|
إختلالٌ مُخزٍ في توزيع الثَروة
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 5285 - 2016 / 9 / 14 - 17:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قبل العيد ، بأيام ، لاحظتُ عند تجّولي في الأسواق والمولات ، بأن الإزدحام شديد ، وأن هنالك حركة تَسّوُق جّيدة ، للملابس والحلويات وبضائع العيد .. رُبّما تكون أقل قليلاً مُقارنةً مع السنوات السابقة ، لكنها على أية حال ، لا تعكس واقع ( الأزمة المالية الخانقة ) التي يمُر بها الأقليم وشعب الأقليم . فمن ناحِية ، أينما توجهتُ " في المُحيط الذي أتحركُ ضمنه ، على الأقل " ، هنالك شكاويٍ مريرة ، من العَوز والحاجة والجيوب الفارغة ، وعلامات الفاقة واضحة على مُحيا أغلبية الناس ، والتذمُرُ بادٍ على الوجوه المُتعَبة . ومن ناحيةٍ أخرى ، فأن الأسواق والمولات ، مليئةٌ بالمتبضعين ، والكازينوهات والمقاهي مُكتظةٌ بالرواد .. فَمَنْ هُم يا ترى ، الفِئة الأولى ، أي المُتذمرين ذوي الجيوب الفارغة ؟ ومَنْ هُم ، الفِئة الثانية ، أي المُرتاحين ذوي الجيوب العامِرة ؟ * أعتقد ، بأن أكثر من نصف شعب أقليم كردستان ، هُم من الفِئة الأولى ، الذين إعتمادهم على " الراتِب " .. الراتِب الذي تبهدَلَ مُؤخَراً وأصبحَ حُلماً بعيد المَنال ! . فعدا عن حجب الراتب لعدة أشهُر ، في السنة الماضية ، فأن الحكومة دفعتْ خلال الثمانية أشهُر من 2016 ، حوالي ال 40% فقط ، من الراتب ، كُل أربعين أو خمسين يوماً ، وليس كُل ثلاثين يوماً . ولهذا فأن أكثر المُتضررين هُم : العوائِل التي تعتمد على راتبٍ واحدٍ للأب أو الأُم ، وليس عندهم موردٌ آخَر . وكذلك آلاف الذين يسكنون في دُورٍ أو شُققٍ مُؤَجَرة . والمتقاعدين وذوي الإحتياجات الخاصة ، والعوائل الكبيرة الذين بينهم مرضى مُزمنين . إضافةً إلى عُمال البناء والخدمات وأصحاب المصالح الخاصة الصغيرة ، الذين توقفتْ أعمالهم نتيجة الأزمة المالية أولاً وبسبب مُزاحمة اللاجئين السوريين والنازحين ، لهم . كُل هُؤلاء ، غَدَتْ جيوبهم فارغة ، ولا يستطيعون تلبية جزءٍ مُهم من إحتياجاتهم الضرورية . لا تتوفَر عندي إحصائيات دقيقة ، لكني أعتقد أن نسبة هؤلاء جميعاً ، أي الفِئة الأولى ، المُفلِسة ، تتراوح بين 45-55% من نفوس الأقليم . * من [ إنجازات !؟ ] الحزبَين الحاكمَين خلال العشرين عاماً الماضية ، تنافُسهم الشديد على كسب المُؤيدين والمُطبلين لهما ، عن طريق تعيينهم في وظائِف شكلية ، أو " تكريمهم " بِرُتَبٍ عسكرية أو أمنية ، مُزّيفة ، ومتقاعدين اُحيلوا على التقاعُد من دون خدمة فعلية ، أو صرف راتبَين وحتى ثلاثة وأربعة ، تحت عناوين مُراوِغة ، من قبيل : البيشمركة الرُواد / سُجناء سياسيين / خدمة جهادية / إحتساب سنين مُزورة للتقاعُد / دَرج أسماء وهمية في قوائم الرواتب .... الخ . معظم هؤلاء ، من الكوادر الوسطى من الحزبَين الحاكمَين [ وهنالك القليل من كوادر الأحزاب الأخرى أيضاً ] ، المُستفيدين من التوزيع الفاسد للموارد والإدارة السيئة للحزبَين الحاكمَين ... هؤلاء لم يتضرروا كثيراً من الأزمة المالية ، فلكل منهم أما بعض المصالح التجارية الصغيرة والمتوسطة ، أو يزاول عملاً خاصاً ، إلى جانب إستلامه لراتبٍ أوأكثر . أعتقد ان نسبة هؤلاء تتراوح بين 25-35% من مجموع النفوس . أنهم الجُزء السُفلي من الفِئة الثانية . * هناك على حد قَول إخواننا المصريين ، مَنْ يُسّمى ب ( إبن المحظوظة ) .. فعندنا هُنا العديد من أبناء المحظوظة . فإذا كان كِبار مسؤولي الحزبَين الحاكمَين ، هُم الأصحاب الفعليين للشركات التجارية والإتصالاتية والخدمية والإنشائية ، الإحتكارية العملاقة في الأقليم ، فأن بطاناتهم وخدمهم وحشمهم وأتباعهم ، يمتلكون شركات كبيرة في مُختلف مناحي الحياة الإقتصادية وعقاراتٍ وأراضٍ ، وأصبحوا أيضاً يمتلكون أموالاً طائلة ، وتحولوا إلى مليونيرات ، خلال عقدٍ من السنين فقط . " أبناء المحظوظةِ " هؤلاء ، هُم الجزء الأعلى من الفئة الثانية ... أنهم يعيشون في " دُنيا " اُخرى مُختلفة ، ولا تمُسهُم الأزمة المالية لا من قريب ولا من بعيد . أعتقد ان نسبة هؤلاء تترواح بين 4-7% من السُكان . * هنالك قسمٌ من المقيمين في الأقليم ، من النازحين من الأنبار وصلاح الدين وديالى ولا سيما نينوى . الآلاف من هؤلاء موظفون او معلمون ، يستلمون رواتبهم من الحكومة الإتحادية في بغداد " رواتبهم كاملة وفي مواعيدها المُقرَرة " . إضافةً إلى وفود العديد من النازحين الأثرياء أصلاً ، من تلك المحافظات . معظم هؤلاء ، أحوالهم المعيشية جيدة ، لاسيما مُقارنةً ، مع الفئة الأولى المسحوقة . أعتقد ان نسبة النازحين المُرفهين [ نسبياً ] تتراوح بين 2-3% من النفوس . ...................... أرى ان الصورة أعلاه ، توّضِح شيئاً ما ، الإختلال المُخزي في توزيع الثروة ، واللاعدالة المُفرطة في تكدُس الأموال عند القِلّة ، وحرمان الأكثرِية .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصيرُ آلاف - الخديجات - في أعناقكُم
-
بين الواقِع والطموح
-
قَد تكون صحيحة
-
أردوغان .. الجيش وجرابلُس
-
- حَبيب ألْبي -
-
كبابٌ إيراني
-
الملف الكردي في مباحثات بوتين / أردوغان
-
بوتين .. والعَولمة المتوحِشة
-
هل ثّمة أمل ؟
-
كافكا .. وأشياء أخرى
-
غِطاء القِدْر
-
خُدَيدا
-
الوشائِج التي تجمعنا
-
مناخ أوروبا لا يُساعِدُ على الكِتابة
-
فُلان الفُلاني .. إنسانٌ طّيِب
-
على سبيل الإحتياط
-
التوقيت المناسِب
-
الضمير
-
بريطانيا تتحّرر من - الإستعمار - الأوروبي
-
كما هو ظاهِر .. كما هو حاصِل
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|