أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - بخالد بنشانع - راهنية فلسفة جيل دولوز














المزيد.....


راهنية فلسفة جيل دولوز


بخالد بنشانع

الحوار المتمدن-العدد: 5292 - 2016 / 9 / 22 - 21:20
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


راهنية فلسفة جيل دولوز
يعد جيل دولوز من أبرز الوجوه الفلسفية المعاصرة التي شكلت مع كل من ميشال فوكو وفرانسوا ليوتار و فليكس غوتاري وجاك ديريدا دفعة قوية للفكر الفرنسي، لكونها نخبة زاوجت بين التنظير الفلسفي والفكري والممارسة السياسية. فكانت فلسفة جيل دولوز تعبيرا عن واقع فرنسي له انشغالاته ، خاصة تجاوز ما عرف بأزمة الحداثة. لذلك يطرح سؤال أساسي ماجدوى إنجاز دراسات عربية على فلاسفة يختلف واقعهم عن واقعنا؟ وبعبارة أخرى ما راهنية الفكر الغربي وخاصة فلسفة جيل دولوز؟
إن هذا السؤال يستمد مشروعيته الفكرية من كون أن جيل دولوز عالج مواضيع ميتافيزيقية وسياسية وأخلاقية تستجيب للوسط الفكر الفرنسي، الذي كان محاورا مباشرا للفلسفة الوجودية والفينومينولوجية، فقد كان هاجسهما الأساس هو نقد أزمة الحداثة ، المتجلية في هيمنة التقنية على الفكر الغربي مما أدى إلى هيمنت الفكر الأداتي. وسعت فلسفة جيل دولوز بدورها إلى نقد مظاهر العقلانية الديكارتية التي هيمنت على حياة الإنسان ومظاهر السلطوية للدولة، فجعل من فلسفة الاختلاف أفقا لمجاوزة الفكر الأرتودوكسي وحتى الفكر الفلسفي المهادن للسلطة ولرجال الدين، فوجد ضالته في نيتشه الذي أخرجه من مساره، تاريخ الفلسفة، للبحث عن أصالته الفكرية بإبداع مفاهيم تستجيب لمقتضيات الراهن. فكانت فلسفته ثرية بالموضوعات التي عالجها، من ميتافيزيقية كأساس لكل تصوراته، لذلك واصل مهمتها بالبحث عن أسس جديدة كالفن من خلال الفنون الجميلة، الرسم والنحت، والأدب بالخصوص في الرواية ، والسينما . فقدم تصورا يمتاز بجدته في تناول كل القضايا الفكرية والفنية وحتى السياسية بكيفية يبحث فيها عن الالتقاءات وهاجسه الأساس نحث المفهوم ليستجيب للراهن، كما أن سؤال الراهن كان حاضرا بقوة في فلسفة دولوز.
ماذا نقصد بالراهن؟ حسب نيتشه فالراهن ضد اللحظي، بمنا أنه يمثل قرار التاريخ النقدي الذي ينزل على ثقل الماضي و على ثقل الحاضر. فليس الراهن اجترارا للرديء والاستجابة لما هو سائد ورديء، كما هو حال واقع وسائل الاعلام ، بحيث أنه أضحى يغرقنا بتفاصيل اليومي مما أفقد الحياة جاذبيتها، فالكل يعيد تكرار ما ذكرته وسائل الاعلام والكل يعتقد أنه يقدم سبقا صحفيا. فليس الراهن تكرار القول والحدث ، بل إبداع عالم جديد بأسئلة جديدة . الراهن هو نقد الفكر السائد لأجل تأسيس صورة جديدة للفكر تتجاوز الصورة الكلاسيكية التي ترسخت مع الفلسفة الديكارتية. فليس المنهج وازدراء الحواس هما السبيلين لبلوغ الحقيقة، بل إن الحقيقة في حد ذاتها لم تعد غاية الفلسفة والفكر .
وتتمثل راهنية فكر دولوز وفلسفة الاختلاف في تجاوز التصور التقليدي لمفهوم الهوية كتطابق، نحو الهوية كاختلاف أو بعبارة نيتشه عودة المختلف على شتى أنوعه . لذلك لا ينبغي النظر سواء إلى الهوية في بعدها الشخصي أو الاجتماعي كانغلاق على ما هو كائن، بل هي انفتاح على زمن يمثل الصيرورة والتغير، وهذا ما يجعلنا نعيد طرح سؤال الهوية في أفق جديد بعيد عن التصور الرياضي الذي يختزله في التطابق، مما يجعل جل النقاشات السياسية أو الأخلاقية مقتصرة على التصور المنطقي الضيق.
بالإضافة لذلك فإن قراءة دولوز لتاريخ الفلسفة ليس كقارئ يعيد تكرار أفكار الفلاسفة، بل إنها قراءة تبحث في ثناياها عما يجيب عن أسئلة الراهن. وليس تاريخا لصراع الأفكار بالقدر الذي تمكن الفيلسوف من البحث عن الإلتقاءات لاستئناف وإبداع مفاهيم جديدة، لا تتمثل صلاحيتها في التحقق، بل تقديم منظور جديد للحياة. ورفض المنطق الذي يعتبر أن الفلسفة إغريقية أو جرمانية، أي رفض لمبدأ البداية وإعلان أن الوسط هو ما يؤسس لتاريخ الفلسفة، فكل فلسفة مسبوقة بافتراضات تجعل منهامشتركا إنسانيا0
كما عالجت فلسفة دولوز موضوعات الفن، الذي يعبر عند جيل دولوز عن الحياة. إن المبدع هو القادر على تشخيص الأعراض وإبداع الإحساس . وتمثل تجربة الفنان تجربة إنسانية بما تمتاز بمقدار من النضج والتشخيص، تشخيص أعراض الإنسان. وقد تجاوز تصور جيل دولوز للفن التصور الكنطي الذي ينظر للفن كتجربة ذاتية لا تعبر عن مضمون، بل إن الفن يعبر عن تصور الفنان للوجود. لذلك فالفن ليس مجرد ترف معرفي، بل يمثل حاجة إيتقية للمجتمع تمكن الفنان من تقديم أفكاره إما بالصورة أو الألوان أو الكلمات، بالإضافة إلى أنه يقدم رؤية جمالية للوجود ترقى بالحس الجمالي ليؤثر في البعد الأخلاقي. وقدرة الفن حسب دولوز هو إبداع الجديد. وقد تناول دولوز مجالات متعددة في الفن ، السينما والرواية والرسم والنحت، في دراسته لأجل مفهمة هذه المجالات. ومؤكدا في الآن ذاته أن الفكر المعاصر لا يجب أن يضع حدود بين مجالات المعرفة والفن، فهي جميعها تنخرط في الصيرورة.
إننا فعلا أمام فيلسوف، قد يصعب قراءته لتداخل اهتماماته الفكرية، لكن فكره يظل راهنييا لا لكونه يجيب بكيفية مباشرة عن كل إشكالات العالم، لكنه يقدم كيفيات جديدة للتخلص من عبأ الصورة الكلاسيكية التي هيمنت على الفكر الإنساني والانفتاح على الممكن بإبداع صورة جديدة للفكر تستجيب للرهن. وهنا تكمن ضرورة تقديم دراسات عربية عن هذا الفيلسوف وعن الفكر الغربي رغم اختلاف السياق وشروط إنتاج الفكر.
إن عالمنا العربي في حاجة ماسة إلى هذه المساحات المضيئة في التاريخ الإنساني لا لمجرد استنساخها، بل للبحث عن إمكانات الفكر في تخوم عديدة تعين النخبة المثقفة على شحذ آلياتها الفكرية وتجاوز التقليد الأعمى. ويقتضي ذلك تحيين المناهج الفكرية والنظريات لتستجيب لراهننا، الغارق في إشاعة الخطابات السطحية والمبتذلة والمساهمة في تغليب خطابات الكراهية والتعصب، والمحتقرة للفكر النقدي.



#بخالد_بنشانع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أمريكا.. الكشف عن صور جديدة لشمس الدين جبار قبل وقوع هجوم ني ...
- سلطات كوريا الجنوبية تنفذ مذكرة توقيف بحق الرئيس المعزول، وا ...
- مفاوضات غزة.. المحادثات مستمرة وشرطان جديدان لإسرائيل
- -إف بي آي-: لا صلة بين حادث نيو أورليانز وانفجار لاس فيغاس
- فيديو: تحطم طائرة على سطح مبنى بأميركا يخلّف قتيلين ومصابين ...
- غارات إسرائيلية على مناطق في غزة توقع قتلى وجرحى
- روما وطهران تتبادلان استدعاء السفيرين إثر توقيف صحفية إيطالي ...
- نتنياهو يوافق على إرسال مفاوضين إلى قطر لاستئناف المفاوضات ح ...
- مصر.. وزارة الداخلية تكشف حقيقة ما أظهره مقطع فيديو لـ-سقوط ...
- نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور حسام أبو صفية تتضاعف


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - بخالد بنشانع - راهنية فلسفة جيل دولوز