أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نوري العلي - حكاية من اليوم الاسود














المزيد.....

حكاية من اليوم الاسود


نوري العلي

الحوار المتمدن-العدد: 389 - 2003 / 2 / 6 - 03:23
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


                                 
                                     لم يعودوا
                             حكاية من اليوم الاسود


صباح يوم الجمعة الاسود 8 شباط 1963, شأني شأن كل موظفي الدولة , ان أتأخر  في النوم , خاصة ان كانت الجمعة  من ايـام شـهر رمضـان المبــارك ... كنت في لحظات من النوم و الاستيقاظ الصباحية... بين الحلم و اليقضة ... مع كابوس يقض مضجعي و يثقل علي انفاسي ... صوت امي... ضاع كل شيء ... راح كل شيء...سنصبح شذر مذر ... لقد عملوها ابناء الحرام ...

لم يكن حلما , بل صوتهـا فعــلاً ...

خرجت الى رأس الشارع مع  جارنا و ابناءه, وهم عائلة من الاخوة الفلسطينين مع بعض سكان شارعنا . مرت امامنا في الشارع الرئيسي جموع حاشدة من المتظاهرين تهتف بحياة الزعيم عبد الكريم قاسم وبسقوط الخونة المتآمرين... صباح اليوم التالي كان جارنا من ( الاخوة ) الفلسطينين هو وابناءه قد انضموا الى الحرس القومي و باشروا مهامهم مع ( اخوتهم) القوميين والبعثيين تجاه النجباء من ابناء العراق.

بتاريخ 10شباط 1963 و انا اعمل في دائرتي صباحاً , جاءت مفرزة من شرطة الامن حيث اقتادتني بسيارة كاز روسية الى دائرة الامن , عند باب هذه الدائرة تجمع مئات من القوميين والبعثيين , وعند توقف السيارة كي يفسح لها المتجمعون ممرا للولوج الى الداخل... اخرجتني الجموع من السيارة وانهالت عليّ بالضرب ... لم اع بعدها ما الذي حصل ...  بعد الظهر عاد لي الوعي وانا ملقى تحت احد المناضد الخشبية في غرفة مدير الامن الذي ساعدني على الجلوس مبديا تعاطفه معي ... عند المساء نقلت الى اسطبل خيول وبغال مع مئة من المعتقلين ... المكان يتسع اساسا لعشرة  رؤوس من الخيول او البغال , ولاتتوفر فيه دورة مياه , سوى صفيحة مركونه في الزاوية... كان المكان ضيق لايسمح سوى للوقوف , بقينا على هذا الحال الى الصباح حيث نقلنا الى بناية لسجن قديم جدا , ولكن يحتوى على كافة المرافق الضرورية ....

بعد منتصف ليلة  18 شباط  تم استدعاء مجموعة منا , حيث طُلب منهم ارتداء ملابسهم للذهاب خارج السجن , عند الفجر عاد قسم منهم , و تخلف آخرون  , العائدون كانوا في حالة يرثى لها , من الآلام التي يعانون منها , بسبب من التعذيب الذي مارسته معهم لجنة تحقيق مدنية , من البعثيين والقوميين في دائرة الامن ... استمرت عملية التحقيق كل ليلة , وكل ليلة يتخلف البعض و يعود الاخرون بالامهم و اوجاعهم , رغم انتهاء التحقيق بعد عدة أيام مع كافة الموقوفين , الا انه لم يعد ممن لم  يعودوا من التحقيق الى السجن في تلك الليالي  .... ورغم انقضاء اربعون عـاما لم يعـد اي من منهم .... وبعد ان اصبح الشعب العراقي شذر مذر ,كما توقع عبد الكريم قاسم في خطابه بعيد شفاءه من اصابته اثناء محاولة اغتياله , في العملية الارهابية التي شارك فيها رئيس جمهورية العراق الحالي صدام حسين ,  هنا في اوربا علمت انه بعد سقوط سلطة البعث الاولى في 18 تشرين 1963 , عُثر على مقابر جماعية , باجساد ادمية  متحللة بملابسها الكاملة  ... اولئك من كنا ننتظرهم , ممن لم يعـودوا في تلك الليـالي  الرمضانية البعيــدة  القريبـــة , لانهم  اخذوا للتحقيق كي لا يعودوا...
رحم الله عبد الكريم قاسم وكل الذين ذهبوا  ولم يعودوا...

                                              
                                                                     نوري العلي / كوبنهاكن


         



#نوري_العلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فقراء عبد الكريم قاسم والقمر - 2
- فقراء عبد الكريم قاسم والقمر
- أهداف الجامعة ليست كأهداف أمانة العاصمة
- الكويت والأراضي والمياه الإقليمية العراقية
- الأمم المتحدة وعلي بن أبى طالب-ع
- زيزون و شارون و صدام حسين
- شيء عن المعدان
- كاليري ملون
- الرؤى الجديدة
- حقوق شهداء القصف الكيماوي
- -مكتوب- كاكا حه مه
- القراءة الخاطئة
- ما يجمع ويفرق بين العراق و سويسرا ويوغسلافيا
- اليورانيوم المنضب وجرائم السلطة


المزيد.....




- سلطنة عُمان: مقتل 6 أشخاص و3 مسلحين خلال إطلاق النار في الوا ...
- السودان: هل يبدو المشهد متناقضا بين مؤتمرات السلام وحدة المع ...
- # اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
- ارتفاع حصيلة قتلى هجوم مسجد عمان إلى 6 بينهم شرطي
- عاجل| مراسل الجزيرة: 23 شهيدا وعشرات الجرحى بينهم نساء وأطفا ...
- 9 قتلى بهجوم -مجلس العزاء-.. تفاصيل جديدة عن الحادث الصادم ف ...
- روسيا.. تدمير 13 مسيرة فوق عدة مناطق
- بايدن يؤكد عزمه على مناظرة ترامب مجدداً -في سبتمبر-
- مصدر: انشقاق دبلوماسي كوري شمالي إلى كوريا الجنوبية
- اليوم 284.. قتلى وجرحى بقصف مناطق في القطاع ومقتل شاب بالضفة ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نوري العلي - حكاية من اليوم الاسود