أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ناهده محمد علي - جيل الملاجيء














المزيد.....

جيل الملاجيء


ناهده محمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 5277 - 2016 / 9 / 6 - 17:57
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن حصيلة النكوص الحضاري للأمة العربية هو خروج الكثير من أفراد المجتمع العربي من بيوتهم وإلى العراء ، لا كما كان العربي سابقاً يخرج بحثاً عن الماء والكلأ بل يخرج هنا بحثاً عن الطمأنينة وخاصة النساء والأطفال ، وقد تجرف السيول الأطفال لوحدهم فيهرولون لا يلوون على شيء ، وقد يبيتون في العراء لزمن طويل ، ولا فرق هنا أن تمطر السماء عليهم مطراً أو عرقاً ، أن تعوي الذئاب من حولهم أو يدغدغ هديل الحمام أسماعهم ، أن يجدوا ما يأكلونه على بساط الأرض اليابس أو أن يعضوا وهم جوعى على أطراف أثوابهم .
قد يفرق الهلع ما بين الأطفال وأمهاتهم فلا يجدون غير الملاجيء المهلهلة الباردة يأتون إليها من كل صوب ، يأتون إليها من بغداد ومن الموصل وكركوك والرمادي والفلوجة ومن حلب وحماه وحمص ، من مدن ليبية وتونسية وسودانية ، من فلسطين ولبنان وجنوب تركيا ، لا يجمعهم معاً سوى الرعب والهلع والحزن الطفولي الشارد الذي لا يعلم أين هو ولِمَ هو هنا . يختفي بعض الصبية منهم ، البعض يقول أنهم قد ماتوا في البرد القارص والبعض يعلم أنه قد جاء من يقتنصهم ويذهب بهم إلى البعيد ، ظهر أحدهم وهو في الرابعة عشر من عمره يحمل حزاماً ناسفاً في مدينة كركوك وظهر العديد منهم في معسكرات تدريب الأطفال من قِبل داعش في الموصل . مات العديد من الرضع وحديثي الولادة في هذه الملاجيء ، ولم يكن حزن الأمهات قاصراً على فقدان أطفالهم بل تعدى ذلك إلى خوفهم على أولادهم الصبية من أن يلتحقوا بالعصابات الغازية والتي تغزوا البيوت والمحلات ، ويُستهدف هؤلاء من قِبل قادة هذه العصابات لإستبعادهم عن مجال الشك والريبة من قبل السلطات الأمنية .
هناك فوارق جسيمة ما بين اللعبة السياسية الوسخة وما بين الواعز الإنساني النبيل ، فلِمَ يوضع طفل صغير مثل الطفل السوري ( عمران ) على كرسي الإعتراف لكي تصوره الفضائيات ولكي يتقاذفه السياسيون ويرجم به بعضهم بعضاً ، ولا فرق هنا أن يكون فوق رأس هذا الطفل أطنان من التراب والفزع والدم ، ولا فرق أن يكون الطفل واجماً لا يقوى على أن يقول للمصورين لِمَ أنا هنا ولِمَ تصورون ولِمَ أقبرتموني ، ولِمَ تخرجون ، لم يكن يستطيع السؤال ولم يكن يتوقع الجواب ، فالكل لاه في سبقه الصحفي ، والكل لاه في سبقه السياسي ، ولا مشكلة لديهم في كدمات الطفل أو دمائه الجارية .
يتعلم الطفل هنا أن يكون قاتلاً أو مقتولاً وأن عدوه الحقيقي هو الحضارة الإنسانية ، فقد يظهر في أي موقع حضاري ، وقد يظهر في أنقرة أو في بروكسل أو في باريس أو لندن أو في أي دولة عربية ، كما يُسخر العشرات منهم في تفجيرات بغداد .
إن من خلال ملاحظتي لوجوه هؤلاء الأطفال لا أجد فيهم تخلفاً عقلياً أو جنوناً وراثياِ أو مكتسباً ، بل أجد ما بين أعينهم الكثير من الهالات السوداء والتي تعتبر أول علامات التعاطي للمخدرات ، أو الـ ( كبسلة ) كما هو شائع . من هنا نستنتج بأننا نقحم أطفال المستقبل في ماضينا ونجعل ماضينا هو مستقبلنا وعلى هذا الأساس أيضاً لا يبقى لدينا حاضر ولا مستقبل ، لأننا الحاضر وهم المستقبل ، وكلانا ندور في محرقة الإرهاب والتخلف السياسي والإجتماعي .



#ناهده_محمد_علي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لا يتخلص العرب المحدثون من سيف تأبط شراً .
- دور الإعلام العربي في تشكيل شخصية الفرد العربي ( 2 - 2 )
- دور الإعلام العربي في تشكيل شخصية الفرد العربي ( 1 - 2 )
- رسالة إلى الله من طفل محترق
- إزدياد ظاهرة العنف ضد المرأة بعد الربيع العربي
- هل يصبح التوحد ظاهرة عامة لدى الأطفال العرب
- حوارية عن الوطن والأدب
- ماذا تفعل أفلام ال Action العربية بالشباب العربي
- هل ينقلب الربيع العربي في العراق إلى خريف
- المرأة والعهر الإجتماعي والعهر السياسي
- حينما يفقد الفرد المسلم حسه الإنساني
- هل تعشق المرأة العربية واقعها أم خيالها
- طيور بلا أجنحة ( 3 )
- طيور بلا أجنحة ( 2 )
- طيور بلا أجنحة ( 1 )
- الفكر الذكوري في الفلم الأفغاني ( أُسامة ) .
- ماذا فعلتم بشباب العراق
- النرجسية والعرب
- البقاء للأقوى أم للأصلح لدى المسلمين
- الزهايمر المرضي - السياسي


المزيد.....




- بعد لقاء السوداني والشرع، ما دلالات ذلك بالنسبة للعراق وسوري ...
- هجمات الحوثيين في البحر الأحمر تُكبد قناة السويس خسائر بـ6 م ...
- اليمن.. الحوثيون يعلنون ارتفاع حصيلة قتلى الغارات الأمريكية ...
- قاضية أمريكية تعلق العمل بخطط إدارة ترامب لتنفيذ عمليات التس ...
- الأمين العام لحزب الله: نزع سلاحنا بالقوة خدمة للعدو الإسرائ ...
- دعاوى جنائية ضد المتورطين في تزوير ملفات الجنسية الليبية
- -واشنطن بوست-: روبيو ووالتز يؤيدان تدمير القدرات النووية الإ ...
- ترامب لا يستبعد وقف المساعدات العسكرية لأوكرانيا
- انكشف أمرها بعد 16 عاما.. إسبانية تدعي فقدان القدرة على الكل ...
- -تشرنوبيل الصامتة-.. كارثة جيولوجية نادرة في بحر آرال!


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ناهده محمد علي - جيل الملاجيء