا ـ سبق للرئيس بوتين ان صرح في اكثر من مناسبة بأن الغاء الاتحاد السوفياتي السابق كان خطأ تاريخيا. علما ان اراضي غالبية "الجمهوريات السوفياتية السابقة" كانت حتى الحرب العالمية الاولى او بعدها اراضي روسية ويعيش فيها الروس الى جانب اتنيات اخرى. وبعد انتصار الثورة الاشتراكية بقيادة البلشفيك سنة 1917، كان هناك طرحان حول مصير المناطق التي تقطنها اتنيات غير روسية: طرح "وطني ـ اممي" كان يقول بمنح كل منطقة ذات طابع اتني معين استقلالا ذاتيا (اوتونومي) داخل روسيا السوفياتية الفيديرالية، وكانت الكنيسة الروسية بشكل خاص، والمؤسسات الاسلامية ـ الاتنية المعتدلة والمتنورة والمعادية للتخلف، تدعم هذا الطرح. وطرح اخر "اكثر اممية" يقول بتوسيع المدى الجغرافي للمناطق الاتنية لتشمل قطاعات مأهولة بالسكان الروس، وتحويل هذه الاراضي الهجينة الى جمهوريات مستقلة انضمت لاحقا الى الاتحاد السوفياتي. وللاسف ان لينين ذاته أيد الطرح الثاني. واثبتت التجربة التاريخية ان القوى الرجعية والشوفينية واجهت بالجحود ونكران الجميل هذا "الكرم" الروسي. والان تحاول جميع القوى الرجعية والشوفينية المعادية لروسيا والروس والمرتبطة بالمصالح والمخابرات الغربية، ان تسعّر العداء ضد روسيا، وان تعمل لاستخدام الحركات الشوفينية لتلك الاتنيات غير الروسية، وخصوصا المنظمات الارهابية الاسلاموية، في تلك البلدان (التي استقلت بعد تفكيك الاتحاد السوفياتي) كقواعد انطلاق للعدوان على الروس وروسيا، على غرار ما جرى في كوسوفو ضد صربيا، وعلى غرار ما جرى في جورجيا واوكرانيا والشيشان وداغستان ضد روسيا، مع ان روسيا الفيديرالية تعاملت مع جميع البلدان السوفياتية السابقة التي اصبحت مستقلة، تعاملا مميزا على كل الاصعدة. ومن المعروف الان انه يوجد الوف وربما عشرات الاف الارهابيين الاسلامويين "المأجورين ـ المتطوعين" من البلدان السوفياتية السابقة، الذين تجمعوا وتم تدريبهم وتسليحهم في تركيا والبلدان الخليجية الداعمة للارهاب، ثم انطلقوا مع المنظمات الارهابية الاسلاموية للقتال في العراق وسوريا وليبيا وسيناء ومصر وغيرها. والآن في حين تقوم روسيا بواجبها الاممي النبيل، الحازم والحاسم، في تصفية مشروع الدولة الاسلاموية الارهابية لداعش واخواتها، في سوريا خاصة، فإنها ـ اي روسيا ـ تخشى من عودة الاف الارهابيين الى بلدانهم الاصلية "السوفياتية السابقة". والدولة الروسية عليها ان تواجه هذه المشكلة بالتعاون الوثيق مع الكنيسة الارثوذوكسية والحكومات الوطنية والمؤسسة الاسلامية الحقيقية المعتدلة في "الجمهوريات الاسلامية ـ السوفياتية السابقة". والان تطرح في الاوساط الوطنية الروسية، بما في ذلك طبعا حزب "روسيا الموحدة"، مسألة ايجاد الاشكال المناسبة والفعالة لاستعادة جميع الاراضي الروسية تاريخيا الى الفيديرالية الروسية، على قاعدة منح الاتنيات غير الروسية "استقلالا ذاتيا" (اوتونومي) واسعا، وتحويل روسيا الى دولة مدنية، ذات اكثرية دينية مزدوجة ارثوذوكسية ـ اسلامية. اعادة رسم واسعة للخريطة الاوراسية سادسا ـ بعد استعادة مدينة سيباستوبول وشبه جزيرة القرم وخلفها بحر ازوف، فإن السيطرة الروسية على شواطئ جورجيا واوكرانيا ورومانيا وبلغاريا هي "على الطريق". لانه اذا كان من حق اميركا (البعيدة عشرات الاف الكيلومترات) ان تقيم قواعد عسكرية وتجسسية على اراضي البلدان المحاذية لروسيا، بحجة "الدفاع عن الامن القومي الاميركي"، فإن من حق روسيا المجاورة لهذه البلدان (والتي سبق ان قدمت عشرات ملايين الشهداء لتحرير اوروبا من النازية، ولمنع وصول قوات هتلر الى اميركا ذاتها واحتلالها)، ـ نقول: انه من حق روسيا ايضا ان تدافع عن "امنها القومي" وان تعالج بكل الطرق السلمية والامنية والحربية سياسة الجحود ونكران الجميل المعادية لروسيا التي ينتهجها حكام تلك البلدان ويخونون مصالح شعوبهم بالذات. القسطنطينية ستعود لاصحابها ومضائق البوسفور والدردنيل ستفتح تماما لروسيا سابعا ـ ان القسطنطينية (اسطنبول) ومضائق البوسفور والدردنيل والقسم الاوروبي من تركيا، هي مناطق يونانية وارثوذوكسية تاريخيا، تماما مثلما هي القدس وفلسطين (كل القدس وكل فلسطين) عربية ـ مسيحية واسلامية. وقد تم تسليم القسطنطينية والمضائق ومحيطهما الى الغزاة العثمانيين في 1453(مثلما تم تسليمهم الاراضي العربية لاحقا في 1516)، بمؤامرة دولية شاركت فيها اليهودية العالمية والفاتيكان والدول الاوروبية الغربية وقسم من طبقة الاغنياء اليونانيين انفسهم (الفاناريوتي) الخونة، الذين كانوا فيما مضى يلتحقون بالامبراطورية الرومانية فأصبحوا اذنابا لليهودية العالمية والفاتيكان والدول الغربية واخيرا للعثمانيين. وباستيلاء العثمانيين على القسطنطينية والمضائق، تم اغلاق البحر الابيض المتوسط والاطلسي واوروبا والشرق الاوسط وافريقيا، امام البحرية الروسية المدنية والحربية. وفي نهاية الحرب العالمية الثانية وقع الخائن ستالين، من وراء ظهر الكنيسة الارثوذوكسية والحزب الشيوعي السوفياتي والشعب الروسي كله، "اتفاقية يالطا" مع القادة الغربيين، وهذه الاتفاقية تعترف بالسيادة الامبريالية (اساسا الاميركية) على ما كان يسمى "العالم الحر!". وقد التزم جميع خلفاء ستالين (حتى يلتسين) باتفاقية يالطا. وبموجب هذه الاتفاقية تم الاعتراف السوفياتي بتقسيم فلسطين واقامة اسرائيل. واجبر ستالين قيادات الاحزاب الشيوعية في اوروبا الشرقية على تسفير اليهود الى اسرائيل والحرب في صفوف الهاغاناه التي كانت تعتبر منظمة مقاومة شعبية يهودية. ولسخرية القدر، فخلال هدنة حرب 1948 ـ 1949، اجبر ستالين رودولف سلانسكي رئيس الحزب الشيوعي التشيكوسلوفاكي على تسليم اسرائيل عددا من الطائرات التشيكية، التي كانت اول طائرات "اسرائيلية" تقصف الجيوش العربية وتعدل كفة الميزان لصالح اسرائيل. وبموجب اتفاقية يالطا ايضا ضمنت تركيا بقاء سيطرتها على القسطنطينية والمضائق، واستمرار خنق روسيا في البحر الاسود، مقابل الانحياز التام لتركيا الى الغرب والانضمام الى حلف الناتو المعادي لروسيا. وبموجب اتفاقية يالطا ايضا تم التعاون الستاليني ـ الغربي لسحق الثورة الدمقراطية الشعبية اليونانية المعادية للغرب، كما تم العزل والتضييق على يوغوسلافيا التيتوية التي عارضت في حينه تقسيم فلسطين وطرحت شعار الوحدة الفيديرالية لشعوب البلقان، وهي الوحدة التي عارضها ستالين عملا باتفاقية يالطا للحفاظ على المصالح الامبريالية الغربية. الان تغيرت الاوضاع تماما. ففي مطلع السنة الجارية انتصرت الاحزاب اليسارية الراديكالية ـ القومية والارثوذوكسية، المعادية للغرب في اليونان. وجاءت نتائج الانتخابات الروسية الاخيرة لتؤكد ان القيادة البوتينية، المدعومة من قبل الغالبية الساحقة للشعب الروسي، اي بما في ذلك احزاب المعارضة الشيوعية والقومية، لا تتقيد باتفاقية يالطا، التي دفنت مع ستالين ويلتسين. ومثلما ان اميركا طرحت (بواسطة "ربيعها العربي" و"دواعشها") مسألة اعادة رسم خريطة الشرق الاوسط الكبير، فإن القسطنطينية (اسطنبول) ومضائق البوسفور والدردنيل هي تاريخيا "مفتاح" الشرق الاوسط من جهة، والبلقان واوروبا من الجهة المقابلة. وان روسيا، مدعومة بالكنيسة الارثوذوكسية في العالم، وبالتعاون مع اليونان وشعوب البلقان والارمن والاكراد والاشوريين والسوريين (اصحاب لواء الاسكندرون السليب)، ومدعومة من قبل الصين وشعوب اسيا وافريقيا واميركا اللاتينية المظلومة، ستطرح حتما موضوع اعادة رسم خريطة تركيا والبلقان واوروبا كلها ايضا، واعادة القسطنطينية وفلسطين والاسكندرون الى اصحابها الشرعيين، وتحويل مضائق البوسفور والدردنيل الى شريان حيوي لروسيا نحو البحر الابيض المتوسط وما ورائه. وسيتم ذلك "بالتفاهم" السلمي او غير السلمي مع تركيا الاردوغانية، او اي "تركيا" اخرى. روسيا طليعة تحرير شعوب العالم وباختصار يمكن القول ان نتائج الانتخابات الروسية الاخيرة فتحت الطريق لتطبيق نهج بوتين للتحديث والتثوير والعسكرة الكاملة لروسيا، ولولادة روسيا جديدة كدولة عظمى، ارثوذوكسية ـ اسلامية، قوية وعادلة، تقف كالطود في وجة الامبريالية الاميركية واليهودية العالمية والماسونية والصليبية الفاتيكانية والداعشية الاسلاموية، وتقود العالم اجمع نحو التآخي والحرية والتقدم لجميع الشعوب. ـــــــــــــــــــــــــــــــــ *كاتب لبناني مستقل
#جورج_حداد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدبلوماسية الاميركية تتدهور امام الدبلوماسية الروسية
-
مفهومان لاهوتي واجتماعي للمسيحية
-
سباق التسلح مع اميركا قضية وطنية عامة لروسيا
-
التحالف الستراتيجي الروسي الإيراني... في العمل!
-
تركيا لن تعرف الاستقرار بعد اليوم
-
الفاشية التركية الى مزبلة التاريخ
-
اميركا ستخسر في كازاخستان أيضا
-
روسيا تحاصر اميركا نوويا وتحقق التفوق العسكري في الحروب الاق
...
-
ناغورني كارباخ: مشروع حرب داعشية جديدة لالهاء روسيا
-
روسيا السلافية الاورثوذوكسية تقلب الجيوستراتيجيا العالمية
-
ازمة مالية جديدة تدق أبواب اميركا
-
الداعشية العثمانية ستسحق كما سحقت النازية
-
العلاقات الروسية التركية على خلفية الصراع في سوريا
-
روسيا ضمانة لعدم تدمير العالم العربي والاسلامي
-
السعودية تغرق في الازمات ولن ينقذها الا روسيا
-
الحرب العالمية الاسلاموية الأميركية ضد روسيا ...ستنقلب على
...
-
صعود الدولة الروسية وأفول الدولة الاوكرانية
-
القيادة البوتينية تتجه نحو العسكرة الكاملة للدولة الروسية
-
روسيا تقلب المواجهة تماما ضد داعش واسيادها
-
كيسينجر ينعى النظام العالمي لاميركا
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|