حذام الودغيري
(Hadam Oudghiri)
الحوار المتمدن-العدد: 5287 - 2016 / 9 / 17 - 14:45
المحور:
الادب والفن
الساعة
يقرأ الصّينيّون الساعة في أحداق القِطط.
ذات يوم، انتبه أحد المبشِّرين، متنزّهاً في ضاحية "نانكان"، أنّه نسيَ ساعته، فسأل طفلا صغيرا عن الوقت.
تردّد ابنُ الإمبراطورية السماوية قليلا، ثم نطق: "سوف أخبرك ". وما هي إلا لحظاتُ حتى عاد الصبيّ حاملا بين ذراعيه هِرّا ضخما. حدّق في بياضِ عينيه، ثم جَزَم : " لم تحنِ الظهيرة بعد". وكان على صواب.
أمّا أنا، فعندما أنحني على الجميلة السنّورِيّة ـ أبهى مُسمّاةِ، فخَر النّساء، زهوَ قلبي وأريج َعقلي ـ، في الليل أو في النهار، في النور الصاخب أو في الظلمة المعتمة؛ فإنني، في عمق عينيها الفاتنتين المعبودتين، دوماً أبصرُ الساعةَ بجلاء، دَوْماً نفسَ الساعة الرحبة، المهيبة، الواسعة مثل الفضاء، بلا أقسام الدقائق والثواني، ساعَةً رشيقةً كالنَّفَس، سريعةً كطرْفِ البصر.
وإذا ما أزعجني لحوحٌ فيما يستريح ناظري فوق هذه المِزولة الشهية، إذا ما داهمني عفريت لئيمٌ متعصّب، أو شيطانُ نكساتٍ، وسألني " إلى ماذا تنظر بكل عناية، عمّ تبحث في عينيْ هذا الكائن؟ أتقرأ فيهما الساعة أيها السفيه ُالفاني الخامل؟
سأجيبه بدون حيرة: "أجل، أقرأ الساعة، إنه الخلود! "
أوَليست هذه القصيدة، سيدتي، خليقة بك وبفخامتك؟ إلاّ أنّني طرّزتُ هذه الغزليّة الطموحة بمتعة فائقة، أغنتني عن ترقّب أي جزاء منكِ.
L horloge ( Charles Baudelaire)
#حذام_الودغيري (هاشتاغ)
Hadam_Oudghiri#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟