أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الحقية والرأي ومديات مفهوم التجربة بينهما














المزيد.....


الحقية والرأي ومديات مفهوم التجربة بينهما


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5279 - 2016 / 9 / 8 - 01:37
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يقول المفكر والفيلسوف الأجتماعي (غاستون باشلار) "الرأي عائق أمام الحقيقة".. في هذه الجزيئية من الفكر الأجتماعي هناك حقيقة يجب إدراكه والعمل عليها، ومفادها ضرورة الفصل بين الحقيقة كقيمة عليا منفصلة عن موضوع خارجي عنها، أو هي مقياس أساسي لقيم يمكن بلورتها من خلال معرفة وإدراك ماهية الحقيقة ذاتها، وبين الرأي كأطروحة قابلة لكل وجوه القياس لكنها تبقى في حدود وجودها التكويني ذاتي المنشأ، الحقيقة إذن لا تقبل أن تستوعب كل رأي ككل واحد والرأي لا يمكنه أن يجزم بحقيقة الحقيقة دون أن تكون مقيسه ومعيره وفق قانون صارم يخضه هو لها، إذا طرح الرأي على أنه وجه للحقيقة أو شكل من أشكالها دون أن يخضع للمعيارية التي عرفت بها الحقيقة من قبل، هو من يعرقل تبلور الأخيرة كواقع معلوم قادر على أن يكون دلالة حدية لا تخضع للتقلبات الأعتباطية والفهم الشخصي في كل مرة، وتبقى جهود الكشف عنها تصطدم بالرأي خاصة الجزء المسنود بأس القداسة أو بسجن التحريم.
لا أحد يمكنه أن يحتكر الحقيقة ولا من رأي جاد وواقعي ويسعفه المنطق المتعقل يمكنه أن يتجرأ وينسب لنفسه الحقيقة او أمتلاكها، أو القدرة على تحريكها بالصورة التي يطرحها مثلا الفكر المطلق عندما يطرح الحقائق الوجودية للواقع ويطلب من العقل الإنساني امتحانها، يقول ليبنتز: معيار الحقيقة هو البرهان والمنطق معيار صدق الأفكار هو بعدها المنطقي، فالأفكار الحقيقية هي الأفكار التي تخضع للبرهنة والإستدلال المنطقي، من هنا يتجلى التفريق بين الحقيقة كتجربة تتحلى بقابلية البرهان والتحقق وبين الرأي الذي هو أما أفتراض أولي أو أحتمالي وبالتالي عليه أن يخضع للتجربة والبرهان ليكون حقيقة ولكن ليس بصيغة الرأي الفردي أو الذاتي.
لذا يجب علينا عدم قبول صدق فكرة ما (رأي) دون البرهنة على صحتها بشكل منطقي وواقعي فقط عن طريق الاكتفاء بدرجة معينة من الاحتمال الظني المبني على الثقة بالذات، فكثيرا مما يعد حقائق شخصية وإن كانت مبرهنة سابقا على أنها كذلك سيتسلل لها الضعف والهوان بعد حين، حين لا يتابع الوعي مساراتها معتمدا على حصانة الحقيقة بذاتها، وهنا مثلا كثيرا ما أطاحت الأراء بالحقيقة قيمتها أعتمادا على أن الحقيقة لا يمكنها أن تزيف ونحن في غياب عن متابعة ما يجري من تبدلات وتحولات أحيانا جذرية في وعينا المباشر ووعينا العميق بها وبكل المنظومة المعرفية ومنها الحقيقة كتجربة وقيمة ومصداق.
إذن أستخدام الرأي وربطه بالحقيقة هو تخريب للنظام المعرفي المنطقي والذي هو جزء من النظام الطبيعي المفترض أن يكون بديهيا هو الحاكم أو ما يسميه البعض (الحق)، فالحق هو المنظومة التي يعجز العقل أن يتخطاها في كل مرة للبحث عن بديل لها، فهي النتيجة التي لا بد أن تكون خلاصة التوافق بين البرهان العلمي والعملي مع اليقين التام بسلامة اليقين، كل نظرية لا تنتهي عند أعلى درجات اليقين في البرهنة والأفتراض تكون حقيقة نسبية وتقتربي بدرجة ما من الحق، ولكنها لا يمكن أن تكون الحق ذاتها إلا أن تتحول إلى مطلق ثابت لا يمكن تغييره أو تجاوزه، لذا فالحق هي القيمة الأكبر من قدرة الحقائق النسبية أن تتطابق معها ناهيك عن عن أستحالة أن يكون الرأي الغير خاضع للتجربة والبرهان يمثل الحق أو أن الحق يمثله بدرجة أو بأخرى.
من هنا يقول الفيلسوف المعاصر كيير كجار (قيمة الحقيقة تتمثل في كونها غاية وفضيلة) فهو يرى في الحقيقة غاية كبرى في ذاتها عندما تعبر عن طبيعية الأشياء ومنطقية كونها خارج الموضوع المحمول والمعبر عنه مثلا بالرأي، أي بصيغة أخرى أنها قيمة أخلاقية يسعى الإنسان إلى بلوغها من دون التفكير في جانبها المادي ومردوديتها كحساب متعلق بنا أو بالواقع، هذا التقييم يعني أن للحقيقة طريق يجب أن نبلغه ونتبعه بمنهجية تتناسب مع القيمة الروحية لها، بهذا تتحول الحقيقة إلى فضيلة كبرى تحمل بعدا أخلاقيا يسعى الكل لها في ذاتها وبعيدا عن أي خارج موضوعي مضاف أو معلق بنا أو بالواقع أيضا وعن أي منفعة مبتغاة من ورائها، وما دامت هذه الحقائق غير قابلة للتعلم التلقائي ومن دون خوض تجربة فهي تبقى بالوضع الطبيعي وكأنها غير موجودة، ونهاية مقولته {نحن نسعى للبحث عن الحقيقة ما دام لزاما علينا تعلمها}.
الحقيقة إذا مكتسبة وقابلة للاكتشاف وهي أصلا مغيبة بفعل قصور البحث عنها، ولكنها ليست غيبية ولا خارج واقعية الوجود ولا من خصائصا أنها سهلة النوال لمجرد الرغبة، فالحقيقيون هم أصحاب العقل التجريبي المنطقي الذين لا يقبلون بالبديهيات أن تكون قوانين، ولا يمكنهم من جهة أخرى الوقوف على أطلال الفكرة القديمة للحقيقة لأنها بالأصل قيمة متحركة تجري في فضاء الكشف وتنال بقوانين العلم التجريبي حتى ما يسمى بالحقائق المثالية أو المعنوية وإن كنت لا أؤمن بها كليا لكنها قياسا للمعنى تحتاج إلى إثبات يقيني.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا ننحاز للعقل ونتهمه دوما بالتقصير
- الأقتصاد الريعي والمدنية الأجتماعية.
- الدين الإنساني اليوم بين اتقليد والتجديد
- مذكرات رجل ... كان ح4
- مذكرات رجل ... كان ح3
- مذكرات رجل ... كان ح2
- مذكرات رجل ... كان ح1
- مديح الحروف المسافرة .... لك أنت وحدك يكون المديح فرضا
- جرائم السلطة وجرائم السياسيين
- الياسمين ينزع لونه ليوزعه عشقا للناس _ دراسة نقدية لشعر السي ...
- وهم المرجعيات وسقوط نظرية الطاعة الولائية لرجل الدين
- الفيس بووك وحياتنا الأجتماعية ... أزمة أم حل؟
- مفهوم الدين وحقيقة الديانة
- قصص شعريه
- حوار حاد في خرم الرأس _ قصة قصيرة
- قراءة نقدية فقهية وقانونية في محتويات قانون العفو الذي تم ال ...
- قراءة نقدية فقهية وقانونية في محتويات قانون العفو الذي تم ال ...
- الواقع العربي اليوم وقبل ربيعه الأسود ح2
- الواقع العربي اليوم وقبل ربيعه الأسود ح1
- ظهور الإسلام السياسي هو أزمة دين أم أزمة سياسة؟.ح2


المزيد.....




- العقل المدبر وراء -ديب سيك-: من هو ليانج وينفينج؟
- بانتظار قرارات القضاء.. البحرية الإيطالية تنقل إلى ألبانيا 4 ...
- احتجاجات حاشدة في دالاس ضد سياسات ترامب للهجرة وترحيل الأسر ...
- العراق.. الأمين العام لمنظمة -بدر- يعلق على إقالة رئيس هيئة ...
- رويترز: صور تظهر تشييد الصين منشأة كبيرة للأبحاث النووية
- مجلس الشيوخ الأمريكي يعرقل مشروع قانون لفرض عقوبات على الجنا ...
- انفجار في سفينة حاويات في البحر الأحمر
- إعلام إسرائيلي يكشف عن وعد -حماس- لأسرتي البرغوثي وسعدات
- رئيسة الحكومة الإيطالية تخضع للتحقيق القضائي بعد قرار الإفرا ...
- مصر.. الجامعات تحسم مصير طلاب المنح الأمريكية بعد تعليق إدار ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الحقية والرأي ومديات مفهوم التجربة بينهما